lama
lama
أعمدة

ذات: التفوق على من؟

05 ديسمبر 2018
05 ديسمبر 2018

لما مصطفى دعدوش -

من منا لم يخالجه شعور الرغبة بالتفوق، ومن منا لم يستمتع يوما بخيالات شفافة تلمع في عقله لإنجازات وأفعال؟ قد نسأل أنفسنا مرات لماذا أريد التفوق على فلان ومنافسة فلان آخر؟ أهي عدوى الغرور والأنا، أم هي الرغبة في التعبير عني أنا ربما؟ نعم، أريد التفوق، ولكن على من؟

جميل أن ندرك الفروقات بين الأشياء لنعرف كيف نتعامل مع أنفسنا ورغباتنا، هناك فرق بين التنافس والتفوق والطموح، وبين التعالي والغرور والأنا. عندما ندرك ذلك جيدا سنبدأ في نقطة تحول جديدة في حياتنا.

لحظة التفوق على النفس، هي لحظة العزم، ولحظة القوة والإرادة، لحظة تجميع القوة من الداخل لتصبح في الخارج، لحظة السمو فوق المصاعب، هي لحظة الجدية الحقيقية، اللحظة التي تتفوق فيها على ضعفك هي ذات اللحظة التي استسلمت فيها لنفسك من قبل، ولكن اختلف موقفك فاختلفت اللحظة، وقيمتها وقوتها وعطاؤها وأثرها أيضا.

أن تكون انت من يملك نفسه وذاته، لا هي من تملكك، أن تبدأ بمسير جديد من تطلع وأفق يسعى لمختلف لم يكن من قبل، هنا تكون لحظة التفوق على الماضي والضعف والأنا والهوى وكل ما يسحبك للوراء، هنا تكون بجذبها وشدها إلى ما هو خير لها، وإدراك ما قد كان من تساهل أو ضعف أو شدة أو خيال قوة طالما ظننته معك، ولكنه كان خيالا تلاشى في نور الحقيقة. كم ظننت أشياء وتوهمت أخرى، ثم أنار نور الحقيقة ظلامها، وأدركت بعد حين أنها كانت أوهاما لا صحة لها ولا ميزان، فأنت في مفترق طرق تنظر.. وتفكر.. وتدرك.. وتقرر.

ترى كيف الطريق، ترى على من يجب أن أتفوق؟ دعك من الناس، فالتفوق على الآخرين وهم حقيقي يقود في سرداب الأنا والسعي لإرضائها، ويغذي مشاعر الأنانية والغرور والكبر في النفس، ناهيك عن أثره في ضعف المحبة والعطاء.

تفوقك على نفسك هو التفوق كله، هو أن تدرك أن يدك هي المعول الحقيقي في سعادتك ونجاحك ، وأن للكون قوانين تنتفع فيها عندما تحكم التعامل معها، فلا تلومن إلا نفسك عندما تجد ما لا يرضي عينك و قلبك في حياتك.

أدرك نفسك بنفسك، وساعدها كما ساعدتك، فأنت وهي في طرفي معادلة حياتية لن تستطيع حلها حتى تتقن التعامل مع قوانينها ورموزها وأشيائها لتصل بنفسك إلى بر الأمان والاطمئنان والسلامة والسلام.