1026158
1026158
الاقتصادية

التحولات الإيجابية في تنويع الاقتصاد والرؤى الاســـــتراتيجية تعزز تنافسية السلطنة

29 أكتوبر 2018
29 أكتوبر 2018

المؤشرات المحلية والدولية ترصد نقلة نوعية  -

كتبت - أمل رجب

تسعى الخطة الخمسية التاسعة إلى إحداث نقلة نوعية في النمو، ورغم أن تنفيذها يتزامن مع واحد من أصعب التحديات المتمثلة في التراجع الحاد لأسعار النفط والعديد من المتغيرات العالمية التي تؤثر بشكل عام على النمو الاقتصادي في السلطنة والعالم، إلا أن طموح التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة في السلطنة يجد دعما واسعا من العديد من الاستراتيجيات والرؤى التي بعضها قيد الإعداد وأخرى منها قيد التنفيذ الفعلي، ونجحت هذه الاستراتيجيات في إنجاز خطوات جادة لتعزيز النمو ورفع تنافسية السلطنة، وتشمل هذه الاستراتيجيات الرؤية المستقبلية للسلطنة 2040 والاستراتيجية العمرانية واستراتيجيات لقطاعات الطاقة واللوجستيات والسياحة والتعليم والاستراتيجية الوطنية للابتكار وغيرها من القطاعات، إلى جانب تنفيذ وطرح العديد من المبادرات الجديدة من قبل البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي «تنفيذ» وغيرها من الجهات المعنية بدعم التنويع والاستمرار في اتاحة الفرص وإطلاق المشاريع الاستثمارية المناسبة للاستثمار المحلي والأجنبي، وإعطاء أولوية كبيرة لدعم وتمويل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال باعتبار هذا القطاع من القطاعات الواعدة لتوفير فرص عمل للعمانيين وزيادة القيمة المضافة في الاقتصاد العماني.

المؤشرات الحالية تشير إلى أن الاقتصاد العماني يمضي نحو تحقيق الأهداف والتحول إلى التنوع والاستدامة اعتمادا على ركائز رئيسية هي التنويع ورفع تنافسية الاقتصاد وزيادة إنتاجيته وجذب وتشجيع المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية، ومن بين هذه المؤشرات توجه المالية العامة نحو أوضاع أكثر استقرارا، كما تحقق الصادرات العمانية زيادة متواصلة، وهناك ارتفاع ملموس في تدفق الاستثمارات الأجنبية والتي يتوجه غالبها إلى مشروعات تنموية تصب في صالح برامج التنويع وتخدم مشاريع ومبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتساهم الاستثمارات الكبيرة في السلطنة في مجالات التعليم والتدريب في تقدم مستمر في قطاع التعليم والتدريب بما يسد الفجوة الحالية في سوق العمل ويدعم فرص الشباب في الوظائف المجدية.

إن تضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية بدأ يؤتي ثمارا واضحة توجت بما جاء في التقرير الأخير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي حيث تقدمت السلطنة 14 مركزا لترتفع إلى المركز 47 عالميًا بدلا من 61 في العام الماضي، والتقرير يصدر سنويا عن المنتدى ويعد المؤشر العالمي الأهم على الإطلاق في رصد جهود التطور في مختلف دول العالم، ورغم أن هذا التقدم في حد ذاته يعد إنجازا مهما ومؤشرا على نجاح الاستراتيجيات وجهود التنويع وتأسيس اقتصاد تنافسي، إلا أن أهمية هذا الإنجاز تتزايد مع توالي صدور العديد من المؤشرات الدولية الجيدة حول أداء السلطنة خلال العام الجاري الذي شهد تطورات منها تقدم السلطنة 8 مراكز في مؤشر الابتكار العالمي وجاءت في المركز الـ 69 بعد أن كانت في الترتيب 77 في عام 2017، وذلك نتيجة جهود الجهات المعنية بالابتكار، ويضم المؤشر عدة معايير منها إيداع براءات الاختراع حيث ارتفع عدد طلبات براءات الاختراع من عام 2016م إلى 2017م في دائرة الملكية الفكرية بوزارة التجارة والصناعة بنسبة نمو بلغت 6 بالمائة مما يقدّم لصناع القرار نظرة شاملة على النشاط الابتكاري الذي يحرك النمو الاقتصادي والاجتماعي. ويصدر مؤشر الابتكار العالمي من المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) ويقدم المؤشر مقاييس مفصّلة عن الأداء الابتكاري في 126 بلدا في جميع أنحاء العالم البالغ عددها 80 مؤشرا إضافة إلى رؤية شاملة عن الابتكار بشتى مجالاته ومنها البيئة السياسية والتعليم والبنى الأساسية وتطوير الأعمال.

من جانب آخر هناك تطور ملموس في المؤشرات المحلية التي ترصد النمو وحركة الاقتصاد، إذ تجاوزت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة من 50 بلدًا نحو 9.5 مليار ريال، وساهم قطاع التنقيب عن النفط والغاز بنسبة 44.7 بالمائة من هذا الاستثمار، وتلاه قطاعا الوساطة المالية بنسبة 17.9 بالمائة والتصنيع 15.6 بالمائة، وسجل حجم الاستثمارات في المؤسسة العامة للمناطق الصناعية 16.3 مليار دولار أمريكي مما يدل على تنامي قطاع التصنيع في السلطنة وبشكل مستمر يتم الإعلان عن مشاريع جديدة وتنفيذ أخرى في قطاعات السياحة والزراعة ومصائد الأسماك والموانئ، ووفق الإحصائيات الرسمية تقوم الشركات العمانية حاليا بالتصدير إلى 135 بلدا في جميع أنحاء العالم، وفي عام 2017 بلغ مجموع السلع غير النفطية التي تم تصديرها 3.176 مليار ريال عماني، وتظهر الإحصائيات الرسمية استمرار التحسن الملموس في الميزان التجاري لصالح السلطنة، حيث تخطى حجم الصادرات قيمة الواردات بفارق كبير خلال النصف الأول من العام الجاري، بفضل ارتفاع أسعار النفط وزيادة قيمة صادرات النفط والغاز إضافة إلى زيادة حجم الصادرات غير النفطية، وسجل الفائض التجاري 2.7 مليار ريال مقارنة مع 1.3 مليار ريال بنهاية الربع الأول من العام الجاري، ويحتل التصدير أهمية كبيرة فهو انعكاس مباشر لنجاح التنويع الاقتصادي وعامل أساسي في دعم الميزان التجاري مع العالم الخارجي، وهو مؤشر على النجاح في جذب الاستثمارات الجديدة التي تجلب التكنولوجيا الحديثة وتوفر فرص العمل وتتيح مجالا أوسع لعمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص العمل للعمانيين.

إن الرؤية الحكومية للتنويع تعتمد على ضرورة استغلال واستثمار جميع المشاريع المهمة بما يصب في صالح النمو، حيث تساهم استثمارات القطاع العام واستثمارات القطاع الخاص في رفع القدرات التنافسية للسلطنة محليا وعالميا وإحداث التحولات المطلوبة في مسار الاقتصاد العماني، خاصة مع العديد من مشاريع البنية الأساسية العملاقة مثل مطار مسقط الدولي وطريق الباطنة السريع الذي سيتم الانتهاء منه قريبا ومركز عُمان للمؤتمرات والمعارض الذي تم افتتاح أجزاء كبيرة منه ومن المخطط أن ينتهي العمل به قريبا، وبدءا من العام الماضي ووسط أولوية غير مسبوقة لتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي ورفع تنافسية السلطنة لتشجيع وجذب الاستثمارات يعمل المكتب الوطني للتنافسية، والذي يتبع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، على المساهمة في إيجاد بيئة مشجعة للأعمال تعزز النمو الاقتصادي، ورفع تنافسية السلطنة عبر استراتيجية لذلك تحدد مسار العمل وآلياته، ورعاية الحوار بين القطاعين العام والخاص بهدف تحسين التنافسية في مختلف القطاعات وبناء القدرات الوطنية في مجال تعزيز التنافسية وتحليل التقارير الدولية وقياس ومتابعة تقييم القدرة التنافسية للسلطنة على المستويين الوطني والإقليمي والدولي واقتراح السياسات والقوانين اللازمة لتحسين تنافسية السلطنة والعمل مع كل الأطراف سعيًا لتحقيق رؤيتها، وتتضمن المهام أيضا التغلب على التحديات التي تواجه تحسين بيئة الأعمال في السلطنة في إطار إيجاد بيئة تنافسية محفزة لكافة القطاعات والمجالات الوطنية ومنها (بدء النشاط التجاري، استخراج تراخيص البناء، الحصول على الكهرباء، تسجيل الملكية، التجارة عبر الحدود)؛ بهدف تعزيز تنافسية السلطنة وطنيا وإقليميا ودوليا.

كما شهد الوضع التنافسي للسلطنة تقدما كبيرا مع إنجاز المزيد من الخطوات في تفعيل الحكومة الإلكترونية، خاصة إطلاق وزارة التجارة والصناعة بوابة «استثمر بسهولة» لتعزيز التعاملات الإلكترونية وتسجيل الأعمال التجارية دون الحاجة لحضور المستثمر إلى مبنى الوزارة لتكون بمثابة نافذة واحدة لإنجاز كافة التعاملات الحكومية الخاصة بتسجيل الأعمال بالسلطنة وقد تم تنفيذ أربع مراحل أساسية من المشروع أسفرت عن تدشين أكثر 79 خدمة إلكترونية ذاتية، وتمكن المستثمرون ورواد الأعمال من الدخول إليها عبر بوابة استثمر بسهولة الإلكترونية أو عن طريق تطبيق استثمر بسهولة بالهواتف الذكية والذي يهدف إلى تسهيل استيفاء إجراءات تسجيل الشركات والمشاريع الاستثمارية إلكترونيا. كما قامت الحكومة باتخاذ إجراءات منها إنشاء مركز خدمات الاستثمار في وزارة التجارة والصناعة والذي يهتم بتسهيل وإنهاء إجراءات إقامة المشاريع الاستثمارية التي تزيد تكلفتها الاستثمارية عن 3 ملايين ريال عماني، فضلا عن التحول الإيجابي الذي أدى إليه نظام «بيان» الجمركي لتسهيل وانسياب حركة السلع الصادرة والواردة من وإلى السلطنة، والتقليل من تكلفة عملية الاستيراد والتصدير. كما أقر مجلس الوزراء العام الماضي إنشاء المحطة الواحدة للتفتيش بنظام إدارة المخاطر بالتكامل مع نظام بيان في جميع المنافذ البحرية والجوية والبرية، وذلك لزيادة الحركة التجارية في السلطنة، وتعزيز مكانتها لوجيستيا، وخفض التكاليف، وتنشيط حركة الاستيراد والتصدير لسهولة وسرعة إنجاز المعاملات مما سيسهم ذلك في توظيف التقنيات الحديثة وجلبها داخل السلطنة وإيجاد فرص جديدة للأعمال التجارية وستصبح موانئ ومنافذ السلطنة من خلال كفاءة الأعمال الجمركية جاذبة لاستثمار والانتعاش الاقتصادي في خطوة نحو تمكين القطاع اللوجستي ليكون أداة فاعلة لتعزيز التنويع الاقتصادي أخذًا بالطموحات العريضة للاستراتيجية اللوجستية الوطنية 2040.