1080263
1080263
مرايا

الانغلاق الفكري

26 ديسمبر 2018
26 ديسمبر 2018

الإمام الشافعي رحمه الله يقول: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب» إلا أن البعض أعاد صياغة هذه الجملة إلى رأيي صواب لا يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ لا يحتمل الصواب، هؤلاء هم الفئة التي يعاني منها المجتمع فئة المنغلقين فكريا الذين يفضلون فرض آرائهم ورفض أراء الآخرين مؤمنين بأن أفكارهم وحدها الصحيحة نتيجة للغرور أو الجهل أو غيره، لكن هذه الظاهرة يجب أن تتلاشى من المجتمعات لكي لا يصاب المجتمع بالتفكك.

الانغلاق الفكري (ويعرف أيضا بالجمود الفكري أو الدوجماتية) ليس ضعف الثقافة والعلم كما يعتقد البعض، إنما الانغلاق هو عدم تقبل بعض الأفراد لأفكار أو آراء الآخرين، بيد أن الانفتاح الفكري أيضا يعد أحد مشاكل بعض الأفراد، وذلك لأن الشخص الذي يتصف بالانفتاح الفكري قد يقبل جميع أفكار الآخرين بغض النظر عما إن كانت صحيحة أم خاطئة.

يمكن تقسيم الانغلاق الفكري إلى أربعة أنواع: الانغلاق الكلي، والجزئي، والاختياري أو الطبعي. أما الانغلاق الكلي فهو أن ينغلق فكر الفرد عن كل فكرة حوله، وسبب هذا الانغلاق هو أن مسببات الانغلاق اجتمعت جميعها في الشخص ذاته. الانغلاق الجزئي يكون أقل ضررا من الكلي، وأما الانغلاق الاختياري فهو أن يتقبل الفرد أفكار أشخاص معينين ويرفض أفكار أشخاص آخرين، بينما الانغلاق الطبعي يحدث عندما يكون للشخص معرفة تامة شاملة عن الموضوع المطروح فلا يشكك في مصداقيتها ولا يقبل رأي شخص آخر.

للانغلاق عدة أسباب لعل أهمها الثقة الزائدة عن الحد، حيث يشعر الشخص أنه مكتف بما يملك من آراء ومعلومات وعدم حاجته إلى معلومات الآخرين، فلا يقبل آراءهم خوفا من أن ينتقصه أحد كما يظن، ومن الأسباب الأخرى الجهل وعدم الرغبة في التطور والعلم، بالتالي يرفض هؤلاء أية فكرة تصل إليهم، فهم متمسكون بالكم القليل من المعلومات التي كانوا يملكونها، كذلك بعض الأفراد يؤمنون إيمانا قاطعا بأنهم يملكون الحقيقة الصحيحة ويشككون كثيرا في آراء الآخرين.

حتى يتخلص هؤلاء المصابون بالانغلاق الفكري يجب عليهم الشروع في تغيير أنفسهم واعتقادهم أن أراءهم هي الآراء الصحيحة، كما يجب عليهم الاهتمام بالعلم والثقافة للتخلص من الجهل، وأما أصحاب الثقة الزائدة فعليهم الاتصاف بالتواضع وتقبل آراء الآخرين برحابة صدر.

ظاهرة الانغلاق الفكري هي أبرز الظواهر المنتشرة في العديد من المجتمعات، وأرى أنه على هذه المجتمعات معالجة ظاهرة الانغلاق بالأساليب اللازمة من نشر العلم وزيادة التوعية بخطورة ظاهرة الانغلاق الفكري، كما يتوجب على الأفراد المتصفين بالانغلاق الفكري أن يتداركوا سوء هذه الظاهرة ليحاولوا إيجاد الحلول المناسبة للتخلص من هذه الصفة للحفاظ على علاقة جيدة مع المجتمع، فالناس تنفر من الحديث مع من يرفض أفكارهم باستمرار.

                                       إكرام حميد المحذورية