1121670
1121670
العرب والعالم

تشكيل حكومة لبنانية جديدة بعد استشارات شاقة وطويلة

01 فبراير 2019
01 فبراير 2019

17 وجها جديدا و4 نساء وتحديات كبيرة تواجهها -

جامعة الدول العربية ترحب وأوروبا تؤكد وقوفها إلى جانب الحريري -

عواصم - عمان - حسين عبدالله - نظيمة سعد الدين - (أ ف ب):-

تشكلت امس الأول حكومة جديدة في لبنان برئاسة سعد الحريري، بعد استشارات صعبة استمرت أكثر من ثمانية أشهر.

وصدر مرسوم تشكيل الحكومة المؤلفة من 30 وزيراً بينهم 17 وجها جديدا، ويمثلون مختلف القوى السياسية الكبرى، كما ضمت أربع نساء في سابقة هي الأولى من نوعها، بعد خلافات على تقاسم الحصص وخشية من تدهور الأوضاع الاقتصادية.

ويأتي تشكيل هذه الحكومة، الأولى منذ انتخابات البرلمان في مايو، بعد أكثر من عامين من تسوية أدت الى انتخاب عون رئيساً، بدعم من حزب الله، وتكليف الحريري تشكيل الحكومة.

وقال الحريري في كلمة مقتضبة بعد تلاوة مرسوم التشكيل «ربما لم يكن هناك ما يستدعي كل هذا التأخير، لأنه فعلاً هناك ملفات وقضايا أهم من توزيع الحقائب».

وأضاف «كانت مرحلة سياسية صعبة خصوصاً بعد الانتخابات، لكننا نريد أن نطوي الصفحة ونقوم بالعمل» المطلوب، مؤكداً أن «التعاون بين أعضاء الفريق الوزاري شرط واجب لنكون على مستوى التحدي».

وواجه الحريري، الذي كلفه عون تشكيل الحكومة في 24 مايو، صعوبات كبيرة ناتجة بشكل أساسي من خلافات حادة على تقاسم الحصص، تم تجاوزها الواحدة تلو الأخرى قبل أن يصطدم باشتراط حزب الله تمثيل ستة نواب سنّة مقربين منه ومعارضين للحريري في الحكومة بوزير، الأمر الذي رفض الأخير أن يكون من حصته.

وتشكلت الحكومة بعد موافقة عون على تمثيل هؤلاء النواب بوزير ضمن حصته.

وفي لبنان، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى الكبرى إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والأحزاب.

ويتعين على الحكومة تقديم بيانها الوزاري الى البرلمان لنيل ثقته ضمن مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور مرسوم تشكيلها، وفق الدستور اللبناني. وتعقد الحكومة جلستها الأولى اليوم، وفق الحريري.

وتشمل حصة عون مع تياره 11 وزيراً. ويتمثل حليفه حزب الله بثلاثة وزراء. ويمكنهما تعطيل أي قرار لا يحظى بموافقتهما. وتضم الحكومة خمسة وزراء للحريري واربعة للقوات اللبنانية.

ورداً على سؤال عما إذا كان توزيع الحقائب يكرس نفوذ عون وحزب الله، قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لفرانس برس «هناك شركة سياسية مالية استلمت البلد، حزب الله موجود وهو قوة أساسية لا بد من الاعتراف بوجودها».

وتضم الحكومة أربع نساء. إذ تشغل وزيرة المال السابقة ريا الحسن المحسوبة على الحريري حقيبة وزارة الداخلية، بينما تولت ندى بستاني المحسوبة على التيار الوطني الحر وزارة الطاقة، حيث عملت كمستشارة خلال السنوات الأخيرة.

وتولت الإعلامية مي شدياق التي تعد من أشد منتقدي حزب الله حقيبة التنمية الإدارية، ممثلة القوات اللبنانية. وتعرضت شدياق لمحاولة اغتيال فاشلة في سبتمبر 2005 سببت لها بتراً في ساقها ويدها.

واحتفظ كل من وزير الخارجية جبران باسيل بحقيبة الخارجية، والوزير علي حسن خليل، ممثل حركة أمل، بحقيبة المالية. ونال وزراء حزب الله حقائب الصحة والرياضة ووزارة الدولة لشؤون مجلس النواب.

وهي المرة الثالثة التي يتولى فيها الحريري رئاسة الحكومة. وكانت المرة الأولى بين 2009 و2011 حين ترأس حكومة وحدة وطنية ضمت معظم الأطراف وأسقطها حزب الله وحلفاؤه وعلى رأسهم عون اثر سحب وزرائهم منها.

من جهته، أعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن ترحيبه بتشكيل الحكومة اللبنانية، مهنئاً دولة الرئيس سعد الحريري، رئيس مجلس الوزراء اللبناني، على نجاحه في ادارة مشاورات التشكيل الحكومي بحكمة واقتدار وصولاً إلى تشكيل الحكومة الجديدة، ومتمنياً للحكومة النجاح والتوفيق في مهمتها وفي الوفاء بمسؤولياتها تجاه كافة أبناء الشعب اللبناني.

ورحّب الرّئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون امس بتشكيل الحكومة اللبنانيّة، مُذكّراً بأنّ «فرنسا وقفت في الأشهر الأخيرة إلى جانب الشّعب اللبناني وقادته من أجل تهيئة ظروف» التأليف.

وجاء في بيان صادر عن الإليزيه أنّ «الرّئيس إيمانويل ماكرون يؤكّد مجدّداً التزامه سيادة لبنان واستقراره وأمنه ويؤكّد أهمّية سياسة النأي بالنفس ومكافحة الإرهاب».

وأكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للسياسة ​الخارجية والشؤون الأمنية نائبة رئيس ​المفوضية الأوروبية​ ​فيدريكا موغيريني​، في بيان، أنه «بعد أشهر من المفاوضات المكثفة التي تلت ​انتخابات​ شهر مايو الماضي والتي راقبتها بعثة من ​الاتحاد الأوروبي​، نرحب كل الترحيب بأن يكون رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ قد تمكن أخيرا بالتشاور الوثيق مع ​رئيس الجمهورية​ اللبنانية العماد ​ميشال عون​ من التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف حول ​تشكيل الحكومة​. إنها خطوة إيجابية بالغة الأهمية بالنسبة إلى استقرار لبنان».

ولفتت إلى أنه «يتوقع الشعب اللبناني والأسرة الدولية الكثير من الحكومة الجديدة التي سيتوقف نجاحها على قدرتها على معالجة التحديات التي تواجه لبنان، لا سيما من خلال تبني الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية».

ورأت موغريني أنه «الاتحاد الأوروبي مستمر في دعم لبنان، وقد أثبت أخيرا دعمه السياسي والمالي القوي من خلال ما تعهد به في المؤتمرات الدولية الثلاثة الخاصة بلبنان التي عقدت في عام 2018 في روما وباريس وبروكسل. وسنواصل العمل عن قرب مع الحكومة الجديدة ونضمن التنسيق الوثيق لتنفيذ الالتزامات المتبادلة في المجالات الأساسية للأمن والتعافي الاقتصادي ومعالجة الآثار الناجمة عن النزاع السوري».

وتواجه الحكومة الجديدة تحدّيات عدّة، بينها صياغة البيان الوزاري الذي يرسم الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة، في ظل وجود انقسامات كبرى أبرزها ازاء دور حزب الله والعلاقات مع دمشق، فضلاً عن أزمة اقتصادية في بلد يرزح تحت عبء أكثر من مليون نازح سوري في ظل امكانات ضئيلة للغاية.

ويفتح تشكيل الحكومة الطريق أمام لبنان للحصول على منح وقروض بمليارات الدولارات تعهد بها المجتمع الدولي دعماً لاقتصاده المتهالك في مؤتمرات أبرزها مؤتمر سيدر في باريس في أبريل.

وأكد الحريري أن «التمويل لا يمكن أن يتم من دون اصلاحات جدية»، مشيراً الى «تلازم بين التزامات المجتمع الدولي والإخوة العرب بالتمويل، والتزام الدولة بالإصلاحات والتنفيذ الشفاف للأعمال».

وربطت معظم الجهات الدولية والمانحة مساعداتها بتحقيق لبنان سلسلة إصلاحات بنيوية واقتصادية وتحسين معدل النمو الذي سجل واحدا في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية مقابل 9,1% في السنوات الثلاث التي سبقت اندلاع النزاع في سوريا العام 2011.