yesra
yesra
أعمدة

ربما: الذين أحببناهم

23 يناير 2019
23 يناير 2019

د. يسرية آل جميل -

يُعجبني أني لا أشبه أحد!

••••••••••

قررت أن أختفي فجأة

بعض الأحيان نحن بحاجة

لارتداء طاقية الإخفاء

أو لعب الغُميضّة كالأطفال

لنعرف مقدارنا عندَ الذين أحببناهم.

أغلقت هاتفي

غيرت أرقام التواصل

انقطعت عن عالم النت

لم أرغب في أن يصلوا إليّ

لا أكره أحدا

لكني أحبّ الهـدوء

والاختلاء بنفسي كثيراً

بعيداً عن أي شخص، أي ارتباط

كم هو جميلٌ أن تغيب

ويبحث عنك الآخرون

من يفتقدونك حقاً

من يشعرك بأن شيئاً ينقصه

بأنك شخصاً مهماً في حياته

قطعةٌ منه

جزء من قلبه

تشغل تفكيره

من يُشعرك بفراغٍ كبيرٍ في غيابك

لا يعوضه غيرك

فشكراً للذين افتقدوني

الذين لم يكرهوني حين تركتهم

وابتعدت قليلاً

الذين حاولوا الوصول

الذين بحثوا عني

إنهـا المسافات

لا تقرّب أحداً ولا تُبعده

من أراد قربك سيبحث عنك

سيفعل المستحيل

ليبقى جانبك

ومن أراد الابتعاد

سيخلق ألف سببٍ للرحيل

أنتَ فقط امنحه فُرصة الاختفاء

ولا تحزن لغائب

اختار أن يرحل بكامل قواه القلبية.

أكثر ما يؤلم حقاً

هي خيبة أملنا في الذين أحببناهم

ولم يبادلونا نفس الشعور

نفس الحب

نفس التضحية

نفس الاهتمام

خيبات متتالية من الذين

أشعلنا لهم أصابعنا العشر شمعاً

الذين كانوا أشباهاً في كل شيء

أشباه أقارب

أشباه حبايب

أشباه أصدقاء

أشباه رفقة عُمر

الذين كسروا بداخلنا شيئاً

وتركونا عالقين في منتصف الطريق

يتساوى عندنا كل شيء

ليصبح كل شيء بعدهم عاديا

لا شغف.. لا لهفة.. لا انبهار

ليلٌ مثل النهار

لا ألمَ يُؤلمنا

ولا فرحا يُدرك طريقه إلينا

الذين أحببناهم خدعونا جداً

رسموا لنا خارطة طريق

سرقوا أجمل سنوات العُمر

لقّنونا درساً مُؤلماً جداً

شوّهوا كُل الجميل بداخلنا

مزقونا ببطء

لم يعُد بنا شيء مُلتئم

وليس في الدُنيا ما يُحزن

أكثر من ذلك.

أريد أن أتعلّم ألّا أقترب من الأشخاص الخطأ

في الوقت الصحْ

أتعلّم كيف أتجاهل وجعي

كيف لا يهزمني الشوق

ولا نوبات الحنين

أريد أن أتعلّم

كيف أستر وسادتي كل صباح

فلا تفوح منها رائحة البكاء

و لا كُحلي الأسود المنثور

أريد أن أتعلّم

كيف لا أضع لهم مقداراً

إلا بمقدار ما أنزلوني بقلوبهم

أريد أن أتعلّم ألا أفرط في الحُب

لا أسامح

لا أغفر

لا أعاتب

لا أضّحي

لا أتنازل

لا أتجاوز عن السيئات

لا أنسى الخطايا

لا أُبالي بأحد

لا أُحسِن لهم

فمعظم الذين أحببناهم

من الذين لم يستوصوا بنا خيرا

ولم يجازونا بالإحسان.. إحسانا

أريدُ أن أعيدَ ترتيبي من جديد

لا أثق بطيبتي كثيراً

أصبح امرأة أخرى

أسطّح العلاقات

أعيد الجميع إلى حجمه الطبيعي

وأمسك بيد قلبي

وأعيش مع نفسي

بسلام

فمن يدلني على ذلك

و له الجنة؟

  • إليه حيثما كان:

    حين نسافر

    نحن لا نودّع بعضاً

    لأن كلانا أخذ الآخر معه