1071163
1071163
المنوعات

برعاية عمان و Observer الإعلامية : «عمان في الخرائط التاريخية والعالمية».. ترجمة واقعية للحضور العماني عبر العصور

10 ديسمبر 2018
10 ديسمبر 2018

تغطية- شذى البلوشية:

افتتح مساء أمس معرض «عمان في الخرائط التاريخية والعالمية» في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالله السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية الذي تنظمه محافظة مسقط ممثلة في مكتب والي مسقط بالتعاون مع الدكتور محمد بن حمد الشعيلي الأكاديمي والباحث في التاريخ العماني، بحضور معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ مسقط وعدد من أصحاب المعالي والسعادة، وجمع من المهتمين بالتاريخ من مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة، والداعمين.

المعرض يأتي ضمن احتفالات السلطنة بالعيد الوطني المجيد، حيث اشتمل على 90 خريطة من مختلف المصادر من داخل السلطنة وخارجها، ومن حقب وأزمنة مختلفة أيضا، حيث تمثلت المعروضات في خرائط ووثائق تاريخية وحديثة تشير إلى مكان السلطنة وبعض المناطق حولها، والتواجد العماني في الحضارات والعصور القديمة، وتستعرض بعض الخرائط عمان في خريطة العالم التي رسمها أهم الجغرافيين كمحمد بن عبدالله الإدريسي في كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق التي تعد من أقدم الخرائط العالمية، كما عرضت أيضا خريطة أخرى تعود لعام 977م، وهي التي قام برسمها العالم الجغرافي العربي أبي القاسم محمد بن علي المعروف بابن حوقل، بالإضافة إلى خرائط أخرى للبرتغاليين في أولى المحاولات الأوروبية لوضع خريطة صحيحة للمنطقة، وتضمنت الخرائط أيضا بعض الرسومات التاريخية التي تعود إلى هجرة الأزد إلى عمان بقيادة مالك بن فهم بعد انهيار سد مأرب في اليمن.

بدأ حفل الافتتاح بكلمة الشيخ محمد بن حميد الغابشي نائب والي مسقط المشرف العام على المعرض؛ حيث قال: «نلتقي اليوم لنحتفي معا بافتتاح هذا المعرض الذي أريد له أن يكون معرضا جامعا لخرائط قديمة منتقاة أبرزت الوجود العماني الموغل في قدمه زمنا الراسخ في شموخه اسما السامي في موقعه بروزا المؤثر في تفاعله حضورا».

وأضاف: «لقد قيل إن أمة تحفظ تاريخها تحفظ ذاتها، ولأن الخرائط تعد واحدة من أهم الوسائل لفهم الماضي وحفظ الحقوق وقراءة التاريخ يأتي هذا المعرض؛ ليقدم تلك الوثائق الشاهدة على عمق التاريخ العماني وتأثيره في صناعة الأحداث والمواقف بامتداد هذا الكيان الجغرافي واتساع رقعته عبر العصور والأزمان.

كما أنه يظهر جليا كم كان هذا الموقع الاستراتيجي ولا يزال عنوانا للتواصل الحضاري مع الشعوب والأمم الأمر الذي أكسب الإنسان العماني القدرة على التعايش الإنساني والتبادل الثقافي والإفادة من مختلف العلوم والفنون فكان ذلك الثراء المعرفي واللغوي التليد. والرصيد التاريخي الزاخر المجيد».

وقال الغابشي في كلمته أيضا: «إن محافظة مسقط وهي تسعد بتنظيم هذا المعرض بالاشتراك مع الدكتور محمد بن حمد الشعيلي لترجو أن يحقق أهدافه المبتغاة وأن يضيف لبنة في صرح الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية والمؤسسات المتخصصة إلى جانب جهود الباحثين والمؤرخين المشكورة في إظهار مكنونات هذا التاريخ كشفا وبحثا ورصدا وتأليفا واهتماما وخدمة له على كافة الصعد مشيرا إلى أنه من حسن الطالع أن يقام هذا المعرض تزامنا مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الثامن والأربعين المجيد، كمساهمة مميزة في احتفالات السلطنة بهذه المناسبة الغالية، وبفكرة متفردة تهدف إلى تقديم عمل مميز سيظل في الذاكرة لفترة طويلة، كونه الأول من نوعه على مستوى السلطنة».

وتجول راعي الحفل والحضور بين أروقة المعرض، مستمعين إلى الشرح الذي قدمه الدكتور محمد الشعيلي حول الخرائط المعروضة، وهي التي تجذب الزائر إلى المعرض، من جانبه قال الشعيلي: «إن عمان حظيت باهتمام الرحالة والجغرافيين والمؤرخين بمختلف انتماءاتهم وأصولهم، عربا كانوا أم أوروبيين، مسلمين أو من أتباع الديانات الأخرى، وباحترامهم لها، فزار الكثير منهم عمان ووقفوا على إمكانياتها الجغرافية ومقوماتها الطبيعية، فحظيت كتاباتهم وأعمالهم بكم هائل من المعلومات الخاصة بعمان وأهلها، وكانت الخرائط إحدى الوسائل التي ترجمت هذا الاهتمام بعمان وكل ما يتعلق بها، فوجدت الخرائط على مختلف أنواعها، وتضمنت الإشارة إلى عمان، سواء كانت من مؤسسات رسمية تتبع دولها، أو بصفة شخصية من قبل الرحالة والجغرافيين الذين رسموا خرائط خاصة لعمان، أو أوجدوا لها مساحة في خرائطهم لمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية وغيرها، وكان أبرز ما يلاحظ في العديد من هذه الخرائط أن عمان تكاد تكون هي الكيان السياسي الوحيد في المنطقة التي يرد اسمها فيها، وفي ذلك دلالة واضحة على قدم هذه الأرض الطيبة، وإلى اتساع مساحتها سابقا، وإشارة مميزة إلى تاريخ وجغرافية عمان على مستوى كل الأصعدة».

وأضاف الدكتور: «معرض عمان في الخرائط التاريخية والعالمية يأتي ليجسد كل هذه الحقائق، ويساهم في ترجمة هذه الأهمية على أرض الواقع، من خلال اختيار نماذج محددة من الخرائط التي يمكن من خلالها قراءة الكثير من معطيات تاريخ عمان العظيم عبر الفترات الزمنية المختلفة، خاصة أن الخرائط تعد من أنجع الوسائل التي يمكن من خلالها تجاوز العوائق اللغوية لتشكل وسيلة عالمية للتعبير عن كل ذلك، وعلى الرغم من وجود آلاف الخرائط الخاصة بعمان أو تضمنت الإشارة إليها وإلى حدودها، إلا أننا حرصنا على انتقاء عدد معين من هذه الخرائط لتكون نماذج نستطيع من خلالها تحقيق أهداف ورؤية هذا المعرض الذي نأمل أن يقدم إضافة مميزة تعكس الاهتمام بعمان وتاريخها المجيد».

ويعكس المعرض من خلال المعروضات جوانب كثيرة من تاريخ عمان المجيد، منذ العصور القديمة ووصولا إلى وقتنا الحاضر، وكذلك الوقوف على حدود ومساحة عمان عبر الفترات الزمنية المختلفة، وأوجه اختلافها ما بين فترة وأخرى، بالإضافة إلى معرفة حدود مساحة عمان في المصادر الإسلامية، وفق ما كتبه الجغرافيون والمؤرخون، وما دونه الرحالة في ذلك، وتنتمي هذه الخرائط في معظمها إلى ثماني دول، هي سلطنة عمان وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والبرتغال وهولندا وإيطاليا واليابان.

ويسعى المعرض من خلال إقامته إلى تعريف الآخرين بتاريخ عمان العريق ووجودها بين الدول منذ العصور القديمة حتى اليوم، كما يقدم المعرض شرحا وافيا لأبرز الخرائط مع توضيح مصدرها وفترتها الزمنية؛ حيث يسهم المعرض في بث مشاعر الفخر والاعتزاز بتاريخ هذا الوطن والتعريف بمكانة عمان في الخرائط المحلية والتاريخية والعالمية والتأكيد على امتداد مساحة عمان قديما، وبوصول النفوذ العماني إلى بقاع شتى وإبراز اهتمام الجغرافيين والمؤرخين بمختلف

جنسياتهم وانتماءاتهم بوجود عمان في خرائطهم المختلفة، بما يؤكد أهمية عمان بالنسبة لهم ولدولهم والإلمام بطبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت تحيط بعمان عبر الفترات الزمنية المختلفة من خلال دراسة محتوى هذه الخرائط، وتفنيد ما جاء فيها.

ويأتي المعرض بتنظيم ودعم من عدة مؤسسات حكومية وخاصة لتوفير الخرائط وعرضها للجمهور، بالإضافة إلى الخرائط التي تم جمعها من المصادر والكتب الموثوقة من بينها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والهيئة الوطنية للمساحة والمتحف الوطني والمتحف العماني الفرنسي ومتحف القوات المسلحة، ويحظى المعرض برعاية عدد من الشركـات والمؤسسات الوطنية منها البنك الوطني العماني والشركة العمانية للاتصالات (عمانتل) وأوربــك، والمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال وشركة النفط العمانية ورعاية إعلامية من جريدة عمان.

تجدر الإشارة إلى أن المعرض سيكون مفتوحا أمام الجمهور خلال الفترة من 11 إلى 14 ديسمبر للفترتين الصباحية والمسائية، كما يستقبل الطلبة من مختلف المدارس والجامعات والكليات لأخذ جولة بين أروقته والتعرف عن قرب على الخرائط والوثائق التاريخية المعروضة.