العرب والعالم

رومانيا تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي وسط توترات مع بروكسل

27 ديسمبر 2018
27 ديسمبر 2018

بوخارست- (أ ف ب) : تتولى رومانيا في الأول من يناير المقبل الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في توقيت حرج للتكتّل الذي تشهد علاقاته مع بوخارست توتّراً على خلفية الخطاب الشعبوي الذي اعتمدته مؤخّراً الحكومة الرومانية.

وستتخلّل فترة تولي رومانيا، للمرة الأولى، الرئاسة الدورية للاتّحاد استحقاقات عدّة من بينها بريكست والانتخابات البرلمانية الأوروبية التي سيسعى من خلالها المشكّكون في جدوى الوحدة الأوروبية إلى تعزيز نفوذهم والتأثير على الميزانية المقبلة للتكتّل.

ومن شأن الخلاف القائم حالياً بين بروكسل ورومانيا، إحدى أكثر دول التكتّل تأييداً للوحدة الأوروبية منذ انضمامها في 2007، أن يعقّد الأمور أكثر فأكثر.ومؤخّراً بدأت الحكومة الرومانية اليسارية تعتمد خطابا قوميا أسوة بجارتيها المجر وبولندا.

والدول الثلاث منخرطة في نزاعات مع الاتّحاد الأوروبي بسبب تعديلات مثيرة للجدل لأنظمتها القضائية، يقول منتقدوها إنها تقوّض سيادة القانون. واتَّهم ليفيو درانيا، زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم، والذي يعتبره كثر أقوى زعيم في رومانيا، الاتّحاد الأوروبي بمعاملة «تمييزية» لبلاده، معتبراً أن بروكسل تسعى لحرمان بوخارست من «حقّ الاختلاف في الرأي».

ومن أسباب فتور العلاقة بين بوخارست وبروكسل سعي الحزب الديمقراطي الاشتراكي إلى تعديل النظام القضائي في رومانيا.

ويقول الحزب الاشتراكي الديمقراطي إنّ التعديل هدفه «رفع مظالم وتجاوزات» ارتكبها قضاة.لكنّ الاتّحاد الأوروبي طالب بإلغاء التعديلات، معتبراً أنّها تقوّض مكافحة الفساد في أحدى أكثر الدول عرضة للفساد داخل الاتحاد.

وقال استاذ العلوم السياسية أندري تارانو إنّ مسؤولي الاتحاد الأوروبي «لديهم شعور، قد يكون مبرّراً، بأنّ هذه التعديلات تصبّ في مصلحة درانيا».

واقترحت الحكومة مشروع قانون للعفو عن سياسيين من بينهم درانيا الذي صدر بحقّه في 2016 حكم بالحبس مع وقف التنفيذ، ويطاوله تحقيقان بالفساد.

وقال تارانو إنّ اعتماد درانيا، في هذا السياق، خطاباً شعبويا لا بلّ قومياً قد يكون انتهازياً أكثر منه أيديولوجياً. وقال تارانو إن درانيا يستنسخ خطاب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان المعادي لليبرالية من دون إدراك مفاهيمه».

وليس هناك ما يشير إلى أنّ الحكومة ستعلّق خطّتها خلال تولي بوخارست الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. ومن المتوقّع أن يصدر مرسوم العفو قريبا وقد حذّر مصدر أوروبي من أن ذلك سيشكّل تخطيا «للخطوط الحمر».

وقال المصدر إنّه في حال مضت رومانيا قدماً بالمرسوم فستضطّر لاستنفاد طاقتها في الدفاع عن نفسها أمام شركائها الأوروبيين، مشدّدا على أنّ البلاد «تعاني أصلا من انعدام المصداقية».

علاوة على ذلك، قد تواجه رومانيا مشكلة في اعتماد خطاب موحّد أمام المؤسّسات الأوروبية نظراً إلى الخلاف القائم بين حكومة فيوريكا دانسيلا، ثالث رئيسة حكومة منتمية للحزب الديموقراطي الاشتراكي منذ 2016، والرئيس كلاوس يوهانيس اليميني المعتدل.

ويوهانيس مؤيّد شرس للوحدة الأوروبية تصادم مراراً مع الحكومة، وهو يمثّل بلاده في المجلس الأوروبي. وحقّق الحزب الديموقراطي الاشتراكي فوزاً سهلاً في الانتخابات التي أجريت في 2016 لكنّ سعيه لتخفيف قوانين مكافحة الفساد أثار موجة احتجاج هي الأكبر في البلاد منذ انهيار الشيوعية.

وعلى الرغم من استمرار التظاهرات في بوخارست لا يزال الحزب الديموقراطي الاشتراكي يتمتّع بتأييد متين في المناطق الأكثر فقراً وفي الأرياف وهي مناطق استفادت من زيادة في الرواتب والتقديمات الاجتماعية.ووصف المحلل السياسي رادو ألكسندرو المجتمع الروماني بأنّه «منقسم وشديد الاستقطاب».

وبالإضافة إلى أنها إحدى أفقر دول الاتحاد الأوروبي، تعاني رومانيا من انعدام المساواة.

وقد عادت العضوية في الاتحاد الأوروبي بمنافع كبيرة للمناطق الأكثر فقراً في رومانيا.وحصلت رومانيا من الاتحاد الأوروبي على 32 مليار يورو تم تخصيص قسم منها لتزويد المناطق الريفية بالمياه، مما جعل 40% من هذه المناطق مربوطة بشبكة المياه حالياً مقابل 1 بالمائة فقط في 1989 عام سقوط الشيوعية.

ويقول عالم الاجتماع في معهد أبحاث «أي سي سي في» يوليان ستانيسكو إنّ «العضوية في الاتّحاد الأوروبي لا يمكنها حلّ كلّ المشاكل».

وعلى الرغم من منافع الانضمام إلى التكتّل وتحقيقها نمواً قوياً، لا تزال رومانيا تعاني من مشاكل مزمنة، لا سيما هجرة أبنائها.