1069308
1069308
المنوعات

مبادرة غير مسبوقة في غزة لتطوير العمل الإبداعي لشعراء وروائيين شبان

09 ديسمبر 2018
09 ديسمبر 2018

غزة «د.ب.أ»: احتفت أربع شابات فلسطينيات في قطاع غزة حديثا بإصدار أول أعمالهن الأدبية عقب انخراطهن في ورشة تدريب استمرت لمدة عامين ضمن مبادرة غير مسبوقة تركز على تطوير العمل الإبداعي لشعراء وروائيين شبان. وأطلقت مؤسسة «طريق للنشر» ورشة عمل مفتوحة استهدفت تدريب الشابات الأربعة بغرض تطوير إمكانياتهن الأدبية سعيا لإيجاد قاعدة تتيح للشباب في قطاع غزة الانطلاق بهذا المجال في ظل ما يفتقدونه من دعم ورعاية.

وخلال حفل توقيع إصدار أعمالهن الذي جاء كباكورة جهد عامين من الكتابة الإبداعية في الشعر والسرد والرواية، وقفت الشابة الجامعية ضحى الكحلوت لتلقي بشغف أمام الحاضرين بعضا من نصوص ديوانها الشعري الأول بعنوان (أشباه). وأبدت الكحلوت «22 عاما» سعادتها الغامرة بخروج أول عمل أدبي لها إلى النور أخيرا، والاحتفاء العلني به كبداية للتعبير عن جيل جديد في قطاع غزة عانى سنوات من الحصار الإسرائيلي وجولات العنف المتكررة.

وتقول الكحلوت إن الشعار المكتوب أسفل إعلان مؤسسة طريق للنشر هو «في شقاء الكتابة» وهو يعبر فعلا عن تمرين مكثف في الكتابة الأدبية وأساسياتها. وتضيف أنها عملت على مدار عامين في كتابة ديوانها الشعري الأول مستندة إلى موهبتها للتغلب على الشقاء الممزوج بطعم حب الكلمة وحب القصيدة والنص وسط صراع التعبير عن الذات ومواجهة المصاعب.

وشملت ورشة مؤسسة طريق أربع شابات جامعيات من غزة احتفلن بتوقيع أولى تجاربهن الوليدة في كتابة الشعر والرواية تمثلت في ديواني الشعر (كحل أبيض) لريما أبو القمصان، و(أشباه) لضحى كحلوت، إلى جانب روايتي (رف أزرق) لسجى حرب، و(كأنها البلاد يا ابنتي) لأصيل القيق.

وهذه الأعمال الأربعة مثلت باكورة إصدارات مؤسسة «طريق للنشر» في قطاع غزة التي تضم ورشة لتعلم الكتابة الإبداعية المعاصرة جمعت عبر أسلوب المرافقة الأدبية بين الشاعر أحمد الحاج من غزة والشابات الأربعة. ويقول الحاج إنه حاول في مبادرته غير المسبوقة على مستوى قطاع غزة استعادة طريقة الفيلسوف الشهير سقراط في تجربته حين أنشأ المدرسة المشائية وكان يرافق طلبته. ويضيف الحاج أن الشبان المبدعين في غزة يبحثون عن مجال يحتضن الكتابة، وبقعة تنير طريقهم إلى الإبداع الأدبي والتعبير عن واقعهم وأحلامهم وهو ما سعت مؤسسة «طريق للنشر» إلى توفيره للتغلب على واقع قطاع غزة المفتقد دوما لإمكانيات تستغل الجهود والطاقات الكبيرة فيه.

وتقول الشابة ريما أبو القمصان إنهن يسعين للحديث بلسان واقع قطاع غزة من منظور شبابي من خلال نقاش أزماته الإنسانية والانقسام الداخلي الفلسطيني المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن. وتشير أبو القمصان إلى أن قضايا الواقع تلامس أكبر جزء من الجمهور وتحظى بتفاعل شعبي وهو ما يسهم في توجيه الرأي العام معها بحثا عن حلول للأزمة الاجتماعية والإنسانية.

ويعاني قطاع غزة من تداعيات قاتمة لحصار إسرائيلي مفروض منذ منتصف عام 2007 وتخلله شن إسرائيل ثلاث حروب وجولات متكررة من العنف. وأدى ذلك إلى معدلات قياسية من الفقر والبطالة في صفوف مليوني فلسطيني يقطنون قطاع غزة مع نقص حاد في الخدمات الأساسية.

ووسط ذلك يؤمل أن يؤدي احتضان طاقات إبداعية شابة ودعمها في أن ترى أعمالها النور في تعزيز وعي المجتمع المحلي بالإنتاج الأدبي وزيادة الإقبال على القراءة التي تسجل معدلات ضعيفة.

ويقول مختصون إن مكتبات قطاع غزة العمومية تواجه مصاعب حادة تتعلق بقلة الرواد، على الرغم من الارتفاع القياسي لمعدلات التعليم في القطاع.

وتسجل مكتبة «ديانا تمارى» وهي مكتبة عامة في غزة عدد زوار لا يتجاوز 800 شخص سنويا كما يفيد المسؤول في المكتبة رائد أبو عودة.

ويوضح أبو عودة، أن عدد المستفيدين فعليا من الكتب المتوفرة لدى المكتبة خلال العام الماضي لم يتعد 100 شخص. وتظهر إحصائيات الإقبال على المكتبة ذاتها تصاعده في أوقات معينة من العام ترتبط في الأغلب ببداية الفصول الدراسية سواء في المدارس أو الجامعات.

ويفسر أبو عودة ذلك برغبة الطلبة في استخدام الكتب في البحوث العلمية وما شابه ذلك. ولا يعد حال مكتبة جمعية الهلال الأحمر في قطاع غزة أفضل بكثير. ويقول مديرها عماد الحطاب، إن إحصائيات الإعارة الخارجية خلال العام الماضي بأكمله لدى المكتبة وصلت إلى نحو 6 آلاف كتاب.

ويوضح الحطاب أن القصص والروايات تمثل الطلب الأول للاستعارة بنحو ألف كتاب منها من إجمالي العدد سالف الذكر. وتعمل مكتبة الهلال الأحمر على استقدام القراء من خلال دورات مجانية لكلا الجنسين ومن مختلف الأعمار عدا عن صرف ميزانية خاصة لمتابعة ما يتوفر لها من كتب وتحديثها.

كما يشير الحطاب إلى أن المكتبة لا تحصل سوى على مبالغ رمزية جدا مقابل الاستعارة والتمتع بالكتب رغبة منها في التشجيع على توسيع نطاق القراءة في المجتمع. ويوجد في قطاع غزة 13 مكتبة عامة، لمدينة غزة النصيب الأكبر منها بواقع 5 مكتبات. وتعد مكتبة البلدية العمومية أكبر مكتبات غزة وتضم في جنباتها زهاء أربعة آلاف كتاب.

لكن وحسب المسؤول رائد الوحيدي، فإن عدد الحاصلين على عضويتها منذ بداية تأسيسها عام 1999 بالكاد يتجاوز ألفين و600 شخص.

ويوضح الوحيدي أن لدى المكتبة حاليا نحو 855 مشتركا سنويا، فيما يصل عدد الأشخاص الفاعلين في زيارة المكتبة إلى نحو 630 شخصا خلال العام الماضي.

ويعبر أصحاب مكتبات عن قلقهم من انطباع ربما يسود لدى عامة السكان من أن المكتبات العمومية تمثل مشاريع مادية وتستغلهم لتقديم خدمات القراءة، وهو أمر مخالف للواقع تماما. ويفرض الحصار الإسرائيلي على سكان قطاع غزة الانشغال بمصاعب حياتهم اليومية وسبل توفير احتياجاتها الأساسية عوضا عن التركيز على القراءة ومتابعة جديد الكتب بحسب مختصين. كما يلقي الحصار بظلاله على واقع المكاتب نفسها إذ أنها تفتقد التحديث الدوري لما تعرضه من كتب ومواكبة تحديث الصادرة منها بلغات أجنبية. ويقول أصحاب مكتبات إنهم يواجهون تحديات بالغة تتعلق بحاجتهم في تحديث ما يتوفر لديهم من كتب وترجمة جديد الإصدارات العالمية وتخصيص عائد مالي لذلك.