1058736
1058736
الاقتصادية

صندوق النقد الدولي: البيانات الاقتصادية مخيبة للآمال في الآونة الأخيرة .. وعلى مجموعة العشرين تنفيذ مجموعـة إصلاحـات متعددة المستويـات

29 نوفمبر 2018
29 نوفمبر 2018

عمان: أشاد صندوق النقد الدولي بالجهود التي بذلتها مجموعة العشرين ووصفها بأنها جهودبالغة الأهمية في مساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي خلال السنوات العشر التي أعقبت القمة الأولى لقادة المجموعة. وأعقب الصندوق: لكن غيوماً أكثر قتامة بدأت تخيم على الأفق من جديد. وتتطلب معالجة هذه التحديات تنفيذ سياسات منطقية من الناحيتين القومية والدولية، كما تتطلب تعزيز شبكة الأمان المالي العالمية، وفي القلب منها صندوق النقد الدولي الذي يتعين أن يكون مستعداً بالأدوات اللازمة والموارد الكافية - حتى نضمن القيام بالدور المنوط بنا في مساعدة البلدان على منع الأزمات المستقبلية والتعامل معها إذا وقعت.

وأضاف خبراء الصندوق: ولما كانت البيانات الاقتصادية مخيبة للآمال في الآونة الأخيرة، يجب ألا نسمح لأنفسنا بالاستسلام للعقبات. بل يجب أن نتحلى بالطموح، بما في ذلك تنفيذ مجموعة إصلاحات متعددة المستويات، مما يمكن أن يعطي دفعة إضافية بواقع 4% لإجمالي الناتج المحلي في بلدان مجموعة العشرين.

دلائل تشي بتراجُع النمو

ويتنبأ الصندوق في تقريره «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في أكتوبر الماضي بأن يبلغ النمو العالمي 3.7% في عامي 2018 و 2019. وتقل هذه التقديرات بمقدار 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته السابقة في شهر يوليو وهو ما يرجع في الأساس إلى تزايد الضغوط الخارجية والمالية على الأسواق الصاعدة وارتفاع التوترات التجارية بشكل ملموس.

وتشير البيانات الأخيرة إلى أن هذه العوامل المعاكسة ربما تكون قد أبطأت الزخم حتى بأكثر مما هو متوقع في السابق. فعلى سبيل المثال، كان النمو في الربع الثالث من العام منخفضاً بصورة غير متوقعة في اقتصادات الأسواق الصاعدة مثل الصين، وفي منطقة اليورو. ويمكن أن تتأثر الثقة بدرجة أكبر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول ترتيبات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

وعلى المدى المتوسط، ولا سيما في الاقتصادات المتقدمة، نتوقع تراجُع النمو بسبب العوامل الديمغرافية المعاكسة وبطء الإنتاجية. وينطبق هذا على الولايات المتحدة، بمجرد انتهاء دفعة التنشيط المالي التي بدأت مؤخراً.

وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي عدم المساواة المفرط في عدد ضخم من البلدان إلى الإضرار بكثير من الأفراد – كما يهدد بإضعاف التأييد الشعبي للإصلاحات التي من شأنها رفع الإنتاجية.

وذكر خبراء الصندوق ثلاث أولويات لمعالجة هذه التحديات تتلخص في التالي:

أولاً، تعزيز أدواتنا الدفاعية

يستطيع صناع السياسات البدء بتوسيع حيز المناورة من خلال المالية العامة، حتى تتوافر لهم الموارد اللازمة لتقديم دعم أكبر للاقتصاد إذا ما طرأ ضعف كبير على النمو. ويعني هذا إجراء عملية ضبط مالي فعالة في الوقت الراهن- وخاصة في البلدان عالية المديونية مثل إيطاليا وعدة اقتصادات صاعدة.

ومن حيث السياسة النقدية، ينبغي مواصلة العملية الجارية لاستعادة أسعار الفائدة إلى مستوياتها العادية في كثير من الاقتصادات المتقدمة، باتباع مسار تدريجي يقوم على الإفصاح الجيد ويعتمد على البيانات. وليس هذا في صالحنا فقط، بل إنه يساعد أيضاً على تجنب تعريض الآخرين لاضطرابات لا داعي لها.

وتشير عودة السياسة النقدية العادية إلى نمو قوي نسبياً في الاقتصادات المتقدمة. غير أن تشديد السياسة النقدية في الشهور الأخيرة- الذي اقترن بتصاعد التوترات التجارية- قد كثف الضغوط الخارجية بالنسبة لبعض الأسواق الصاعدة

وأوصى الصندوق البلدان التي تتسم أهدافها التضخمية بدرجة جيدة من الثبات أن تعتمد على مرونة سعر الصرف لتخفيف الضغوط الخارجية. وإذا كانت هذه الضغوط تهدد بإحداث اضطرابات، يمكن أن تساهم إجراءات إدارة التدفقات الرأسمالية بدور في هذا الخصوص، باعتبارها جزءاً من حزمة سياسات أوسع نطاقاً.

ثانياً، العمل الجماعي هو التكتيك الرابح

إن تصاعد الحواجز التجارية يؤدي بكل الأطراف المشاركة إلى إلحاق الهزيمة بأنفسهم في نهاية المطاف. ومن ثم، يتعين على كل البلدان أن تبتعد عن أي حواجز تجارية جديدة، مع التراجع عن التعريفات الجمركية التي تقررت مؤخراً. والواقع أن أمامنا فرصة فريدة لتحسين النظام التجاري العالمي. وتشير أبحاث الصندوق إلى أن تحرير التجارة في الخدمات يمكن أن يضيف حوالي 0.5%، أو 350 مليار دولار أمريكي، إلى إجمالي الناتج المحلي في مجموعة العشرين على المدى الطويل.

وفي نفس الوقت أيضاً، يمكن أن يؤدي تضافر جهود البلدان المنفردة إلى تعزيز اقتصاداتها، وتقليص الاختلالات العالمية، وتعزيز الاقتصاد العالمي. ومن أمثلة ذلك أن ألمانيا يمكنها استخدام ما لديها من حيز مالي لدعم نموها الممكن، وذلك بزيادة الاستثمار وتحفيز العمالة على المشاركة في سوق العمل؛ بينما يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في هذا الصدد بتخفيض عجز ماليتها العامة؛ كما يمكن للصين أن تساهم أيضاً بالمضي في جهودها الجارية لاستعادة توازنها الاقتصادي.

وبعد عقد من الأوضاع الاقتصادية الميسرة نسبياً، يحتاج كثير من البلدان أيضاً إلى معالجة مستويات الدين القياسية- التي تبلغ مجتمعة 182 تريليونا على مستوى العالم حسب تقديرات الصندوق. وبالإضافة إلى ذلك، من الضروري زيادة الشفافية فيما يتعلق بحجم الاقتراض وشروطه، وخاصة في البلدان منخفضة الدخل. وبصورة أعم، تتطلب مخاطر القطاع المالي اتخاذ إجراءات لمواجهتها، منها تجنب التراجع عن الإنجازات التي تحققت في تنظيم القطاع المالي بعد الأزمة المالية.

ثالثاً: تسريع الوتيرة

وقد تبنت الأرجنتين كرئيس لمجموعة العشرين موضوعاً يمثل أولوية حاسمة- وهو بناء توافق في الآراء لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة. لكن التقدم بطيء للغاية في الوقت الراهن. ويمكن لمعظم الاقتصادات المتقدمة الأعضاء في مجموعة العشرين أن تستفيد من تخفيف القيود في أسواق المنتجات لتحفيز الابتكار وتخفيض الأسعار. ففي اليابان وكثير من بلدان منطقة اليورو، على سبيل المثال، تعلق أهمية كبيرة على تيسير الحصول على الخدمات المهنية. وفي كندا وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها، من الضروري تقديم دعم أكبر للجهود البحثية.

وقال خبراء الصندوق: إنه يمكن أن تستفيد معظم البلدان النامية الأعضاء في مجموعة العشرين من إجراء إصلاحات في سوق العمل والمنتجات. فبإمكان اقتصادات مثل البرازيل والصين والهند وروسيا أن تحقق مكاسب بالابتعاد عن الضرائب التشويهية.

وفي كل البلدان تقريباً، من شأن زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل أن تعزز النمو، بل وتساعد أيضاً على جعل المجتمعات أكثر عدالة واحتواءً للجميع.