abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: المشاعر

23 يناير 2019
23 يناير 2019

عبدالله المعمري -

المشاعر، تلك النبضات المتدفقة من المواقف التي نعيشها، أو نفكر بها، أو تلك التي نتذكرها، عن المكان أو الزمان أو الأشخاص، تعبُر بنا في محيط زمني خاص، لا يعلم عنه سوانا؛ نحن الذين نعيش تلك المشاعر فقط، وتؤثر فينا، بل وتدفعنا إلى الفعل أو الحديث أو الكتابة، وتقودنا إلى ما نريد أو ما لا نريد، إنها السلطة المسيطرة على الجوارح، في بعض الأحيان، والمولدة للأحلام، والوالدة للأفكار، والمنجبة لمعظم الأفعال مع الآخر، دون أن يكون لها تفسير لما فعلناها.

وإذا ما تراكمت تلك المشاعر، وكونت كتلة مشاعر مستوطنة في الذات، متعمقة بشكل كبير في السلوك، حينها فقط نقول إن مشاعرنا هي من يتحكم بنا، لا نحن من يتحكم بها. وهنا يطرق ناقوس الخطر حياتنا، يمنعنا عما نحب، ويجبرنا على فعل ما لا نحب، ونصنع من حياتنا نماذج حياة أخرى، نعيشها زمنا ربما ليس بسيطا من حيث محتواه، ولا قليلا من حيث مدّته. 

بعض تلك المشاعر قد تكون جميلة كمشاعر «الحب»، تملأ القلب، وتسري في الجسد؛ لكن نتائجها غير مقبولة، بل هادمة للحياة، للحياة الطبيعية التي يفترض أن نعيشها، فنتيجة لهذه المشاعر نضر من هم حولنا، ونحرم أنفسنا من العيش حياة جميلة، كما كنا بأفضل حال قبل تولد المشاعر فينا، وتدمر حياتنا، وصحتنا، ونفسيتنا، وتقودنا إلى الهاوية.

فيما قد تكون بعض تلك المشاعر بشعة كمشاعر «الكره»، لكنها تضعنا في المسار الصحيح، ليس لهذا «الكره»، بل للنتائج التي تحمينا من وقوع ما لا يحمد عقباه، وتبرهن لنا عن تفاصيل قد نجدها واضحة وضوح الشمس أمامنا، فتنجينا من الهلاك، وتمنحنا على أقل تقدير فرصة سانحة للتفكير بحذر والرهان على الحياة التي لا نريد أن نعيشها. 

مهما كانت المشاعر التي تتراكم فينا، ومهما كان نوعها، وحجم كتلتها، يظل الأهم هو كيف نعيشها، ونتحكم بها لا أن تتحكم فينا، وأن نغير ما قد يضرنا ويفسد علينا جمالية الحياة.