1092656
1092656
مرايا

د. خميس البلوشي: التسوس والكسور والتشوهات التكوينية من أكثر مشاكل أسنان الأطفال

16 يناير 2019
16 يناير 2019

فضوله دفعه إلى خوض هذا التخصص الطبي -

حاورته - فاطمة الإسماعيلية -

العناية بصحة الفم والأسنان من الأمور المهمة سواء للصغار والكبار، والحفاظ عليها هو جزء من الحفاظ على الصحة العامة، وقد لا يدرك كثير من الأهل أهمية الفحص الدوري والمنتظم للأسنان عند أطفالهم إلا عند ظهور مشكلة.

الدكتور خميس بن حسين البلوشي إختصاصي أول طب أسنان الأطفال يُعرفنا في اللقاء التالي أكثر على تخصصه، ويوضح أكثر المشاكل التي تواجه أسنان الأطفال وأسبابها، وعلى أُسس التعامل مع الأطفال أثناء العلاج، والتأقلم مع شخصياتهم المختلفة، فالدكتور خميس يتميز بأسلوبه المرح وقدرته الكبيرة على إحتواء خوف الأطفال، وتغيير فكرتهم حول طبيب الأسنان وما يسببه من ألم عند زيارتهم له،

بداية متى بدأت العمل في عالم طب الأسنان؟

تعينت كطبيب اسنان في مستشفى النهضة في يناير ١٩٩٦ بعد تخرجي من جامعة القاهرة كلية طب الفم والاسنان وحالية اكمل ٢٣ سنة في هذا المجال.

لماذا اخترت مجال الطب لإستكمال دراستك؟

لم يكن طب الاسنان اختياري الاول بعد انتهائي من الشهادة العامة، فقد كنت في حيرة بين الطب العام وطب الاسنان وتخصصات علمية اخرى، وبعد تفكير عميق وطويل استقر قراري، ومضيت لدراسة طب الاسنان، مع انه لم يتسنى معرفة ماهية طب الاسنان، لأني لم اسمع به ولم أرى طبيب اسنان من قبل.

ولماذا تخصصت في طب الاسنان تحديدا؟

طب الاسنان كان من التخصصات المجهولة بالنسبة لي، وفضولي دفعني الى خوض هذا المجال والتعرف عليه عن قرب، ولربما السير في طريق مجهول يعتبر من اكبر التحديات والصعوبات في بداية الامر، ولكن تدريجيا تعرفت على التخصص، وصار الامر بالتدريج مشوقا وجميلا.

هل يعتبر من المجالات الصعبة والتي يوجد بها تحديات كبيرة؟

ومن ابرز التحديات في طب الاسنان أن التخصص يشمل على مختلف العلوم الطبية الدسمة في سنواته الاولى، ولربما الدراسة في بدايتها كانت تحمل الكثير من الضغط، ومن ضمن الصعوبات التي يواجهها الطالب، ايجاد المرضى المناسبين ومن ثم علاجهم حسب الارشادات الدقيقة والمتبعة لإكمال المتطلبات الاجبارية، والا قد يتعرض الطالب للحرمان من اداء الامتحانات المقررة.

العمل

أين كانت مراحل عملك في طب الأسنان بعد انتهاء الدراسة؟

في أول سنتين كان عملي في مستشفى النهضة كفترة امتياز إلزامية، ومستشفى النهضة آنذاك كان المستشفى الأساسي الذي يقدم علاج الاسنان للمواطنين في محافظة مسقط، بالإضافة الى مركز صحي مسقط، ومركز دارسيت للصحة المدرسية، ومن ثم إلتحق بهما مجمع صحي بوشر بخمس عيادات اسنان عامة في عام ١٩٩٦م. ومنذ عام ١٩٩٧ بدأت المراكز تدشن واحدا تلو الاخر تقديم الرعاية الصحية الاولى، ومن ضمنها الرعاية الاولية للأسنان.

وفي عام ١٩٩٨ انتقلت من مستشفى النهضة الى مجمع صحي بوشر، ومن ثم عملت في معظم المراكز الصحية في مسقط حتى قريات، الى ان تم ترشيحي للعمل في عيادة اسنان الأطفال في مستشفى النهضة منذ ٢٠٠٥ والى الآن.

منذ متى وانت متخصص في مجال طب اسنان الأطفال؟ ولماذا هذا المجال تحديدا؟

شغفي وتميزي في مجال علاج الاطفال كان منذ بداية عملي - وكان ذلك ملحوظا للجميع - وازداد حبي لهذا التخصص بمرو السنوات، خاصة بعد ان مضيت ثلاث سنوات في عيادة اسنان الاطفال من ٢٠٠٥ الى ٢٠٠٨ وتعرفت فيها عن قرب على الأطفال، ونوعية مشاكلهم الصحية المتعلقة بالأسنان، وكيفية التعامل معهم.

والخبرة بلا شك أمر مطلوب، ولكن صقل كل هذا يحتاج الى دراسة اكاديمية وتخصص علمي رفيع، وهذا ما دفعني الى اكمال دراستي العليا في جامعة ادنبرة في المملكة المتحدة في ٢٠١١م، ومن ثم اجتيازي الزمالة الملكية في طب اسنان الاطفال من الكلية الملكية لجراحي الاسنان في ايرلندا في ٢٠١٢ م، والعودة لعمان وتكملة المشوار في خدمة الوطن.

التعامل مع الأطفال

عادة التعامل مع الأطفال يتطلب الكثير من الصبر والمرونة نظرا لمزاجهم المتقلب، ما هو الأسلوب الذي تتعامل معهم حتى يتقبلوا العلاج؟

أن تتعامل مع طفل وتعالج أسنانه في فمه الصغير ليس من الصعوبات الكبرى، وفي غالب الاحيان الاطفال يتقبلون الامر مع طبيب الاسنان العام، ولكن يبقى البعض منهم يحتاج الى معاملة خاصة واستدراج سيكولوجي خاص الى ان يتقبلوا الأمر ونتمكن من معاينتهم ووضع خطة علاج واضحة لهم مع والديه، ومع هذا قد لا تنجح هذه الخطة، مما يدفعنا الي اتباع اساليب وتقنيات بديلة مفصلة لكل حالة على حدى، وهذا يتطلب صبر شديد ومرونة وموهبة من الطبيب وقدرة على التكيف مع الامزجة المختلفة، ناهيك عن اختلاف ثقافات ووعي الوالدين التي ايضا تحتاج الى مراعاة واعتبار .

هل تقنية علاج أسنان الأطفال اسهل من الكبار بشكل عام ؟ وما هي الفئة العمرية التي تعالجها في الوقت الحالي؟

الفئات العمرية التي أعالجها عادة هي الطفولة ماقبل المدرسة وسن المدرسة والمراهقة حتى عمر ١٦ سنة، والفارق في التقنيات المستخدمة في علاج الأسنان أن البالغين أسنانهم مكتملة النمو وتتطلب علاجات متشابهة من حشو وتنظيف للأسنان وتعويضات ثابتة ومتحركة أو تقويم لسوء اصطفاف او اعوجاج للأسنان او جراحات مختلفة وغيرها.

أما الأطفال أسنانهم تكون في فترات تكوينية ثلاث وهي الأسنان الأولية - أو ما تسمى باللبنية - والأسنان الدائمة، وما بين هذا وذاك، أي الفترة المختلطة الانتقالية.

ان تنوع هذه الفترات مع ما تصاحبه من تطور ذهني وسلوكي للطفل حتى وصوله لسن المراهقة والبلوغ، يفرض تطبيق تقنيات علاجية مختلفة متناسبة مع تطور الأسنان والعمر وتقبل خطة العلاج.

اذا واجهت طفلا صعب التعامل معه، وعلاجه بسيط على سبيل المثال، كيف تتصرف معه؟

عادة نتبع تكتيكات ذهنية لكسب ثقة الطفل والحفاظ على هذه الثقة على طول الخط، وحتى وان انتقل الطفل الى الرعاية الأولية للوقاية من أمراض الأسنان مجددا ومع طيب جديد.

ونحن نهدف الى تنشئة الأطفال بحيث لا يهابون من عيادات الأسنان ويستمرون على الفحص الدوري للأسنان لاستكشاف أمراض سنية مبكرة ومعالجتها قبل تفاقمها، او حتى يتأكد طبيب الأسنان ان كلا من الطفل وذويه علي دراية ووعي على كيفية الحفاظ على الأسنان سليمة ومنع تعرضها للتسوس.

مشاكل اسنان الأطفال

ما هي اكثر المشاكل التي تتردد لديك عند الأطفال؟ واكثرها صعوبة؟

اكثر مشاكل الأسنان التي تتردد لدينا تسوس الاسنان، ثم كسور الأسنان نتيجة الوقوع او الارتطام بجسم صلب، وثم التشوهات التكوينية للأسنان التي تسبب ضعف في بنية السن مما يؤدي الى تحلل او تكسر تاج السن.

الصعوبة تكمن في علاج التسوس عندما يكون الطفل صغيرا غير مدرك للوضع وغير متقبل للتعامل مع الغرباء، أما بالنسبة لكسور الأسنان فهي قد تترك أثرا على المدى البعيد على شكل واصطفاف وجمال الأسنان والابتسامة، مما يتطلب علاجات تجميلية متعددة، والتي غالبا يكون الشخص في غنى عنها.

اما بالنسبة للتشوهات التكوينية فقد تكون مرضية عندما يصاحبها تسوس الأسنان والآم او حساسية، وقد تكون لها اثار جمالية على شكل الأسنان أو لونها، ما يترك أثراً سلبيا على نفسية الطفل وتحسسه وسط أقرانه، ومعالجة هذه المشكلة النفسية ربما هي الاصعب من وجهة نظري، لأن الطفل اذا تقبل العلاج تغير حاله الى الافضل .

بشكل عام ومن خلال خبرتك الطويلة في هذا المجال ما مدى وعي المجتمع في الحفاظ على أسنانهم كبارا او صغارا على وجه التحديد؟

تسوس الأسنان من أمراض العصر التي تطورت مع تطور التصنيع الغذائي، وبالأخص دخول مكونات السكر المتعددة فيها والأحماض المختلفة، وأهمها حمض السيتريك الذي له التأثير الشديد على الغلاف الخارجي للسن المسمى بالمينا وتحللها.

و كان لا بد من اكتشاف طرق للحد من هذه التأثيرات، وقد أجريت بحوث ودراسات كثيرة لإيجاد طرق تمنع تسوس الأسنان، ووجدت عدة عوامل مجتمعة، فكان لابد من التعامل مع هذ العوامل مباشرة، على سبيل المثال وجد أن استخدام الفلورايد في منظفات الأسنان يزيد من صلابة طبقة المينا ومقاومتها للتحلل، وأنه في فترة النوم تقل إفرازات اللعاب الذي تعادل الأحماض ويحتوي على مكونات تساعد على التقليل من شراسة الميكروبات على الأنسجة الفموية، ناهيك عن كون اللعاب من المنظفات الطبيعية للفم ومرطب مستمر.

ومن النصائح الهامة للحفاظ على الأسنان هو التبكير في بدء تنظيف أسنان الأطفال من بداية ظهورها، وأهمية تفريش الأسنان قبل النوم ليلا، و الحد من الأكلات والمشروبات التي تحتوي على سكر وأحماض ومواد حافظة، وعدم تناولها بين الوجبات بالذات، وان كان ولا بد منها فيمكن تناولها مع الوجبة الرئيسة.

وتناول الأغذية والمشروبات المفيدة كالفواكه والخضروات والماء واللبن والأجبان وهكذا. ومن التوصيات الهامة أيضا زيارة طبيب الأسنان دوريا كل ستة أشهر لكشف الأمراض مبكرا، والتأكيد على أهمية وقاية الأسنان من قبل الطفل والوالدين، وكل هذي الأمور سهلة ويمكن إتباعها، ولكن في الحقيقة من الملاحظ عدد من أفراد المجتمع غير منتبه لأهميتها .

برأيك هل هناك اقبال من الأطباء العمانيين للتوجه للتخصص في هذا المجال؟

يتوقف ذلك على طموح الطبيب وشغفه، لأن طب الأسنان من المهن الطبية المُكلفة في جميع مراحلها من تأهيل طبيب الأسنان ومن ثم دخوله للتخصص في مجال دقيق، ناهيك عن تكاليف انشاء وتجهيز العيادة بكل ما تحتاجه، كما ان علاج الأسنان بشكل عام مكلف. وقد يسعى بعض الأطباء الى تخصصات اقل تحديا وأكثر مردودا.

وبإعتقادي التوجه إلى تخصص كطب أسنان الأطفال، وايضاً طب أسنان ذوي الحاجة يكون الدافع الأول منه خدمة هذه الفئات ورسم البسمة في وجوههم.