صحافة

الملكة إليزابيث تحث بريطانيا على الاحترام المتبادل والتقارب

28 يناير 2019
28 يناير 2019

من المعروف حسب الدستور البريطاني غير المكتوب، انه يتعين على الملكة إليزابيث والأسرة المالكة البريطانية التزام الحياد في القضايا السياسية، وليس لها الحق في التصويت في الانتخابات. ورغم ذلك وجهت للاسكتلنديين رسالة عندما اجروا استفتاء للاستقلال عن المملكة المتحدة عام 2014، حثتهم فيها على التفكير ملياً في مستقبلهم. 

كما وجهت الأسبوع الماضي رسالة دعت فيها الطبقة السياسية في بريطانيا الى السعي للتوصل الى أرضية مشتركة للتفاهم، في مناشدة مستترة منها لحل الأزمة المتعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث إن بريطانيا تعيش حاليا اكبر أزمه سياسية خلال نصف قرن بسبب ما تعانيه من مصاعب بشأن كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه عام 1973. ولم تشر الملكة صراحة إلى البريكست، لكنها قالت في خطابها الذي ألقته في معهد النساء المحلي في مقاطعة نورفولك «إن كل جيل يواجه تحديات وفرصا جديدة، وبينما نبحث عن إجابات جديدة في العصر الحديث فإني أفضل الوصفات التي تم اختبارها من قبل، مثل التحدث بشكل جيد مع بعضنا البعض واحترام وجهات النظر المختلفة والاجتماع للبحث عن أرضية مشتركة، ولا نغفل أبداً الصورة الأكبر».

وفسرت وسائل الإعلام على نطاق واسع دعوة الملكة الى البحث عن أرضية مشتركة بأنها إشارة مستترة للسياسيين البريطانيين حول ما يجري من انقسامات متعلقة بالبريكست. حيث ذكرت صحيفة «التايمز» في عنوانها الرئيسي ان «الملكة تقول للسياسيين المتنازعين: «انهوا خلاف الخروج من الاتحاد الأوروبي»، وقالت «بي بي سي» إن الملكة توجه دون شك رسالة من خلال تلك التصريحات.

ويبدو أنها لن تكون آخر الكلمات الملكية في هذا الشأن، فوفقا لصحيفة «ديلي اكسبريس»، يقال إن كبار أعضاء العائلة المالكة يشاطرونها مخاوفهم، وقد ينضمون إليها في محاولة لتشجيع السياسيين على بناء توافق في الآراء لتجنب أزمة دستورية.

وتحت عنوان «قنبلة ملكية Royal Bombshell» كتب سام ستيفنسون مقالا لصحيفة «ديلي اكسبريس» تساءل فيه عما إذا كان كبار أعضاء العائلة المالكة يستعدون للتدخل بإبداء الرأي في قضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد أن سلّطت الملكة الضوء على الانقسامات العميقة في بريطانيا حول البريكست.

وقالت الصحيفة إن الملكة قدمت تعليقا دقيقا لما تراه من انقسام في بريطانيا حول تلك القضية المثيرة للجدل عندما كانت تتحدث في أحد فعاليات معهد ساندرينجهام للنساء. وأضافت إن المزيد من كبار الشخصيات الملكية يخططون الآن للتحدث بصراحة عن هذه القضية، حيث يدعي المطلعون أنه «سيكون هناك المزيد في الأسابيع والأشهر المقبلة». وقالت صحيفة «الصن» إن الملكة، وفي تدخل نادر بشأن الشؤون الجارية، أصدرت نداءً من أجل «الاحترام» و«التقارب». كما كشفت مصادر في قصر باكنجهام أن الملكة طلبت من أسرتها المشاركة بشكل علني لتعزيز التسوية ونقاش أقل غضباً. ويجري الآن التخطيط لإعداد خطابات وتعليقات عامة من الأمير تشارلز وأبنائه ويليام وهاري.

وترى الصحيفة أن تدخل الملكة هو بمثابة تعزيز لرئيسة الوزراء تريزا ماي للحفاظ على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وان الملكة لن تحاول أبدا التأثير على التصويت، بحسب مصدر في القصر الملكي. وكتب جيمس تابسفيلد في صحيفة «ديلي ميل» يقول إن الوزراء أثنوا على الدعوة الحكيمة للملكة للتهدئة في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن طلبت من البريطانيين البحث عن «أرضية مشتركة» ووضع «الصورة الأكبر» في الحسبان، وأضافت: إن النداء الذي وجهته الملكة للبريطانيين لاحترام وجهات النظر المتباينة، تم تفسيره على انه نداء للهدوء مع احتدام الخلاف على البريكست. وهرع الوزراء إلى تأييد التعليقات أثناء محاولتهم نزع فتيل التوترات الوطنية. وترى صحيفة «الجارديان» في افتتاحيتها أن الاضطراب السياسي الحالي بشأن البريكست قد دفع بالأزمة الدستورية الى السطح، مما جعل الملكة قد تتورط بتصريحاتها، وهي التي يفترض فيها الحيادية حسب القاعدة الدستورية المعمول بها وهي أن «التاج للحفل، والنواب يفعلون الباقي». لكن تصريحات الملكة ولو مشفرة حول الوضع الحالي يعود الى ان هناك مصلحة ذاتية ملكية في الرغبة في استتباب سفينة الدولة. وحدها صحيفة «التايمز» تعتقد أن تصريح الملكة المشفر ليس فيه حكمة، فنجاح العائلة المالكة استند إلى حقيقة أن الملكة ظلت فوق الصراع السياسي، وعليها ان تفعل ذلك جيدًا للبقاء هناك. 

وتقول الصحيفة أن ما يسمى بـ«الفوضى البرلمانية في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» لا يمكن حلها ما لم يكن أحد الفصائل أو غيرها على استعداد لتقديم تنازلات. ومع ذلك فإن دور الملكة في قول ذلك ليس حكيما.