khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: مهارة ضبط الموارد

24 أكتوبر 2018
24 أكتوبر 2018

خصيب عبدالله القريني -

يشكل موضوع إدارة الموارد بشتى أنواعه الشغل الشاغل لمختلف الأطر التخطيطية والتنظيمية سواء كان ذلك على المستوى المؤسسي أو المستوى الفردي، ويظل هذا الموضوع الشغل الشاغل لكل مؤسسات المجتمع محليا وعالميا؛ ولان إدارة الموارد على المستوى المؤسسي أو العام تخضع لأسس وقواعد وميزانيات محددة يمكن من خلالها ضبط هذه الموارد وفق هذه القواعد ولو على الأقل من زاوية نظرية، إلا أن هذا الأمر يجب أن ينشأ كمهارة عند الأفراد لأنهم في الأساس النواة التي تقوم عليها المجتمعات وبالتالي المؤسسات.

نرى هذا الأمر عند الأفراد في البذخ الذي يتجاوز حد التبذير في شراء الكماليات وحتى الاحتياجات الأساسية المبالغ فيها، دون وجود أدنى اهتمام بإدارة تلك الموارد التي يمتلكها الفرد، وهذا كله يجرنا للاستغراب من الحملة الإعلامية وعبارات التهكم التي تسود وسائل التواصل الاجتماعي قبيل نزول الرواتب، خاصة تلك التي تتأخر بعض الشيء بسبب ظروف الأعياد والمناسبات الأخرى، فإذا كانت كمية ذلك التهكم واقعية فإننا بالفعل إزاء أزمة مجتمعية في إدارة مواردنا المالية، فهل هي حقيقية أم مفتعلة، فإذا كانت حقيقية فيجب دراسة مسبباتها والوقوف على موضوع إيجاد حلول لها، فهل الوضع المجتمعي، وما يرتبط به من عادات وتقاليد تم استغلالها بطريقة سلبية هي السبب الرئيس، مثلما يتعلق الأمر بالأعياد والمباهاة في الملابس، وما يرتبط به من فعاليات، وكذلك حالات العزاء وما يوجد فيها من حالات إسراف مبالغ فيها أو أيضا مناسبات الأعراس وأعياد ميلاد والوضع الاجتماعي و... و...، أم أن هنالك أسبابا ترتبط بالإدارة الذاتية للموارد التي يمتلكها رب الأسرة؟ دراسة تنطلق من الواقع لخدمة الواقع الذي نعيشه وسنعيشه مستقبلا.

ربما يرجع البعض الأمر إلى ضعف الدخل عند كثير من الأسر، وأنا هنا لا أعني هذه النقطة؛ لأن هنالك أسرا دخلها الشهري أقل من أسر أخرى تمتلك دخلا أعلى منها بأضعاف مضاعفة، ولكن لا تعاني مما تعانيه تلك الأسر ذات الدخول العالية، فالأمر لا يرتبط بحجم الدخل المادي بقدر ما يرتبط بما يمتلكه رب الأسرة من مهارات جيدة في إدارة موارده.

إن مظاهر عدم الإدارة السليمة تتمثل في أبهى صورها من خلال الملاحظات العامة في موضوع الطعام المستهلك، فنجد أكواما من تلك الأطعمة ترمى في سلة المهملات، وبشكل يومي، فبنظرة خاطفة لثقافتنا في الأكل وخاصة في المطاعم تنبئ عن وجود خلل في عملية الإدارة، وقس الأمر على بقية الجوانب سواء ما تعلق منها بعملية استبدال الهواتف الذكية بصورة مستمرة قد لا تتجاوز السنة في كثير من الأحيان، وكل ذلك يستنزف تلك الموارد المادية خاصة إذا كانت محدودة وتعتمد على الراتب الشهري فقط.

إننا إزاء مشكلة هي في صميم ثقافتنا الاقتصادية، مشكلة يجب أن نفصل فيها بين ما يسمى بالبخل وما يجب أن نقوم به من إدارة حكيمة لتلك الموارد، حتى لا نصل لمرحلة ننتظر فيها الراتب وإذا تأخر يوما أو يومين تقوم دنيا التواصل الاجتماعي ولا تقعد.