Untitled-1
Untitled-1
مرايا

من أعلام القراء «3» : مصطفى إسماعيل..صاحب الحنجرة الذهبية

31 أكتوبر 2018
31 أكتوبر 2018

إعداد - مروة حسن -

«إنجاز» هو محاولة لتسليط الضوء على إيجابيات في حياتنا قد تكون أنت صانعها أو أنتِ أو شخص قرأت عنه أو سمعت عنه في محيطك، فلا تستهن بالأمر، وتقول ليس بحياتي شيء يذكر، فقد يكون إقلاعك عن التدخين إنجازا، وقد يكون نجاحكِ في تحمل مسؤولية أبنائك بمفردك إنجازا، فحياتنا مليئة بالكثير والكثير، ولكننا نادرا ما ننظر لذلك النور الذي يشع منها، بل إننا كثيرا ما نركز على تلك البقعة المظلمة فيها. الخلاصة اننا في هذا الباب لن نتحدث عن سلبيات أوعن أخطاء، وإن عرضناها ستكون حتما بداية لنجاح وإنجازا لصاحبها ودليلا لمن سيقرأها معنا، وتكون نورًا وبابًا جديدًا للأمل، لذلك اسمحوا لي أن نتعمق سويًا في نجاحاتنا، وتأكدوا أنها مهما كانت بسيطة في نظرنا فإنها قد تكون إنجازًا عند غيرنا، وقد تكون شعاع الأمل للكثير منا. ففي هذا الباب سنعرض إنجازات لمشاهير قد نكون سمعنا عنهم مع عدم إغفال محاولاتهم وإصرارهم على تحقيق النجاح، ولن نقصر الأمر علينا كمسلمين أو عرب، بل سنفتح الباب على مصراعيه ليسع الجميع، لذا سنعرض أحيانا إنجازات لغير العرب ولغير المسلمين كما سنعرض أيضا تجارب شخصية لأفراد بيننا، قد تكون أنت أو أنتِ أعزائي القراء بطلا لأحدها. لذا أتمنى أن تتواصلوا معي بإنجازاتكم سواء الشخصية لكم أو لمن يحيطون بكم أو حتى التي قرأتم عنها، وليس الأمر مقصورًا على عالمنا العربي ولكنه مفتوح على العالم أجمع، فقط ابحث وستجد حتما ولا تستهن بالأمر أبدا، فعمل بسيط تغلبت عليه أنت هو حتما إنجاز ونقطة أمل لغيرك، وكونوا أبطالاً في مقالاتنا القادمة في «إنجاز».

واليوم دعونا نبدأ بسرد قصة جديدة من قصص الإنجازات التي نرصدها في عالمنا الماضي والمعاصر، لذا تابعوا معنا السطور القادمة..

[email protected]

ولد الشيخ مصطفى إسماعيل في قرية ميت غزال، محافظة الغربية بجمهورية مصر العربية في 17 يونيو 1905 ميلادية (الموافق شهر ربيع الثاني 1323 هـ). حفظ القرآن الكريم ولما يتجاوز الثانية عشرة من العمر في كتّاب القرية، ثم التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا ليتم دراسة القراءات وأحكام التلاوة. أتم الشيخ تلاوة وتجويد القرآن الكريم وراجعه ثلاثين مرة على يد الشيخ إدريس فاخر.

وبحسب ما جاء عن سيرته في موقع (ويكيبديا) فقد أتم مصطفى إسماعيل تجويد القرآن وتلاواته بالقراءات العشر على يد الشيخ إدريس فاخر وعمره لم يتجاوز 16 عاماً.

ثم ذهب للإقامة بطنطا ومن هناك سجلت الانطلاقة الحقيقة لموهبته. عندما وصل جثمان السيد حسين بك القصبى من اسطنبول إلى طنطا، وخرجت طنطا كلها تستقبل الجثمان في محطة القطار بالمدينة. يقول الشيخ مصطفى إسماعيل: “خرجت مثل باقي الناس نستقبل الجثمان ويوم العزاء دعاني أحد أقارب السيد القصبى للقراءة بالعزاء وكان عمري 16 عاما ولبست العمة والجبة والقفطان والكاكوله. وأراد الله أن يسمعني جميع الناس من المديريات وجميع أعيان مصر وذهبت إلى السرادق الضخم المقام لاستقبال الأمير محمد علي الواصي على عرش الملك فاروق وسعد باشا زغلول وعمر باشا طوسون وأعيان مصر وأعضاء الأسرة المالكة في ذلك الوقت. وحضر العزاء أيضا أعيان الاسكندرية وبورسعيد وجميع أعيان القطر المصري، ولم يكن هناك مكبرات صوت فقررت ان اسمع السرادق كله صوتي. وعندما انتهى أول القراء وكان اسمه الشيخ سالم هزاع، رحمة الله عليه، ونزل من على الدكة قفزت على الدكة وجلست وفجأه نادى قارئ قائلاً انزل يا ولد هوه شغل عيال. حتى حضر احد اقارب السيد القصبى وقال للشيخ حسن هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك. وقرأت وأبهرت الحضور بتلاوتي وكذلك انبهر الشيخ حسن صبح.”

كذلك استمع إليه الشيخ محمد رفعت وكان هو نفسه من المعجبين والمتأثرين بصوت الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي وغيرهما. ذاعت شهرته في أنحاء محافظة الغربية والمحافظات المجاورة لها ونصحه أحد المقربين منه إلى الذهاب إلى القاهرة وبالفعل ذهب إلى هناك والتقى بأحد المشايخ الذي استمع إليه واستحسن قراءته وعذوبة صوته ثم قدمه في اليوم التالي ليقرأ في احتفال تغيب عنه الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي لظرف طارئ وأعجب به الحاضرون. وسمعه الملك فاروق وأعجب بصوته وأمر بتعيينه قارئاً للقصر الملكي على الرغم من أنه لم يكن قد اعتُمدَ بالإذاعة.

زار الشيخ مصطفى إسماعيل 25 دولة عربية وإسلامية وقضى ليالي شهر رمضان المعظّم وهو يتلو القرآن الكريم بها، كما سافر إلى جزيرة سيلان، وتركيا وماليزيا، وتنزانيا، وزار أيضا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد زار الشيخ مصطفى إسماعيل مدينة القدس عام 1960، وقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى في إحدى ليالي الإسراء والمعراج. وقد كان الرئيس محمد أنور السادات من المحبين لسماع صوت الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى إنه كان يقلد طريقته في التلاوة عندما كان السادات مسجوناً. كذلك اختاره ضمن الوفد الرسمي لدى زيارته للقدس سنة 1977، وهناك قام ثانية بقراءة القرآن الكريم في المسجد الأقصى.

حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعلى وسام الأرز من لبنان عام 1958، ووسام الفنون عام 1965، ووسام الامتياز عام 1985 من الرئيس مبارك، ووسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا، ووسام الفنون من تنزانيا.

وقد تلقى الشيخ إسماعيل الدعوات والطلبات من دول عربية وإسلامية للقراءة فيها، فلبى تلك الدعوات، وسافر إلى العديد من تلك الدول، وقرأ فيها.

في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 22 ديسمبر سنة 1978 م غادر الشيخ مصطفى إسماعيل عزبته في قرية ميت غزال مودعا ابنته ومتجها إلى دمياط للقراءة في افتتاح جامع البحر في حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات. في ذلك اليوم وقبل أن يصل إلى دمياط كان يداعب سائقه كعادته وكان يقرأ بعض آيات القرآن في السيارة. يقول السائق إن الشيخ يومها كان حائرا لأنه كان ينسى بعض الآيات التى كان يرددها فيلتفت إلى السائق قائلا: (قل لي يا محرم إيه الآية اللي بعد الآية دي ؟)

في دمياط قرأ الشيخ تلاوته الأخيرة وبعدها طلب من السائق الرجوع إلى قريته بجوار طنطا وعند مفترق الطريق بين طنطا والمحلة الكبرى طلب منه التوجه إلى الإسكندرية وكان مرحا جدا مع محرم ” السائق ” وعند دمنهور طلب من السائق التوقف لشراء بعض سندويتشات فول وأكلها مع سائقه وكانت آخر ما أكل الشيخ في حياته .

توجهت السيارة إلى فيلته بحي رشدي في الإسكندرية ، دخل الشيخ منزله وطلب من خادمته وزوجها أن يجلسا معه في الصالون وطلب منهما الحفاظ على المنزل وأن يشربا الشاي معه .

قالت فراشة المنزل : وفجأة أعرب الشيخ عن سعادته وكان يقول أنا جالس الآن على كرسي العرش والعالم كله يصفق لي” وبدت الدهشة على وجه الخادمة والشيخ يهم بالوقوف متجها إلى غرفة نومه وسألته إن كان يريد النوم الآن وعندما وصل إلى حجرة نومه جلس على السرير ينادي ابنته التي كانت معه في طنطا وقالت له الخادمة أنا اسمي ” سراري ” فقال لها” تعالي يابنتي شوفي إيه اللي في دماغي ” وأخذ يدها بيده وحاول أن يصل بها إلى رأسه – ووقعت اليدان إلى الأسفل . ظنت الخادمة أنه مرهق من السفر ويريد النوم وكان تنفسه طبيعيا ولم تعلم الخادمة بأنه أصيب بانفجار في المخ وأن الشلل قد تسلل إلى جسده فتركته نائما في غيبوبة إلى اليوم التالي حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا وكانت تدخل عليه بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس عاديا فتتركه نائما.

اتصل أحد أصدقاء الشيخ هاتفيا بالمنزل وسمع بالواقعة وأحضر معه الأطباء. تم نقل الشيخ إلى المستشفى بالإسكندرية وهو في غيبوبة تامة ظل بها عدة أيام إلى أن توفي في صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1978 وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978 ودفن في مسجده الملحق بداره في قرية ميت غزال بالسنطة بمحافظة الغربية.