صحافة

الاستقلال: حوار القاهرة .. فرص النجاح تعادل احتمالات الفشل

29 نوفمبر 2018
29 نوفمبر 2018

في زاوية أقلام وآراء كتب هاني المصري مقالا بعنوان: حوار القاهرة .. فرص النجاح تعادل احتمالات الفشل، جاء فيه:

أنهى وفد حركة حماس لقاءاته في القاهرة يوم الخميس الماضي، في جولة جديدة ترعاها جمهورية مصر العربية، في حين بدأ وفد حركة فتح لقاءاته يوم الأحد، ومن المتوقع أن يكون قد أنهاها مع أو قبل نشر هذا المقال. منذ زمن بعيد لم تعد جولات الحوار تثير الاهتمام السياسي والجماهيري، مع أنها لا تزال تحظى ببعض الاهتمام الإعلامي، وذلك لا يعني أن الوحدة لم تعد مهمة، وإنما لأن الناس فقدت الأمل بتحقيقها، وسئمت من الحوارات التي لا تنتهي، ومن الاتفاقات التي لا تُطبق، وعدم وضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الفردية والفئوية والفصائلية.

ما نصيب هذه الجولة من النجاح؟

إن عدم الاتفاق على لقاء ثنائي بين حركتي فتح وحماس حتى الآن نذير شؤم يدل على أن فرص النجاح في أحسن الأحوال تساوي فرص الفشل، حيث لا تزال اللقاءات تجري بصورة مكوكية بواسطة المصريين الذين يلتقون كل وفد على حدة، وهذا واقع الحال منذ فشل اتفاق 2017، لا سيما منذ تفجير موكب رئيس الحكومة في مارس 2018. وقد أشارت مصادر إلى أن الخلية الإسرائيلية التي كشفت مؤخرًا في غزة يمكن أن تكون مسؤولة عنه، وهذا يعني أن «حماس» ليست مسؤولة عن هذا الانفجار الذي تضررت منه أكثر من أي طرف آخر، وأن جهاز المخابرات ليس مسؤولا عنه، فلا يعقل أن ينفذ الجهاز تفجيرا في موكب يضم رئيسه.

فرص النجاح قائمة؛ لأن مصر الراعية للحوار تريد إنجاح جهودها لكون الفشل يلحق الضرر بدورها ومصداقيتها، ولأن الفشل يهدد بانهيار معادلة «الهدوء مقابل تخفيف الحصار» التي نجحت بالتوصل إليها، ويقود إلى انهيار القطاع وانفجاره، واندلاع مواجهة فلسطينية إسرائيلية. تعمل مصر للحفاظ على تلك المعادلة وتطويرها لتصبح هدنة طويلة مقابل رفع الحصار وصفقة جديدة لتبادل الأسرى، وذلك للحفاظ على التقدم الملموس في الأمن بسيناء الناتج عن تجاوب «حماس» وتعاونها مع المصريين. كما ترى مصر أن معادلة الهدوء تساعد على إحياء ما سمي «عملية السلام» الرامية إلى قيام الدولة الفلسطينية، التي تراها القاهرة ضرورة للأمن القومي المصري، كونها تمنع رمي قطاع غزة في حضنها ولا بعيدًا عنها. ويعزز فرص النجاح هذه أن مصر لا تجد أن السلطة حتى الآن وإلى إشعار آخر يمكن أن تكون بديلًا عن حماس؛ لذا اختارت احتواء «حماس» والاعتراف بدورها وتمكين السلطة من العودة بصورة تدريجية.

ويمكن أن تنجح هذه الجولة؛ لأن السلطة تجد نفسها في وضع صعب جراء مسائل عدة، منها البدء بتحقق فصل الضفة عن القطاع، خصوصًا بعد دخول الوقود والأموال القطرية إلى غزة بموافقة إقليمية ودولية، ما يهدد بإضعاف السلطة، لا سيما إذا نفذت إسرائيل تهديدها واقتطعت جزءًا من أموال المقاصة التي تجمعها وحولتها إلى غزة. كما يمكن أن تنجح جولة المصالحة لأن «حماس» تعيش شعورًا مزدوجًا، فهي تشعر من جهة بنشوة الإنجاز بعد المواجهة الأخيرة وكشف الخلية الإسرائيلية التي تغلغلت في القطاع، ومن جهة أخرى تخشى من الانتقام الإسرائيلي، ومن المواجهة القادمة التي يجب عمل كل ما يلزم لتفاديها، مع الاستعداد لخوضها إذا فرضت عليها وعلى الفلسطينيين.

لا يزال خطر فشل الحوار هذه المرة كبيرًا، ولا يقل عن فرص النجاح؛ لأن «حماس» متمسكة بتطبيق جميع الاتفاقات، لا سيما اتفاق 2011م؛ لأنها تريد الاحتفاظ بغزة والحصول على مكاسب إضافية، ولا تريد خسارة غزة من دون الحصول على أي شيء في المقابل؛ لذا فأقصى ما وافقت عليه وما قدمته من مرونة هو عودة حكومة «الوفاق الوطني» إلى القطاع وتمكينها، مع ضرورة الاتفاق على تسديد رواتب موظفيها ورفع الإجراءات العقابية عن غزة، وعلى معنى «التمكين»، مقابل الشروع في مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية على أن تنتهي في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.