1073327
1073327
عمان اليوم

الحلقة النقاشية لظاهرة الشهادات الوهمية تؤكد أهمية نشر الوعي بخطورة تزوير المؤهلات الأكاديمية على المجتمعات

12 ديسمبر 2018
12 ديسمبر 2018

نظمتها الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي وأوصت بإيجاد نظام موحد لمعادلة المؤهلات - 

تغطية: نوال بنت بدر الصمصامية - 

أوصت الحلقة النقاشية حول «ظاهرة الشهادات الوهمية ومواجهتها» التي نظمتها الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي بدول مجلس التعاون أمس بفندق كمبنسكي مسقط، بنشر الوعي المجتمعي بخطورة تزوير المؤهلات الأكاديمية على المجتمعات، وتوحيد التغطيات الإعلامية على مستوى دول المجلس حول خطورة الشهادات المزورة من خلال وسائل توعوية مختلفة من خلال المؤسسات الإعلامية التابعة للأمانة العامة للمجلس، وإيجاد نظام موحد لمعادلة المؤهلات الأكاديمية والمهنية من أجل مواكبة الأساليب المتطورة والتلاعب بالشهادات المزورة والوهمية، بالإضافة إلى الاستعانة بأحدث التقنيات في الكشف عن الشهادات المزورة في المؤسسات الحكومية المختصة، وتفعيل الجانب القانوني والأمني بدول المجلس من خلال نظام موحد يتم الاتفاق عليه مع مطالبة الجهات المعنية بتغليظ العقوبة في جرائم تزوير المؤهلات الجامعية، واستحداث قاعدة بيانات إلكترونية على مستوى دول المجلس عن طريق موقع مكتب الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي تتضمن الجامعات الموصى بها، والجامعات الوهمية، وضرورة تصديق ومعادلة شهادات المتقدمين في كل القطاعات الحكومية والخاصة للعمل في كل بلد.

وقد عقدت الحلقة النقاشية بمشاركة عدد من المختصين من دول مجلس التعاون برعاية سعادة الدكتور سعيد بن حمد الربيعي أمين عام مجلس التعليم وبحضور سعادة الدكتور موفق الرويلي باحث متخصص في قضايا التعليم والمتحدث الرسمي في الحلقة.

وأكد سعادة أمين عام مجلس التعليم في تصريح له في ختام الجلسة أن ظاهرة الشهادات الوهمية ظاهرة عالمية لا بد من التصدي لها، موضحا أن وزارة التعليم العالي تبذل جهودا كبيرة في التصدي لهذه الظاهرة وتقوم بكشف هذه الشهادات وتتخذ الإجراءات اللازمة حيالها. ودعا إلى ضرورة تكامل الجهود من قبل جميع القطاعات لكونها ظاهرة تقلق المجتمع.

وأشار سعادته إلى أن أصحاب الشهادات الوهمية يحصلون على الوظائف ويتسلقون على حساب العاملين الآخرين للوصول إلى مراتب وظيفية أعلى في القطاعين العام والخاص، والأخطر أيضا من ذلك وجود مكاتب وصفها بـ«البقالات» في الوطن العربي أو خارجه تقوم بمساعدتهم للوصول إلى مبتغاهم، وبذلك ينبغي متابعتها ووضع التشريعات اللازمة المنظمة لهذا الجانب، وإصدار أحكام صارمة تحد من انتشار ظاهرة الشهادات الوهمية.

وشدد سعادة الدكتور سعيد بن حمد الربيعي على أهمية تضافر الجهود في السلطنة ودول مجلس التعاون، وتجريم كل من تسول له نفسه لارتكاب هذه الجريمة. موضحا أن السلطنة وضعت التشريعات الواضحة التي تجرم المزورين وتحيل حالات التزوير التي تكتشف إلى الجهات المختصة.

من جانبه أشار سعادة الدكتور خميس بن صالح البلوشي مدير مكتب الشبكة الخليجية لضمان جودة التعليم العالي بدول مجلس التعاون في الكلمة الافتتاحية للحلقة النقاشية إلى سعي المكتب بدعم من الدول الأعضاء وبتنسيق مع الجهات المعنية بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون للعمل على توحيد السياسات والبرامج والآليات والخطط والمشروعات ذات العلاقة بالتعاون في مجال ضمان جودة التعليم العالي، كما يقوم مكتب الشبكة الخليجية بالعمل على تطوير وتبادل الممارسات الجيدة وتعميمها بين دول المجلس والذي يؤدي إلى توفير الكثير من الجهد والوقت.

وقال: يعكف مكتب الشبكة الخليجية في الفترة الحالية على التخطيط لتنظيم حلقات العمل في موضوعات وقضايا تلامس واقعنا الخليجي والتي من شأنها تعمل على تشخيص التحديات ونقاط الضعف أينما كانت أنواعها، كما أن فعاليات هذه الحلقة حول «ظاهرة الشهادات الوهمية ومواجهتها» دليل واضح على بحث كيفية مواجهة أحد هذه التحديات والقضايا التي تواجه منظمة التعليم العالي، ليس فقط في دول مجلس التعاون وإنما في مختلف دول العالم.

وأشار إلى أن تزوير الشهادات ظاهرة عالمية ظهرت منذ عقود ولقد تطورت بتطور الإمكانيات والأدوات والأنظمة التكنولوجية، وغياب الحس الإنساني الصحيح في احترامها وتوظيفها توظيفا أمنيا الأمر الذي جعل من الصعوبة كشفها، لوجود خلل في الإجراءات وضعف في التنسيق بين الجهات المختصة والمعنية، الأمر الذي أوجد بصيص من النور لهؤلاء المزورين من الولوج إليه لخيانة الإنسانية قبل أن يخونوا أنفسهم وأوطانهم.

وقدم سعادة الدكتور موفق الرويلي كلمته التي أبرز فيها خطورة قضية التزوير للشهادات، مشيرا إلى أنه من المستحيل حصر الجامعات الوهمية لأنها تنبت بشكل غريب وتموت بشكل غريب، موضحا أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة التزوير منها غياب القانون الذي يجرّم الشهادات المزورة وضعف الرقابة وخاصة في القطاعات الخاصة لدول مجلس التعاون.

وأشار الرويلي إلى الحاجة الماسة لقانون يردع الشهادات الوهمية يشمل جميع الشهادات المشبوهة، بالإضافة إلى الحاجة إلى المحاكمات الحقيقية لذلك وضرورة تشديد الإجراءات بعد اكتشاف الشهادات الوهمية، وردا عن سؤال أحد الحضور عن التصنيفات العالمية للجامعات، قال الرويلي: إنها كلها «دعايات» لا أصدقها.

تجارب خليجية

وقد استعرضت دول المجلس تجاربها في التعامل والتصدي لظاهرة الشهادات المزورة والوهمية، وأوضح الدكتور خالد بن عبدالله العلي الوكيل المساعد للتعليم العالي بوزارة التعليم العالي بدولة قطر إلى وجود إشكاليات وخاصة في القطاع الخاص مشيرا إلى أهمية نشر الوعي وتبادل المعلومات ومؤكدا على خطورة المكتبات التي تقوم ببيع البحوث التي تخدم الشهادات الوهمية.

وتطرقت بدرية النوفلية رئيس قسم معادلة الشهادات بوزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات العربية المتحدة إلى تجربة الوزارة في الحد من التعامل مع الشهادات المزورة والوهمية، وقالت: إن الوعي والرقابة المجتمعية بخطورة آفة التزوير ساعد في خفض إحصائيات الشهادات المزورة، مشيرة إلى الفرق بين الشهادات الوهمية والشهادات المزورة فالشهادة المزورة هي وثيقة تثبت حصول الطالب على درجة علمية من جامعة قد تكون من الجامعات الموصى بها، إلا أن هذه الوثيقة لم تصدر عن تلك الجامعة ولم يتم منح حاملها الدرجة العلمية التي يدعي حصوله عليها، وقد تحمل هذه الوثيقة أختاما غير حقيقية للجامعة ووزارة الخارجية في البلد الذي يدعي أنه حصل منه على الدرجة العلمية، أما الشهادة الوهمية فهي وثيقة صادرة من مؤسسة افتراضية ليس لها وجود على أرض الواقع أو من شركات تجارية أو مؤسسات تفتقد الحد الأدنى من الممارسة الأكاديمية المتعارف عليها في كثير من الجامعات العالمية أو تتجاوز عن شروطها المعلنة كمتطلبات اللغة والدرجات السابقة بشكل غير مقبول يظهر تناقضا في الممارسة.

أما الأستاذة عائشة عبدالله الطهمازي رئيس قسم معايير التراخيص والاعتماد بوزارة التربية والتعليم بمملكة البحرين فتطرقت إلى إجراءات التحقق من صحة وسلامة المؤهلات الأكاديمية بالوزارة وقالت: إن هناك فرقا أنشئت تقوم بالفحص والمتابعة في الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي وإداراتها وأعمال الرقابة والتدقيق على كافة مؤسسات التعليم العالي ومؤهلاتها من خلال التدقيق على البرامج الأكاديمية ومتطلباتها من خطط ومناهج دراسية وبنى تحتية واستيفاء أعضاء هيئة التدريس للشروط المطلوبة في التخصصات الدقيقة لتدريس المقررات الدراسية في تلك البرامج، واجتياز الساعات المعتمدة المطلوبة للتخرج إلى جانب التأكد من سلامة إصدار المؤهلات من تلك المؤسسات.

صعوبات وتحديات

وعرضت سلمى خاجة من الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي بدولة الكويت طرق مكافحة الشهادات المزورة أو الشهادات الوهمية ومنها العمل على إعادة دراسة الإجراءات المتبعة في معادلة الشهادات وتطويرها حسب التطور السريع لمواكبة الواقع الحالي، وأهم الإجراءات هي التأكد من الجامعات المنسوب إليها هذه الشهادات للإفادة عن مدى صحتها وتبادل المعلومات بين دول مجلس التعاون حول الجامعات الوهمية أو المنسوب إليها الشهادات المزورة بالإضافة إلى التعامل بالمخاطبات مع المكاتب الثقافية للتأكد من صحة البيانات وتحويل المزورين للنيابة لردع مثل هذه الممارسات.

فيما قدمت خديجة بنت المفتي بن السيد حسن القرشية مديرة دائرة معادلة المؤهلات والاعتراف بوزارة التعليم العالي تجربة سلطنة عُمان حول ظاهرة تزوير الشهادات وآلية مواجهتها موضحة أن من أهم أسباب تزوير المؤهلات والشهادات، أسباب شخصية متمثلة في نقص الوازع الأخلاقي أو الديني لدى المزور والرغبة في الحصول على اللقب العلمي للحصول على مكاسب وظيفية أو اجتماعية وعدم إدراك نوع وطبيعة العقوبة التي نص عليها القانون ضد جريمة التزوير، بالإضافة إلى الأسباب المؤسسية والتي تكمن في عدم الحصول على التفرغ للدراسة من جهات العمل وقصور إجراءات متابعة سير دراسة الطلبة في المؤسسات التعليمية وضعف إجراءات معادلة الشهادات أو غياب الإجراءات القانونية تجاه جريمة تزوير الشهادات في بعض الدول، إلى جانب الأسباب العالمية وهي ارتفاع تكلفة الدراسة في المؤسسات التعليمية الموصى بالدراسة بها بالخارج وانتشار مواقع وإعلانات الجامعات الوهمية بأسماء أكاديمية جاذبة (مثل واشنطن، بوسطن، ليفربول) وتفشي ظاهرة الرشوة والإكراميات في بعض البلدان.

وعن أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه الوزارة أشارت القرشية إلى عدم التجاوب الكامل من جهات التوظيف في القطاعين العام والخاص بالسلطنة مع دائرة معادلة المؤهلات والاعتراف بوجوب عدم المضي في إجراءات توظيف أي فرد (مواطن أو غير مواطن) حاصل على مؤهل أكاديمي من خارج السلطنة إلا بعد حصوله على شهادة معادلة من وزارة التعليم العالي والتأخير في الحصول على رد المؤسسات التعليمية بتأكيد صحة صدور الشهادة، والتناقض الحاصل في بعض الردود بالإضافة إلى التشريعات القانونية الخاصة بالتزوير في السلطنة تحدد مدة التقادم بانقضاء مدة 3 سنوات من تاريخ صدور المؤهل وليس من تاريخ العلم بالجريمة، كما تطلب إجراء الفحص الفني على المحرر المزور لاكتشاف عملية التزوير فيه حتى يمكن إثبات حالة التزوير، كما أن أغلب الحاصلين على شهادات من جامعات وهمية يدعون أنهم ضحية للاحتيال الإلكتروني.