Randa-New
Randa-New
أعمدة

عطر : الله «بيدبرها»

31 أكتوبر 2018
31 أكتوبر 2018

رندة صادق -

“الحمد والشكر الله” ثقافة الحمد والشكرباتت شبه نادرة في حياتنا، حيث غرق الإنسان في العالم الأضيق وتاه عن العالم الأوسع، وأصابه ضلال الغرور البشري، وابتعلعته المادة، واستوطن عالم النفاق والقوة الزائفة، فظن أنه قادر ولا قدرة الا قدرة الله سبحانه وتعالى .

هذه الثقافة على كل انسان ان يتبناها، وعلى كل مؤمن بالله، مهما كانت ديانته أو طائفته أن يرددها، لتكون ملازمة لكل حدث يحدث له، مفرحا كان أو محزنا، فلهذه الجملة مسارات من الطاقة تنشر في الروح السلام والطمأنينة، وهذا ليس من باب الإفتاء، فلست مخولة للبحث في هذا الأمر من الناحية الدينية، ولكن أنقل لكم سحرها الإنطباعي، حيث انها تنزل في الروح لتبدل الخوف والقلق ليصبحا بردا وسلاما .

الحياة عبارة عن القليل من الفرح والكثير من المنغصات، أشياء مبهمة تحدث لنا تحتاج منا قوة لمواجهتها وصبرا متمرسا لتخطيها. هناك أشياء تحدث لا يمكن وصفها، وردات فعل لا يمكن أن تعتقد ان هذه الجملة كافية لتغير من وقع الألم وتبديد الرهبة، فتلك الأم التي قتل الغدر ابناءها الثلاث وزوجها لم تصرخ لم يصدر عنها صوتا، سوى كلمات الحمد والشكر، لقد امسكت بكتاب الله لتقرأ القرآن واحتسبتهم عند ربها شهداء، هذه الأم سلمت أمرها لربها وحمدته وشكرته، فمنحها الله سكينة وصبرا وعقلا، معادلة قد يراها البعض مستحيلة. ولكن ان تمكنت هذه الأم الثكلى من ذلك فكيف لا تستطيع انت؟

من خسر ماله أو تغير عمله أو تركته حبيبته، يهول مصابه ويبالغ في تضخيم ردات فعله على توافه الأمور، ما هذا الأمر الجلل الذي يجعلك متمردا غاضبا متذمرا؟ ماذا تفعل لو لديك مرض عضال أو يعاني من تحب منه؟ الحياة أسهل مما نسوقها ونستثمر حزننا وحاجتنا لنعاني من الإكتئاب ونعدي من حولنا كآبة. هي جملة تختزل كل شيء، لتحول كل ما تخاف منه الى امر مهما عظم شأنه، يمكن تخطيه ومواجهته. امرأة شابة تنبض بالحياة والإندفاع ولا تكف عن الإبتسام، ومع هذا لديها طفلين يعانيان من مرض نادر في الدم، وان حدثتها لتخفف عنها، هي التي تخفف عنك، وتبدأ بجملة: الحمد الله وتنتهي بجملة الحمد الله؟

كثيرة الدراسات التي أجريت على اهمية شكر الناس لبعضهم البعض، فكيف بشكر الله سبحانه وتعالى، يقول العلماء:” ان الشكر يعزز جهاز المناعة ويدعم الدماغ ويحفزه ليؤدي دوره بوعي أكبر” . كذلك ان الحمد والشكريمنحان الإنسان نفسه استقرارا عاطفيا، وسعادة مصدرها اليقين بالله سبحانه وتعالى. الحمد والشكر الدائمان يجعلانك على تواصل مستمر بالله، حيث ذِكرك الله وقد حمدته واتكلت عليه وشكرته يسحب اليك الطاقة الإيجابية، ويفكك العقد التي تواجهها بسلام قد يدهشك .

معظم الجدات حين كانت تستعصي عليهن الحياة، كنا نسمعهن يرددن: الحمد والشكر لله “الله بيدبرها “، جمل بسيطة ولكنها جمل (مفتاح) لأن لا شيء يصمد أمامها ولا توصد أبواب بعدها، الأبواب الموصدة نحن سببها، لأننا لا نجيد تعديل استراتجيتنا في رؤية الأشياء، ويصيبنا عناد الجاهل، الذي يرفض تغيير الطريق فيسكنه الفشل.

مع كل حدث مفاجىء، علينا أن نررد هذه الجملة وان نترك الأمر، حين نعجزعن ايجاد الحلول له، ونستمد صمودنا من الله سبحانه وتعالى، تأكد ان اعتمدتها، ستتغير حياتك كثيرا، حينها لن تبالغ في ردات فعلك ولن تفكر: ماذا سيحدث غدا ؟ وسيرشدك وعيك لتتبع الإشارات الداخلية، حيث يسكنك السلام والطمأنينة، ردد: الحمد والشكر لله، ونعم، (الله بيدبرها).