oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

سياسة مستقلة عمادها التكامل الإنساني

16 فبراير 2019
16 فبراير 2019

منذ فجر النهضة العُمانية الحديثة في مطلع السبعينات أسس جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – لسياسة خارجية واضحة الملامح عمادها تكامل المصالح ما بين الداخل والخارج، وأن التعاون بين الجميع والاحترام والقيم الإنسانية السمحة، هي ما يقود إلى الأمان والاستقرار والسلم على المستويين الإقليمي والدولي.

في منتصف السبعينات وتحديدًا في عام 1976 كانت السلطنة سباقة في الدعوة إلى بناء منظومة للأمن الإقليمي في المنطقة، هذه الدعوة التي ربما لم تدرك أو تفهم أهميتها إلا لاحقًا، من حيث النظرة إلى أمور السلم والتعاون المثمر وغيرها من المسائل التي لاتزال إلى اليوم وبعد مرور ما يقارب خمسة عقود تكاد تشغل الدول سواء على مستوى المنطقة أو العالم بشكل عام.

بنت السلطنة سياسة عمادها الدعوة إلى عالم يسوده التعاون الإنساني القائم على تبادل المصالح الاقتصادية والتجارية، بحيث أن المال يشكل المدخل إلى السلام والتعايش بين البشر، بدلًا من أن يكون سببًا للتفرقة والتشرذم والحروب، وأن الاقتصاد يمكن أن يكون لافتة عريضة للتقارب بين الشعوب والأمم، وهو منهج عُماني قديم ومتوارث منذ أن كان العمانيون يمخرون عباب البحار والمحيطات شرقًا وغربًا، في روح تمزج العمل الدبلوماسي والسياسة بالبعد الاقتصادي والتجاري والمنافع التي تعود على الناس بالسلام والوفاق والمحبة، بما ينسج آفاق المستقبل المشرق للجميع.

على هذه المبادئ الجلية تتأسس السياسة العمانية الخارجية، ما جعل سلطنة عُمان يشار إليها بالبنان بوصفها الدولة الأكثر سلامًا مع الكل في العالم المعاصر، واستطاعت أن تحقق الدرجة الأولى في الخلو من العمليات الإرهابية على مستوى الكرة الأرضية العام الماضي، وهذا يدل على مستويات متعددة من الدلالات التي تفهم في معنى واحد، وهو أن ثمة سياسة واضحة وملموسة جوهرها السلام والاستقرار والدعوة لسيادة قيم التنمية المستدامة والشاملة، وربط مفاهيم النماء بالإنسان في المقام الأول.

إن السياسة التي تتبعها السلطنة في العلاقات الخارجية، تأخذ روافدها من تلك الاستقلالية التامة في اتخاذ القرار السياسي والتفاعل مع الآخر بإيجابية مع القدرة على إبداء الرأي المناسب والموقف المناسب في اللحظة المناسبة، دون أن يكون لذلك تأثير على نسيج العلاقات مع الدول، والذي يقوم على منظومات الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء والاتفاقات المشتركة في سبيل كل ما يخدم التطور والنظرة الإيجابية للفرص الأفضل في الراهن والمستقبل.

ودائمًا ما تبدي السلطنة استعدادها لمساعدة الجميع في سبيل قيم الخير والعدالة وبناء الحياة الأرحب، دون أن تتدخل في قرار أحد أو شؤونه الداخلية، مثلما تحافظ على استقلالية قرارها الداخلي، وهذه إحدى معادلات التوازن العُماني القائم على نهج ونسق مرسوم بعناية فائقة، في معرفة الذات وإدراك القدرات الذاتية وكيفية بناء العلاقات بشكل إنساني وتكاملي وأن التعاون في عالم اليوم لابد أن يتم التفكير فيه بطرق مختلفة، لا تنقطع عن الجذور بل تتصل معها وفي الوقت نفسه تستشرف الآفاق البعيدة في سماء الغد.