Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ : كرة الثلج.. ماذا تعني؟

12 فبراير 2019
12 فبراير 2019

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يعتبر مصطلح كرة الثلج مصطلحًا حديثًا نسبيًا، وخاصة عند إسقاطه على كثير من مجريات حياتنا اليومية، فحين يراه البعض على أنه مصطلح يذهب إلى التراكم؛ سواء تراكم القضايا والمشاكل، أو تراكم الأحداث، يراه آخرون على أنه تراكم معرفي، وتراكم خبرات، أو تراكم تجارب مختلفة، فحياتنا؛ وفق هذه الرؤية؛ عبارة عن تراكم مستمر، بدءًا من لحظة الميلاد، إلى آخر يوم في العمر، وهذا أمر مفروغ منه، ومع ذلك فهناك من يساورهم محتوى «كرة الثلج» فيرونه محتوى فارغا، وهذه وفق النظرة السلبية لهذا المفهوم، بينما من يرى الأمر من زاويته الإيجابية ينظر إلى محتوى «كرة الثلج» على أنه محتوى يملأ كل الزوايا، وكما يقال: «الناس فيما يعشقون مذاهب».

في حاضرنا اليوم، تذهب المسألة إلى أبعد من ذلك، حيث يشاع اليوم مفهوم «استراتيجية كرة الثلج» وهي الاستراتيجية التي تسعى إلى تراكم المعرفة، وتراكم الخبرة، حيث توضع خطط وبرامج غير مجزأة، وإنما متواصلة، أو متراكمة المراحل، حيث لا تبدأ بالمرحلة الثانية إلا بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، فلا يسمح بالتجزئة هنا، ولا بالعمل وفق مفهوم الـ«جزر المعزولة»، وإنما تأخذ المسالة سياقًا متواصلًا ومتوافقًا، ويحقق نتائج واقعية، ويخضع كل العاملين وفق «استراتيجية كرة الثلج» لتدريبات متواصلة ومكثفة، ومن ثم إلى تطبيقات ميدانية، حيث لا فرصة هنا للتلاعب، أو هدر الوقت والمال، كما يخضع الجميع إلى مساءلة مباشرة، في حالة الشعور، أو الملاحظة أن هناك إخفاقا ما في توظيف مسارات الاستراتيجية خططها وبرامجها، وهذا ما يظهر في التجارب التنموية الناجحة التي هي مسار حديث الناس بناء على النتائج المتحققة على الواقع.

و«استراتيجية كرة الثلج» ليست مقصورة على عمل المؤسسات فقط، وإنما هي ببساطة يمكن تطبيقها حتى على مستوى الفرد نفسه، فكلنا يعيش تجارب مستمرة، من شأنها أن تراكم معارفنا، وخبراتنا، وتقييمنا، ومختلف تعاملاتنا مع ما يدور حولنا، وهذا التراكم يزداد ولا ينقص، وهو بمحتوى مملوء، وليس بفارغ، وإلا لما استطعنا أن نتخذ مواقف في كثير من الأحداث التي تكون حولنا، حيث نقول في بعضها: نعم، ونقول في بعضها الآخر: لا، ونقبل هذه، ونرفض تلك، فهذا القبول والرفض لم يأت من فراغ، وإنما يأتي لتراكم هذه الخبرات المختلفة التي عايشناها طوال سنوات العمر، وهذا ما نذهب به إلى من حولنا، من أبنائنا، وإخواننا، وأصدقائنا، حيث نحثهم على مجموعة الإيجابيات التي نراها –من وجهة نظرنا– أنها المفيدة لحياتهم، مع ترك الحرية لهم لقبولها أو رفضها، نزولا لمجموعة تراكم الخبرات التي يمرون عليها في حياتهم أيضا.

تمثل «استراتيجية كرة الثلج» اليوم أهمية كبيرة في حياة الناس، ويعتبر استحضار هذا المفهوم في حياتهم مهما جدا، وأهمية ذلك تنبني عليها خطط وبرامج تأخذ منحى تصاعديا؛ مع إصلاح مجموعة العطب أو الخلل التي ترافق غالبا كافة اشتغالاتنا في هذه الحياة؛ لأن عدم استحضار المفهوم في أي مشروع نعمل من خلاله في حياتنا، لا يضعنا موضع الناقد والملاحظ والمتابع، وأتوقع أن هذه إشكالية الكثيرين، عندما يمارسون أنشطتهم المختلفة في الحياة، حيث تأتي الممارسة؛ هنا؛ وفق ما اتفق، ووفق ما تجود به من نتائج، دون العودة إلى «خط رجعة» لتقييم النتائج؛ إن كانت تتناسب ومقدار الجهد المبذول، والمال المنفق، ومستوى الإمكانيات التي يتميز بها فريق العمل، وهذا لا يتوافق اليوم بعد أن أصبحت كل المسارات واضحة، ومعلومة، وفق ما توفره المعرفة من طرق وإمكانيات لمعرفة النتائج قبل حدوثها، فالمسألة خاضعة للمعادلة الرياضية (1 1=2) ولا يقبل لأي نشاط يكون إلا وفق هذه النتيجة، إما إذا كنا لا نزال نقبل بأي نتيجة لهذه المعادلة، فمعناه أننا لا نزال عند مربعنا الأول.