Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ : التنزيلات.. الخديعة الكبرى

11 ديسمبر 2018
11 ديسمبر 2018

أحمد بن سالم الفلاحي -
[email protected] -

مفردة الـ «تنزيلات» لم تعد غائبة عن الذاكرة الجمعية لدى مجموع المتسوقين، وغير المتسوقين، فهي حاضرة بقوة، والناس، عموما، منساقون إليها بصورة تكاد تكون أعينهم مغمضة الجفنين، ذلك لأن أغلب الناس يتعشمون الصدق والأمانة لدى التجار، ويقولون في قرارة أنفسهم أنه إن كذب أحد في إعلانات الـ «تنزيلات» فهناك من يكون صادقا إلى حد ما، وبنسبة كبيرة.

الواقع، أن ما يعيشه المتسوقون تجاه حقيقة الـ«تنزيلات» غير ذلك تماما، ويعكس حالة إما جهل، من قبل المتسوقين، بحقيقة هذه الـ«تنزيلات» وإما تعمد مع سبق الإصرار من قبل مجموع التجار الذين يوهمون المتسوقين بإعلاناتهم المعنونة بـ «التنزيلات» والمسألة ليست معقدة كثيرا في طريقة كشف حقيقة الـ «تنزيلات» لأن من يعلن أنه يخفض السلعة إلى نسبة الـ (70% أو 80%) فهو واقع في شرك الكذب على المتسوقين، لأنه لا يعقل أن يبيع السلعة دون سعرها الحقيقي، وإنما هناك لعبة ما يقوم بها التاجر، دون أن يعي حقيقتها المستهلك المغلوب على أمره، وأقول المغلوب على أمره، لأن السلعة التي يقرأ سعرها قبل التخفيض بـ (10) ريالات، ويقرأ سعرها بـ (3) ريالات بعد التخفيض، فإنه يأخذها وهو مغمض العينين، حتى وإن كانت ليست ضرورية في ذلك الوقت بالنسبة له، فهو واقع تحت تأثير نفسي، هو الذي يعزف عليه التاجر في الترويج لسلعه.

قبل فترة جرتني الصدفة لأن أدخل محلا لبيع الملابس، مملوءا بملصقات إعلانية تحمل النص التالي: «اشترِ قطعة وخذ أخرى مجانا» باللغتين، وقادني الفضول للدخول والشراء، مع أنني لست محتاجا في ذلك الوقت لأن اشتري قطع ملابس، ولم يكن الهدف هو الذهاب للشراء، ولكنه العامل النفسي الذي وضعه المحل عبر كلمات الإعلان هي التي تغري، فالمهم اشتريت قطعة ملابس وأخذت سلعة أخرى وفق الإعلان، وعندما عدت في اليوم الثاني لاستبدال القطعة، حيث أنها كانت ضيقة قليلا، وجدت العرض قد انتهى، وعند الدخول إلى النظام فتح على الأسعار القديمة لما قبل العرض، فكانت المفاجأة أن القطعة التي اشتريتها أثناء العرض بأكثر من (7) ريالات هي في سعرها القديم (4) ريالات، بمعنى أن الزيادة الموضوعة على العرض الذي أوهم فيه المحل مجموعة المتسوقين هو أكثر من (3) ريالات عمانية، فقس هذه الزيادة على مئات القطع التي سوقها المحل خلال فترة العرض.

هذا «الاستذكاء» الذي تمارسه المحلات على المتسوقين يحقق لها هدفين، الأول: هو الربح السريع في أيام قليلة جدا تعوض لها مبيعات أشهر عديدة، في ظل العرض الكثير، مقابل الطلب، أما الثاني: فهو التخلص من البضاعة القديمة، لاستيعاب المنتوجات الجديدة للشركة الأم، وإما الثالث، وإن كان لا يهمها كثيرا هو اكتفاء عدد كبير من مجموعة المتسوقين بما تم شراءه من السلع المعروضة، وبكميات مبالغ فيها كما نلاحظ من عدد المتسوقين في المحلات التي تعلن عن هذه الـ«تنزيلات» الوهمية.

السؤال المهم هنا: أين دور الجهات المعنية من هذه الـ«تنزيلات»؟ وكيف يتم الموافقة عليها إن كانت هذه الـ«تنزيلات» تمر على موافقات الجهات المعنية؟ والسؤال المهم أكثر هل في هذه الجهات أناس ذوو خبرة في كشف هذا التلاعب الذي يمارسه التجار على المستهلكين، أم أن المسألة مقتصرة فقط، على ختم الجهة المعنية دون تدقيق؟ والسؤال الأخير: هل هناك متابعة ميدانية للوقوف على حقيقة هذه التنزيلات؟

لأن ما يحدث ليس له تصنيف أو مسمى سوى «الغش التجاري» بامتياز، ويمارس بكل أريحية على مرأى ومسمع من الجميع، وهذا أمر لا يجب السكوت عليه مطلقا.