oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

سيناريوهات الاستشراف

27 يناير 2019
27 يناير 2019

بدأت أمس أعمال «المؤتمر الوطني للرؤية المستقبلية عُمان 2040» الذي يعول عليه وضع أطر وسياسات عامة في مسار إعداد وثيقة الرؤية المستقبلية للسلطنة التي يتم إعدادها بناء على الأوامر السامية لجلالة السلطان المعظم، ويتوقع أن يختتم المؤتمر بالنتائج والخلاصات التي تقود إلى رسم هذا الأفق المستقبلي المرجو من حيث التفكير السليم في صناعة الملامح البعيدة، بناء على الخطط العلمية والمعرفية وهو شأن هذا العصر الجديد الذي نعيش فيه الذي لا يعترف إلا بالبرامج والخطط والتأسيس العلمي.

وقد أكد صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة رئيس اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية عُمان 2040 لدى رعايته افتتاح هذا الحدث الاستراتيجي، أن «اللجنة حرصت على أن يكون المجتمع بمختلف شرائحه وبكافة محافظات السلطنة حاضرًا ومساهمًا في إعداد مشروع الرؤية وشريكًا أساسيًّا وأصيلًا في صياغة أولوياته وتطلعاته»، وهذا يدلل بشكل جلي وملموس على أن التطلعات والمأمولات تنسج من خلال التصور المجتمعي في المقام الأول، إذ أن ما يعيشه الناس وما يشعرون به وما يطمحون إليه هو مرتكز النظرة المستقبلية، بعد أن يتم تمرير ذلك من خلال الأدوات والمعارف الحديثة.

وقد أشار سمو السيد هيثم إلى أن الوصول إلى الرؤى والاستراتيجيات يمر عبر عملية «تشخيص الوضع الراهن» فما لم يتم ذلك لن يكون من السهل الوصول إلى «مرحلة استشراف المستقبل»، و«إعداد السيناريوهات المستقبلية»، وفي ظل العالم المعاصر فقد بات ذلك ليس بالأمر الهين فهو عمل معقد ومعرفي شائك، بحيث إن الوصول إلى الخلاصات يتطلب كيفية الفهم الكلي والشامل والمترابط لجملة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المؤثرات الفاعلة على جملة المشهد الإنساني وحركة النماء المستدام. كما أنه من الضروري أن يوضع كل ذلك في الأطر العالمية فأي بلد وأي مجتمع اليوم هو جزء من نسيج كلي عالمي، يكون له ولابد أن يتناغم مع هذا الإطار الكلي والكبير، ولا يعني التناغم الاندماج التام، إنما يعني التوافق في الرؤى الكلية والأسس النظرية الإيجابية ومن ثم أن كل بلد يستند على الأصول والمعطيات الخاصة به فيعمل على التوفيق بين العالمي والعام والداخلي والخاص، من خلال محاور الثقافة والتراث والخبرات المحلية والمكان.

كذلك هناك عوامل أخرى توضع في الذهن، من دراسة المخرجات في التعليم وآليات عمل سوق العمل وفرص الإنتاج والاستثمار وغيرها من العوامل التي لا شك أنها تؤثر وتتأثر بالتصور الكلي المنشود، الذي يكون له سمة المرونة في التعايش مع مختلف الظروف والمراحل أو التحديات التي هي متوقعة في أي لحظة كانت، فبقدر ما يتسم عالم اليوم بالمعرفة والدقة والبيانات إلا أنه في الوقت نفسه يقوم على تسارع وتغير سريع بحيث لا يمكن لك أن تتوقع الخطوة المقبلة بدقة كافية، وهذا ما يوضع له الاعتبار في الاستراتيجيات والرؤى، من كيفية صناعة التكيف مع المراحل والظرفيات العابرة والاستعداد الدائم لكل مرحلة وخطوة جديدة.