أفكار وآراء

تأرجح مثير في سعر النفط

21 نوفمبر 2018
21 نوفمبر 2018

الإيكونومست – ترجمة قاسم مكي -

من المفترض أن يكون سعر النفط في ارتفاع الآن. فمع تفعيل العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران في وقت مبكر من هذا الشهر كان من المتوقع أن تتقلص صادرات إيران، رابع أكبر منتج للنفط الخام في العام الماضي، إلى ما يقرب من الصفر. تحسبا لذلك ارتفع سعر النفط إلى أكثر من 86 دولارا للبرميل في أوائل أكتوبر. وهو أعلى مستوى له خلال أربعة أعوام.

بل لقد حذر بعضهم من أن الأسعار ستتخطى حاجز المائة دولار. لكن بدلا عن ذلك دخل النفط سوقا هابطة بحلول الثامن من نوفمبر مع انخفاض سعر العقود المستقبلية للخام الأمريكي بنسبة 20% من الذروة التي بلغها مؤخرا. واستمر في الهبوط. وفي 13 نوفمبر تراجع النفط القياسي الأمريكي في جلسة المداولات الثانية عشرة على التوالي. لقد كان ذلك أطول تدهور متتالي على مدى فترة تزيد عن ثلاثة عقود. لا يوجد جديد في بعض أسباب هذا الهبوط في الأسعار. فالعرض يزداد والطلب ينحسر. في أكتوبر خفَّض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي.

وكان لمتاعب الأسواق الصاعدة تأثير زائد عن الحد على طلبها على النفط المقوم بالدولار مع تزايد تكلفته بالعملات المحلية الضعيفة. لكن التقلب الأخير في سوق النفط يعكس أيضا تأثير قوى جديدة من بينها حدود المنتجين التقليديين والأثر غير المعهود للرئيس الأمريكي دونالد ترامب (على سوق النفط.) تطمح منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة المملكة العربية السعودية إلى استقرار مريح (بلا مشاكل.) فالأسعار ينبغي أن تكون مرتفعة بما يكفي لاستدامة موازنات البلدان الأعضاء في أوبك ، ومنخفضة بما يكفي لدعم الطلب العالمي . لكن قبضة أوبك ارتخت. ويوجد الآن ثلاثة منتجين مهيمنين على سوق النفط هم الولايات المتحدة والسعودية وروسيا من بينهم بلد واحد فقط عضو في أوبك. ومع ازدهار صناعة النفط الصخري الأمريكي اتجهت السعودية إلى روسيا من أجل التعاون معها في تنسيق حجم الإنتاج. لكن مصالح البلدين النفطية لا تتطابق تماما. ففي 11 نوفمبر ذكر خالد الفالح وزير النفط السعودي أن المملكة ستخفض الإنتاج بحوالي 500 ألف برميل في اليوم في شهر ديسمبر القادم.

ومن جانبه شكك وزير النفط الروسي في أنه سيكون هنالك حقا إفراط في إمدادات النفط. لكن الولايات المتحدة هي صاحبة الأثر الأكثر تقويضا لاستقرار الأسعار. فقد صارت هذا العام أكبر منتج للنفط في العالم. وشركات نفطها الصخري تضخ النفط بمعدل لافت. فقد كان الإنتاج في أغسطس أعلى بنسبة 23% من مستواه قبل عام من ذلك. لكن صناعة النفط الصخري مدينة للمستثمرين وليس لوزير نفط . لذلك قد يتناقص الإنتاج إذا استمرت أسعار النفط في التراجع. إلى جانب ذلك هنالك سياسات الرئيس ترامب التي تُعِينُ على دفع أسواق النفط في هذا الاتجاه أو ذاك. فبعد أن أعلن عن إعادة فرض العقوبات على إيران في مايو الماضي ، وافقت منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (أوبك) وحليفاتها على زيادة الإنتاج. وارتفع الإنتاج من السعودية وروسيا إلى مستويات قياسية.

ثم في الخامس من نوفمبر الجاري أعلنت أمريكا أنها ستسمح للصين والهند وستة بلدان أخرى باستيراد النفط الإيراني لمدة 180 يوما ، وهذه الدول تشكل وارداتها مجتمعة نحو 75% من إجمالي الصادرات الإيرانية، حسب شركة الأبحاث سانفورد بير نستاين. كذلك تضعف سياسات ترامب التجارية الطلب على النفط. وتعود توقعات صندوق النقد الدولي بانخفاض النمو جزئيا إلى التباطؤ في الأسواق الناشئة ، لكن أيضا إلى التوترات المتصاعدة بين أمريكا وشركائها التجاريين. وهو ما شكل ضغطا أدى إلى المزيد من إضعاف الاقتصادات الناشئة.

يقول إدوارد مورس، الباحث بمجموعة سيتي جروب أن النمو في حركة النقل الجوي والبحري تراجع إلى حوالي النصف في العام الماضي الأمر الذي أدى إلى تقليل الطلب على وقود الديزل. كما أن حرب ترامب التجارية مع الصين مهمة خصوصا لأسواق النفط نظرا إلى أن واردات الصين شكلت 40% من النمو في حجم الطلب على النفط في العام الماضي. وفي 13 نوفمبر الجاري خفضت أوبك توقعاتها حول الطلب العالمي على النفط في العام القادم. لكن فيما تهبط أسعار النفط يوجد سبب للاعتقاد بأنها يمكن أن ترتفع قريبا. ربما سيكون هنالك المزيد من خفض الإنتاج في الشهر القادم بعد أن تجتمع أوبك وشركاؤها في فيينَّا. فإلى جانب عدم التأكد بالنسبة للصادرات من جانب إيران ، يمكن أن يضغط توقف الإنتاج في فنزويلا وليبيا ونيجيريا أو العراق (في حال حدوثه) على الإمدادات العالمية. لقد ضخت هذه الدول النفطية «الخمس الهشة» كما يصفها بعض المستثمرين نحو 12% من إنتاج النفط العالمي في الفترة من يوليو إلى سبتمبر من هذا العام .

ثم هناك احتمال أن يغير ترامب من اتجاه سياساته على سبيل المثال بعقد اتفاق تجاري مع الصين ، أو تشديد القيود على إيران مرة أخرى. ويمكنه أيضا ببساطة أن يكتب تغريدة. ففي 12 نوفمبر لجأ ترامب إلى تويتر لدعوة أوبك إلى الامتناع عن خفض الإنتاج. وهبط سعر النفط.