1021204
1021204
إشراقات

خطبة الجمعــة: إخــلاص العـــمل لله أهم الأركان التي تقوم عليها عبادة الملك الديان

25 أكتوبر 2018
25 أكتوبر 2018

سبيل الخلاص في الدنيا ويوم الأخذ بالنواصي -

«المخلص» لا ينشط لمدح المادحين ولا يضيّع العمل لقدح القادحين بل يؤديه ابتغاء الأجر من ربه -

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

أشارت خطبة الجمعة التي تعدها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية إلى أن إخلاص العمل لله تعالى أهم الأركان التي تقوم عليها عبادة الملك الديان وهو سبيل الخلاص في الدنيا ويوم يؤخذ بالنواصي. وأوضحت أن المخلص هو ذلك الرجل الذي لا ينشط لمدح المادحين، ولا يضيّع العمل بسبب قدح القادحين، بل يؤدي عمله مخلصا يبـتغي الأجر والثواب من الكريم الوهاب.

وبيّنت أن من الوسائل التي تعين العبد على الإخلاص ابـتغاء الأجر من الله، والزهد فيما عند الناس، وحمـل النفس على إخفاء العمل، ومن شاء الإخلاص فعليه أن ينظر إلى افتقار من حوله، وبأنهم لا يمـلكون لأنفسهم ولا يمـلكون له نفعا ولا ضرا.. والى ما جاء في الخطبة المعنونة بــ (الإخـــلاص سبيل النـجاة).

الحمد لله عز وجل، أمر عباده بإخلاص العمل، وصيانته من العطب والزلل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له، يحب من عباده المخلصين، ولا يضيع أجر المحسنين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أزكى الناس سيرة، وأطهرهم سريرة، وأنفذهم بصيرة، صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأتقياء، وصحابته الأصـفياء، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم العرض والجزاء.

أما بعد، فيا عباد الله:

(اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ثم اعـلموا رحمني الله وإياكم أن الله تعالى ما خلقكم ليسـتكثر بكم من قلة، أو ليستأنس بكم من وحـشة؛ ولكن خلقكم لتعبدوه، ورزقكم لتشـكروه، وأجزل لكم النعم لتذكروه، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، ألا وإن من أهم الأركان التي تقوم عليها عبادة الملك الديان إخلاص العمل لله، فالإخلاص هو سبيل الخلاص في الدنيا ويوم الأخذ بالنواصي، يقول الحق سبحانه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، ويقول جل شأنه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ،وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي، فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ...).

أيها الأحبة:

الإخلاص هو اسـتواء العمل في الظاهر والباطن، في السر والعلن، في الخلوة والجلوة، هو تصـفية الفعـل عن ملاحظة المخـلوقين، هو تجريد العمل من حظوظ النفس والشيطان والهوى، إن المخلص - عباد الله - من يقوم إلى الصلاة ولسان حاله (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)، يطعم الطعام، ويحسن إلى الفقراء والمساكين والأيتام، ولسان حاله (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، يأمر بالصدقة والمعروف، ويصـلح بين الناس ويغيث الملهوف، ولا ينتظر من الناس ذكرا ولا شكرا، بل يسـتحضر في قلبه قول الله تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)، إذا أعطي شكر، وإذا ابـتلي صبر، ممتثلا قول الله سبحانه: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)، المخلص هو ذلك الرجل الذي لا ينشط لمدح المادحين، ولا يضيع العمل بسبب قدح القادحين، بل يؤدي عمله مخلصا يبـتغي الأجر والثواب من الكريم الوهاب، - أيها الإخوة المؤمنون - إن من الوسائل التي تعين العبد على الإخلاص ابـتغاء الأجر من الله، والزهد فيما عند الناس، وحمـل النفس على إخفاء العمل، ومن شاء الإخلاص فعليه أن ينظر إلى افتقار من حوله، وبأنهم لا يمـلكون لأنفسهم ولا يمـلكون له نفعا ولا ضرا.

فاتقوا الله -عباد الله-، وابتغوا إليه الوسيلة، وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

■ ■ ■

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له، تعظيما لشأنه، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأتباعه وخلانه.

أما بعد، فيا عباد الله:

الإخلاص سر التوفيق، وهو التقرب إلى الله تعالى وصدق التوجه إليه، دون تصنع لمخـلوق، أو تزلف لمسؤول، أو ترقب مدح من الناس، قال رجل لتميم الداري - رضي الله عنه -: ما صلاتك بالليل؟ فغضب غضبا شديدا ثم قال: (والله لركعة أصليها في جوف الليـل في سر أحب إلي من أن أصلي الليـل كله ثم أقصه على الناس)، وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - ذكر من بينهم - ((ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه بالدموع، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعـلم شماله ما أنفقت يمينه))، ولذا جاء في الحديث القدسي: (( أنا أغـنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه غيري تركـته وشركه))، - معاشر الأحبة - هل تعلمون أن الرياء وحب الثناء، والتعرض لمدح الناس وإعجابهم، وحب السمعة والظهور أمراض قلبية فتاكة، تنسف العمل، وتورث الزلل، قال تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).

هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه حيث قال عز قائلا عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ووحد اللهم صفوفهم، وأجمع كلمتهم على الحق، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).