assem
assem
أعمدة

حكاية عُمان في وجه قابوس

19 نوفمبر 2018
19 نوفمبر 2018

عاصم الشيدي -

[email protected] -

تأملت أمس الأول وجه جلالة السلطان وهو يقف أمام طوابير قواته المسلحة بنفس الهيبة والشموخ الذي كان عليه قبل سنوات طويلة من هذا اليوم، يومَ كان في عزّ شبابه وفي أوج طموحه في بناء عُمان لتكون دولة عصرية تستعيد أمجادها العريقة وتواكب حركة النهضة والحداثة في العالم.. تأملت وجه السلطان عبر شاشة التلفزيون وأنا على بعد مسافة طويلة من أرض الوطن، وإنْ كنت في عمق فرحته واحتفاله، تأملت وجهه فوجدتني أقرأ في إشراقته البهية حكاية 48 سنة من عمر عُمان مضت، وأقرأ في تفاصيل وجهه حكاية سنوات من الكفاح والنضال من أجل أن تكون عُمان كما هي اليوم وكما نقرأها ونعيشها وكما ينظر إليها العالم وكما يوثق عنها التاريخ.

قرأت في تفاصيل وجهه صبرا وجلدا لا يطيقه إلا الأشداء من القادة العظام الذين خلدهم التاريخ وخلدتهم أفعالهم العظيمة في خدمة الإنسان وحضارته، فبناء الأوطان ليس نزهة على شاطئ البحر، فكيف إذا كان هذا الوطن هو عُمان صاحبة التاريخ والأمجاد الطويلة، وكيف إذا كان الهدف هو أن تعود كما كانت ولكن في صورة عصرية تواكب تطور العالم ومسيرة حضارته.. وكيف إذا كانت هذه الرغبة في البناء المكاني تواجه تحديا في الإطار الزماني حيث قدر لهذه المنطقة أن تعيش أصعب التحديات وأمرها ولأسباب يعرفها الجميع.

كان ذلك الصبر والجلد واضحا في كل تفاصيل وجهه.. إنه الزمن الذي يراكم كل المتغيرات ويحفظ كل التجارب والحكم والعبر في وجه البشر وما علينا إلا أن نقرأ ونتأمل إنْ أردنا أن نستمد الحكمة ونعرف طريق المستقبل.

كانت صفحة وجه جلالة السلطان أمس قادرة على أن تسرد كل الحكاية وبأدق تفاصيلها، حكاية بناء عمان وحكاية التحديات التي مرت بها المسيرة طوال السنوات الماضية وفي وقتنا الحاضر وربما في المستقبل، ونحن ندرك اليوم حجم تلك التحديات وحجم ما علينا أن نبذله من أجل تجاوزها بأقل الخسائر، ولكن وقفة جلالة السلطان بكل ذلك الشموخ وبكل تلك الهيبة بعثت في نفوسنا جميعا الكثير من الطمأنينة أن المسيرة في طريقها وأن للتحديات رجالا أشداء قادرين على تجاوزها، كما تجاوزوا تحديات البدايات الأولى. كانت تلك الوقفة خليقة بأن تبعث فينا كمًا كبيرًا من العزيمة وفهما أن الأمجاد لا تتحقق بالكسل والخمول ولكن بالعمل والجد والصبر والتفاني.

كان وجه السلطان أمس، ونحن نطيل النظر فيه، كتابا مفتوحا أمامنا وأمام العالم وكل تفصيل فيه يكشف عن حجم الإنجاز ولكن عن حجم العقبات التي تم تجاوزها وتذليلها.

وإذا كان العيد الوطني في عُمان هو وقفة للنظر ساعة فيما تحقق فهو محطة انطلاق جديدة نحو المستقبل، وعُمان مستمرة في انطلاقها نحو المستقبل رغم كل التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ورغم كل قراءات منظري العالم أن المنطقة يعاد رسمها من جديد إلا أن عُمان شامخة كشموخ جبالها وكعظمة رجالها عبر التاريخ؛ لأن حكمة سلطانها المعظم أبعدتها وأبعدتنا عن الهشاشة السياسية وتهافتها ووجهتها ووجهتنا نحو عمق ورسوخ نفخر به جميعا وهو عمق لفت أنظار العالم.

فهنيئًا لعمان الكتاب المشرق الذي نظرت فيه أمس لتاريخها ولمستقبلها، هنيئًا لها كل تلك الطمأنينة التي عاشتها بعد أن رأت شموخ سلطانها وبالتالي إشراق مستقبلها.