mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية: طريق الباطنة الساحلي والجدوى الاقتصادية

04 ديسمبر 2018
04 ديسمبر 2018

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

يظن البعض أن مشروع طريق الباطنة الساحلي الذي أعلن عنه منذ أكثر من 13 سنة قد وصل إلى نهايته بعد هدم العديد من المساكن المتأثرة بالمشروع وتوزيع مساكن جديدة على المتأثرين به في عدد من الولايات. غير أننا لاحظنا أن نظام القرعة الذي تم إجراؤه بولاية صحار خلال الأسابيع القليلة الماضية لم يأخذ في الحسبان العدد الحقيقي للراغبين في الحصول على أحد المساكن المخصصة للتعويضات، وهو ما جعل العديد منهم يخرج متذمرًا بعد أن سحب ورقة بيضاء قيل له فيما بعد أنه سيُعوّض بمبلغ مالي وقطعة أرض لبنائها، وهو ما يعني سنوات جديدة من الانتظار حتى الحصول على قطعة الأرض وإعداد خرائط البناء ثم البدء في البناء وخلال هذه الفترة من المحتمل أن تقوم الحكومة باستئجار مساكن لهؤلاء المواطنين تضاف إلى فاتورة المشروع الذي لا نعلم حتى الآن كم صرفت عليه من المبالغ وكم يحتاج من الأموال حتى إنجازه.

في عام 2008 كتبتُ مقالا في زاوية «نوافذ» بجريدة عمان تحت عنوان «طريق الباطنة الساحلي.. وطموحات الأهالي» تحدثت فيه عن هذا الواقع الجديد الذي ينقل آلاف السكان من مواقع سكناهم إلى مواقع أخرى، وما يتطلبه هذا الأمر من ضرورة تشييد أحياء جديدة تتوفر بها مختلف المرافق التي تحتاج إليها هذه الأحياء خاصة ما يتعلق بالبنية الأساسية والمدارس والمساجد وشبكات الكهرباء والمياه والهواتف وأهمية أن تراعي الوحدات السكنية الجديدة خصوصيات المجتمع العماني وأن يتم فيها مراعاة المحافظة على العلاقات القائمة بين الجيران وتواصلهم مع بعضهم البعض، ومنذ تلك الفترة أي منذ شهر أكتوبر من عام 2008 عندما تم توقيع اتفاقية المرحلة الأولى من المشروع التي تضمنت بناء 2200 وحدة سكنية لتعويض المتأثرين بالمشروع كان الأهالي يتوقعون أن تحافظ المساكن الجديدة على خصوصياتهم وأن يسكن الجار بالقرب من جاره على الأقل بعد أن يتخلوا عن مساكنهم المواجهة للبحر، حيث كانوا يشيّدون أحلامهم ويوطدون علاقاتهم بالبحر والمجتمع؛ لكن هذا لم يحدث، فخلال الأسابيع الماضية عندما تم إجراء القرعة بين عدد من الأهالي بولاية صحار وجد البعض أنفسهم خارج الأحياء الجديدة ولم يجد الجار جيرانه القدماء الذين كانوا يشاركونه أفراحه وأحزانه.

هذا الواقع الجديد الذي يجد السكان أنفسهم فيه مرة أخرى يؤكد عدم اتضاح الرؤية تجاه المشروع حتى لدى المسؤولين عنه، فكيف لم ينتبه هؤلاء إلى أن المساكن التي شُيّدت ببعض الأحياء أقل من عدد الراغبين في الحصول على مسكن فيها بدلا من الأرض الفضاء والتعويض المادي؟ كما أنه من غير الواضح حتى الآن -على الأقل لدى المجتمع- كيف سيتم التعامل مع الأماكن الحيوية الأخرى التي بها أعداد كبيرة من السكان والمنشآت التجارية والبنية الأساسية التي أُنفق عليها الكثير خلال السنوات الماضية.

إن الواقع الاقتصادي الذي تفرضه تحديات تراجع أسعار النفط منذ عام 2014 وما أدى إليه ذلك من ازدياد عجز الموازنة العامة للدولة وتمويله من خلال الاقتراض المحلي والخارجي والسحب من الاحتياطيات يتطلب منا إعادة النظر في مشروع طريق الباطنة الساحلي ودراسة جدواه الاقتصادية، على أن تتطرق هذه الدراسة إلى حجم المبالغ التي تم إنفاقها على المشروع حتى الآن والمبالغ التي يحتاج إليها المشروع حتى الانتهاء منه مع تحديد تاريخ إنجازه، وإذا أثبتت الدراسة أن المشروع مجدٍ اقتصاديا يستمر العمل فيه وإن أثبتت أنه سيكلف الدولة مبالغ طائلة أخرى يتم العمل على بديل أفضل.

أما بشأن ما يقال عن أن المشروع يهدف إلى حماية ساحل الباطنة من موجات التسونامي فهذا كلام لا يتوافق مع الواقع الحالي حيث تم بناء بعض الأحياء في مواقع منخفضة وبدون تصريف للمياه، ونتوقع أن تتأثر هذه الأحياء بالأمطار الغزيرة إن هطلت. فكيف بموجات التسونامي وهي لا تبعد عن البحر إلا مسافة قصيرة جدا؟.