1133842
1133842
عمان اليوم

الادعاء العام: ضحايا الابتزاز الإلكتروني عالقون بين سندان الخضوع للمبتز ومطرقة الفضيحة

16 فبراير 2019
16 فبراير 2019

الاستيلاء على أموال الناس أبرز دوافعه -

سعود المعولي: الثقة المفرطة بأشخاص مجهولين وبخصوصية مواقع التواصل الاجتماعي.. مشكلة -

حوار- نوال بنت بدر الصمصامية -

أكد الادعاء العام أن الدافع الأول لجرائم الابتزاز الإلكتروني هو الاستيلاء على أموال الناس، وفي ظل هذا الواقع رُصدت حالات ابتزاز في مجتمعنا استهدفت الذكور والإناث على حدٍ سواء، بعض مُرتكبيها من داخل السلطنة ومعظمهم من الخارج حيث تتفق معظم تلك الحالات في الأسلوب الجرمي القائم على الحصول على مقاطع أو صور خاصة للضحية، ثم تهديده بنشرها ومساومته لتحقيق مطالب المُبتز، بحيث يُصبح الضحية عالقاً بين سندان الخضوع للمبتز ومطرقة الفضيحة.

وتعد جرائم الابتزاز الإلكتروني كغيرها من الجرائم الإلكترونية التي تقع في الفضاء الإلكتروني دون أن تقيدها حدود جغرافية معينة، وهو الأمر الذي يُسهل امتداد آثارها لأي بقعة في هذا العالم، ومع انفتاح السلطنة على العالم، فإن تأثرها بالمؤثرات والمتغيرات العالمية إيجاباً وسلباً أمرٌ لا مناص منه.

ومع استشعار تنامي هذه الظاهرة المُقلقة نفذت في شهر أكتوبر من عام 2016م حملة وطنية بمسمى (بلِّغ وسرَّك في بير) بتنظيم من هيئة تقنية المعلومات، وشراكة عدد من الجهات الحكومية ذات الصلة من ضمنها الادعاء العام، توالت بعدها الجهود التوعوية عبر الوسائل المختلفة لتوعية المجتمع من الوقوع في شِرك الابتزاز، وإيصال رسالة ردع لكل من تسوِّل له نفسه ارتكاب هذا الفعل الشنيع.

وقال سعود بن صالح بن أحمد المعولي رئيس ادعاء عام في حوار مع «عمان»: نعتقد أن الجهود التوعوية المبذولة من أجهزة الدولة المختلفة في هذا المضمار آتت أُكلها بشكل لا بأس به ؛ إذ باستقرار الإحصائيات الرسمية للمركز الوطني للسلامة المعلوماتية يتبيَّن انخفاض عدد بلاغات الابتزاز التي تلقاها المركز خلال عام 2017م والتي بلغت (1479) حالة عنها في عام 2018م والتي بلغت (972) حالة. وهذا المؤشر على قدر ما يدعونا للاطمئنان فإنه يدعونا لبذل المزيد من الجهود لحماية المجتمع من هذه الجرائم، وتقليص عدد ضحاياها لأقل عددٍ ممكن.

ضعف وعي الضحايا

وعند تساؤلنا عن أبرز أسباب هذا النوع من القضايا، أجاب المعولي: يُمكن القول إن ضعف وعيّ الضحايا بشكل عام هو السبب الأول لوقوعهم في شرك الابتزاز، إذ كشفت التحقيقات عن قيام معظم الضحايا بالثقة في أشخاص مجهولين تواصلوا معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأقنعوهم في وقت قياسي بإرسال صورهم أو بتصوير أنفسهم في وضعيات غير لائقة، ولا ينحصر ضعف الوعي في هذا الأمر بل قد يتمثل كذلك في الثقة المفرطة بالحماية والخصوصية التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي نفسها، بحيث يتداول ويحفظ المُستخدم - سيما الإناث - صورة الشخصية والخاصة في حساباته بتلك المواقع، وبمجرد اختراق تلك الحسابات تقع الصور في يد المُخترق، فيستغلها في ابتزاز أصحابها.

وأضاف المعولي: من أسباب الابتزاز كذلك ضعف الوعي الرقمي بشكل خاص لدى المستخدمين، إذ رُصدت حالات تتمثل في قيام مجهول بإرسال رابط عبر رسالة نصية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وما أن يقوم المستخدم بفتح الرابط حتى يتم سحب جميع بياناته من هاتفه أو جهازه الإلكتروني ناهيك عن استعانة بعض الأشخاص بمحلات برمجيات غير موثوقة لتنزيل برامج أو تصليح أجهزتهم الإلكترونية، وهو ما يُمكِّن عامل المحل من أخذ نسخة من محتوى الأجهزة أو وضع بريده الإلكتروني الخاص في الجهاز الإلكتروني ليستقبل لاحقاً نسخة من محتوى تلك الأجهزة (بما فيها من صور ومقاطع شخصية) يُمكن أن يستغلها في ابتزاز أصحابها، وجدير بالبيان أن الوازع الديني والأخلاق لدى المستخدم يحول في كثير من الأحيان من انزلاقه نحو مهاوي الابتزاز.

توعية واسعة للمجتمع

أما عن نواحي التوعية القانونية التي يسعى إليها الادعاء العام للتصدي للابتزاز الإلكتروني، أشار المعولي إلى بعض الجهود التوعوية التي بذلها الادعاء العام بالتضافر مع أجهزة الدولة المختصة في نشر التوعية لدى جميع شرائح المجتمع بشأن الجرائم الإلكترونية عموماً، وقال إنه في عام 2015 نظم الادعاء العام حملة توعوية واسعة بعنوان (مخاطر سوء استخدام وسائل التقنية الحديثة) شملت المدارس والجامعات والكليات، والأندية والجمعيات الأهلية، والمساجد، فضلاً عن بثها عبر الصُحف والقنوات الإذاعية والتلفزيونية المختلفة، وفيما يتعلق بالابتزاز شارك الادعاء العام مع الجهات المختصة في الحملة التوعوية بمخاطر الابتزاز الإلكتروني (بلِّغ وسرك في بير) وفي الحملة الوطنية التوعوية للأطفال حول الاستخدام الأمثل لرسائل وخدمات الاتصالات (خلك عارف) والتي تشمل توعية الأطفال بمخاطر الابتزاز، كما تم بث التوعية بشأن هذه الجريمة من خلال تناول قضايا واقعية في مجلة الادعاء العام (المجتمع والقانون)، وبث حلقات خاصة عن الابتزاز في برنامجنا الإذاعي الأسبوعي (الادعاء العام والمجتمع) فضلا عن نشر جرعات توعوية دورية في الشأن ذاته عبر حساب الادعاء العام في (تويتر) ناهيك عن المحاضرات التوعوية التي قدَّمها أعضاء الادعاء العام عن قضايا الابتزاز في الجامعات والكليات والمدارس والأندية والجمعيات الأهلية، ومختلف الفعاليات، إضافة إلى اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية التي تم إجراؤها في المضمار ذاته.

واستطرد قائلا: بذلك فإن الادعاء العام سخَّر- ولا يزال- جميع الأدوات الممكنة لنشر التوعية بشأن مخاطر هذه الجريمة، سواء عبر اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية أو عبر إلقاء أعضاء الادعاء العام المحاضرات التوعوية المباشرة في مختلف محاضن التربية والتعليم والتأهيل، أو عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر مجلته الدورية، أو غيرها من الأدوات المتاحة، كما أن هناك إحصائية شاملة للعام المنصرم سيتم نشرها قريباً بإذن الله تتضمن قضايا الابتزاز.

وعن التعاون القائم بين الادعاء العام والجهات ذات العلاقة لمواجهة قضايا الابتزاز، أردف المعولي: لله الحمد هنالك تعاون وثيق مع جميع أجهزة الدولة ذات الصلة كشرطة عمان السلطانية وهيئة تقنية المعلومات، وهيئة تنظيم الاتصالات ووزارة التربية والتعليم وغيرها من الجهات المختصة، وهذا التعاون بقدر ما هو وليد استشعار هذه الجهات لمخاطر جرائم الابتزاز وآثارها على المجتمع، فإنه نابع كذلك من إيمانها العميق بضرورة التصدي لهذه الجرائم.