1022154
1022154
المنوعات

متحف مدحاء يضم مجموعة من التحف النادرة يعود أقدمها إلى فترة الألف الثالث قبل الميلاد

29 أكتوبر 2018
29 أكتوبر 2018

معروضات مختلفة تبرز ملامح من التاريخ العماني واتصاله الوثيق بالحضارات الأخرى -

مدحاء - قاسم بن عبدالله السعدي -

تعد ولاية مدحاء متحفا طبيعيا مفتوحا تضم عددًا كبيرًا من المواقع التراثية والأثرية تعود إلى مئات السنين وهي شاهدة على حياة الإنسان وطريقة عيشه في بيته وعمله ومعاشه فضمت بين طياتها مجموعة من التحف التي خلّدها تاريخها عبر تعاقب الأجيال وتكثر بها النقوش الصخرية القديمة التي تحمل رسومات مختلفة وتشتهر بوجود العديد من المخازن السرية تحت الأرض تسمى «مخازن الجهل»، وبها مقابر كثيرة، تنفرد من بينها مقبرة «حجر بني حميد» بوجود النقوش على شواهدها من حجر الرخام الأبيض لأسماء الموتى وبها أيضا عدة حصون قديمة تنتشر فوق قمم الجبال، ومبنية من الحصى، وتتخذ شكل المجمعات المؤهلة لتكون أبراجا للمراقبة.

من هنا بدأت فكرة إقامة متحف مدحاء حيث بدأ كمتحف خاص قام بإنشائه المواطن محمد بن سالم المدحاني احد أهالي ولاية مدحاء الذي بدأ بتجميع مقتنياته منذ أواخر الستينيات ورغم البساطة التي اتبعها لعرض المقتنيات في المتحف القديم إلا أن متحفه شمل الكثير من التحف النادرة التي تعود لفترات ما قبل التاريخ إضافة إلى النقوش الحجرية القديمة وبعض الأدوات الزراعية والقطع الأثرية التي تتمثل في المسكوكات والقطع المعدنية والفخاريات وغيرها من التحف النادرة التي قلّ ما نجدها في أماكن أخرى من السلطنة ومن ضمن ما تم عرضه في هذا المتحف قطع فخارية وعدد من قطع السهام والرماح والحجر الصابوني وكذلك الكثير من الوثائق والمخطوطات التاريخية. ثم بعد ذلك تشكلت لدى المدحاني فكرة إقامة مبنى خاص للمتحف وتحققت الفكرة وتم افتتاح المتحف بتاريخ 2 مايو 2018 برعاية سعادة السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي محافظ مسندم ويمثل متحف مدحاء أنموذجًا للمتاحف الخاصة التي تتم إقامتها بدعم حكومي من خلال وزارة التراث والثقافة ويعد الأول من نوعه في محافظة مسندم ويعد رافدًا للعديد من السياح والزوار من داخل السلطنة وخارجها، كما أن مبنى المتحف يربط بين الماضي والحاضر ويعد إضافة جديدة إلى منظومة المتاحف العامة في السلطنة.

ويضم المتحف مجموعة متنوعة من التحف النادرة الأثرية والتراثية يعود أقدمها إلى فترة الألف الثالث قبل الميلاد، وتقدم أقسام المتحف معروضات مختلفة تبرز ملامح من التاريخ العماني واتصاله الوثيق بالحضارات الإغريقية والرومانية والساسانية والفترات الإسلامية اللاحقة، وتتوزع التحف والمقتنيات إلى ستة أقسام وهي قسم الآثار ويضم مجموعة من الأواني الفخارية والأدوات النحاسية وقطع من الحجر الصابوني وغيرها، وقسم التراث الشعبي ويحتوي على الأثاث القديم للبيوت التقليدية وأدوات الطبخ وأواني الفخار ومجموعة من الحلي النسائية، وقسم النقوش الصخرية والأحافير ويعرض عددا كبيرا من الصخور التي نقشت عليها الأحداث والوقائع المهمة على فترات زمنية مختلفة حيث تم توثيق أسلوب المعيشة وطرق التجارة والترحال والتواصل الحضاري وقسم الأسلحة الذي يحتوي على عدة أنواع من الأسلحة التقليدية مثل البنادق والسيوف والسكاكين والفؤوس والسهام والرماح والمدافع القديمة، وقسم المخطوطات والوثائق ويضم مجموعة من المخطوطات والوثائق من القرآن الكريم وعلومه في الحديث وأصول الدين والفقه ومخطوطات في النحو والأدب والفلك والتاريخ، وقسم المسكوكات والأحجار الكريمة والخواتم ويحتوي على عدد من المسكوكات التي تعكس الجانب الاقتصادي والعلاقات التجارية خلال فترات زمنية مختلفة بالإضافة إلى مجموعة من الأحجار الكريمة المتنوعة كالزمرد والياقوت والمرجان والعقيق والكريستال وحجر الريم وحجر النجوم ومجموعة مميزة من الخواتم المرصعة بالأحجار الكريمة.

وقال الشيخ هاشم بن محمد بن راشد البادي نائب والي مدحاء: «لقد أولت حكومتنا بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - اهتماما كبيرا بالتراث والعاملين في هذا المجال ويتمثل ذلك من خلال وزارة التراث والثقافة التي تقوم بأدوار مهمة وفعّالة بهدف الحفاظ على الآثار من المخطوطات والمقتنيات المهمة، وتعد السلطنة من الدول الرائدة في هذا المجال إذ أنها تتمتع بتاريخ يحكي حضارة متأصلة منذ القدم». وأضاف: «إن متحف مدحاء هو تتمة لمشوار العمل والبناء والحفاظ على تراث الأجداد على هذه الأرض الطيبة وهو مركز جذب ثقافي وسياحي وتعليمي من خلال ما يقدمه من آثار ومقتنيات ومخطوطات ومسكوكات وأحجار كريمة تعود إلى قرون ما قبل الميلاد ويعد أنموذجًا للمتاحف الخاصة». وقال محمد بن سالم بن حمود المدحاني صاحب متحف مدحاء: «إن بداية متحف مدحاء كانت مبكرة ومنذ أن كنت بعمر العاشرة تقريبا تولّدت لي الرغبة في الحفاظ على كل ما هو قديم وله صلة بمدحاء خاصة والسلطنة عامة إذ أنني وجدت في الولاية مفردات وكنوزا متناثرة من الآثار والمخطوطات والنقوش الصخرية وكانت ولاية مدحاء بكل مناطقها عبارة عن متحف مفتوح ومنذ بداية رصف الطرق وقيام المشروعات المختلفة في الولاية تنبهنا إلى ضرورة المحافظة على هذا التراث المهم من خلال جمع الآثار والمقتنيات والمخطوطات وبسنة 1976 قمت بتخصيص غرفة بمنزلي لتجميع الآثار لتكون تأسيسًا لمتحف مصغر وفي سنة 1992 تم افتتاح متحف مدحاء للمرة الثانية بعد الاتفاق مع إدارة نادي مدحاء الرياضي في ذلك الوقت لإعارتي دكان صغير بمنطقة الحارة وترميمه واستخدامه كمتحف، وبعد حصولنا على المركز الثالث على مستوى السلطنة في كأس المخطوطات في عام التراث 1994 جاءت الأوامر السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بتخصيص أرض لبناء متحف مدحاء سنة 1995 ومر المتحف بعدة مراحل مختلفة حتى تم إنشاؤه بصورته الجميلة الدامجة بين عبق من الماضي الجميل والحاضر والمستقبل المشرق».