aan
aan
أعمدة

مهنية العطاء

24 نوفمبر 2018
24 نوفمبر 2018

آن بنت سعيد الكندية/ رئيسة جمعية دار العطاء -

Twitter : @AnnAlkindi -

«لا أملك شهادات عليا، ولكنني طورت نفسي بالعديد من الدورات التدريبية وصقلني الميدان»

أخاطب القلب والعقل معا فكما تنبع الفضائل من وعي روحي قد تكون مخاطبة العقل بالحقائق طريقا لإيقاظ روحه، ولأنني وجدت العطاء أساس الفضائل، لذا سأقول: دخلت جمعية دار العطاء ووجدت قوائم مالية بلا دفاتر سرية فتلك تسمى الشفافية، ونظاما إداريا بأقسامه ودوائره ومجلس إدارة محكوما عمله بالقوانين والتشريعات، وحسابات مدققة تلك تسمى الحوكمة.

جمعية خيرية بادرت بإقامة ندوة للحوكمة!! لأنها أرادت الاستدامة وإشراك باقي الجمعيات لما وصلت له من تنظيم وشفافية مصدرة دليلا استرشاديا لآليات تطوير النظم والرقابة الداخلية لعمل الجمعيات الأهلية.

مهنيةُ جمعيةِ دار العطاء جعلت منها مظلة لأربعة فرق تطوعية أخص بالذكر منها فريق سوا نبني الذي استفادت من جهود متطوعيه 179 أسرة خلال 2017.

قال لي زوجي: إن العمل الخيري هو أجمل إشغال للوقت، فطرقت باب الجمعية دون أن اعرف ما يمكنني تقديمه، ووجدت منهم ترحيبا دفعني دفعا للعطاء، أردت النزول إلى الميدان والبعد عن وجع الرأس: استراتيجيات وخطط اقتصادية وتقارير دولية ومسميات ومصطلحات توحي بالأهمية بينما هي محاولة لتوصيف علمي لأسس قديمة قدم حضارة الرومان.

ما الذي يمكن أن يقدمه الإنسان غير عطاء المال؟! فاكتشفت أنه أسهل العطاء وإذا لم يُعط بعطف واحترام فهو مِنّة واستكثار فلعمل الخير أصول لا يعرفها إلا قلب فهِم أن المعطي اكثر احتياجا من المحتاج، شمرت عن ساعدي وبدأت بعمل الاستشاريين، بدأت بأعضاء مجلس الإدارة وبعدها مقابلات فردية لجميع الأقسام، واطلعت على قسم المحاسبة والإعلام والتسويق وقسمي صيانة وبناء المنازل والأسر، وقيّمت سير العمل وقرأت التقارير حتى أتمكن من دفع زكاة معرفة يسّرها الله لي.

تجربة ثرية فلا هي مؤسسة حكومية ولا هي تجارية يتفنن مؤسسوها في سبل استقطاب الأموال لتمكين الأسر منطلقين من بدأ ترسيخ الاعتماد على النفس والثقة بالقدرات عطاء لا يوجد الاتكالية فالمال السهل يفسد الغنيَّ والفقير.

وصل دبلوم المنتسوري إلى بهلا وأدم وعبري تمكينا نوعيا للتأهيل العلمي لبرنامج مدته تسعة اشهر، وأضافت لي هذه التجربة معلومات وخبرة ميدانية وآفاقا جديدة، لو يعلم الإنسان كم تضيف له المبادرة بالعمل التطوعي لما بقي في بيته ينتظر فرج الوظيفة.

تبلغ ميزانية جمعية دار العطاء لعام 2017 -حسب تقريرها السنوي- مليونا ومائتين واثنين وتسعين ألف ريال عماني (1292784)، مبلغ حصيلة جهود كبيرة، إلا أنه صغير لإحداث نقلة نوعية لتمكين الأسر وأصغر من مقدرتنا على التبرع.

نجحت ست نساء في تأسيس هذه الجمعية كسرن بذلك صورا نمطية عديدة لكيفية الأعمال الخيرية وأنموذجا مشرّفا خلال مسيرة امتدت 16 عاما، وقفت مبهورة أمام شغفهن، وعملهن الدؤوب المتواصل، لمست على أرض الواقع كيف تجعل لعلاقاتك واتصالاتك وسيلة لمساعدة محتاج، عروض أزياء وحفلات لعشاء خيري تحسبها ترفا ولكنها وسيلة ذكية لجذب مزيد من الأموال لقائمة المنتظرين ليد الرحمة والإحسان.

أمام هذه الشفافية بحسابات مالية مدققة وأقسام واضحة للعطاء من زكاة وكسوة وصدقة وبناء منزل ومنح دراسية تعرف أن أموالك تنفق على وجه الصحة عندها تطمئن أنها ذهبت لمن يستحق بعد أن يقوم قسم الأسر بدراسة ميدانية للأسر المحتاجة بالتعاون مع الجهات المعنية من دوائر التنمية الاجتماعية وجمعيات المرأة ومكاتب الولاة.

هناك اليوم 30 جمعية ومؤسسة خيرية، سأكون أنا الممتنة إن سنحت لي الفرصة للعطاء المهني.

تخيل لو أن الجميع ساهم لإنجاح حملة دار العطاء «ريالك عطاؤك»، لما كان هناك اليوم قوائم انتظار.