yesra
yesra
أعمدة

ربما: لم أخسر شيئا

24 أكتوبر 2018
24 أكتوبر 2018

د. يسرية آل جميل -

مدخل:

(ما أكتبه هنا لا يخصني.. إنه فقط يلامس مشاعري)

••••••••••

حين طعن قلبي بخنجر قراره المتعسف

وبرحيله المفاجئ

شعرت وقتها أني خسرت كل شيء ..كل شيء

وحين عادت لنفسي الثقة بها من جديد

وأدركت يقينا أن « لا أحد يستحق «

شعرتُ بمنتهى الرضى

ليقيني التام

أني لم أخسر شيئا

وأنهم مهما يبتعدون

سيعودون إلى شاطئنا من جديد

طار قلبي من الفرح أخيرا بقدومك

فعلمته الحب العظيم

وعلمته أبجديات العشق

وألحقته بتلاميذ مدرستك

فكان أول ما وشم على جدرانه: « أحبك أنت «

وكان أول ما نطق به لسانه: « أحبك أنت «

ثم طعنته برحيلك المفاجئ

فهرب التلميذ من أحضان مدرستك

وتعمد قصدا نسي أستاذيتك

وتحرر من أسر عبوديتك

ليكتب لك عبارته الأخيرة

« يا سيدي .. أنا لم أخسرك «

كحلّتُ عيني برؤيتك

فعلَّمتها عشق السهر

وعلمتها عدَّ النجوم

وعلمتها الرسم على وجه القمر

ثم طعنتها برحيلك المفاجئ

فأدمنت النوم باكرا

وكرهت السهر

وعد النجوم

ورسمت عبارتها الأخيرة على وجه القمر

«أنا لم أخسرك !

هدأت ارتعاشة يدي أخيراً

فدثرتَها بالحب

دثرتها بالشوق

دثرتها بالسعادة

ثم طعنتها برحيلك المفاجئ

فمات الحب

ومات الشوق

وكتبت السعادة لك بيدها

المنتفضة عبارتها الأخيرة

أنا لم أخسرك!

سكنت ثورة مشاعري

فأهديتَها قلبك

وأهديتها كلك

وأهديتها عمرك وإنسانك

ثم طعنتها برحيلك المفاجئ

فأعادت لك هداياك

وبطاقة دونت لك فوقها عبارتها الأخيرة:

«أنا لم أخسرك!

تراقصت حروفي فرحا بوجودك

فأعطيتَها عنوانك

وبريد رسائلك

وطريق منزلك

ثم طعنتها برحيلك المفاجئ

فكتبت لك رسالتها الوحيدة

بعبارتها الأخيرة:

« يا سيدي .. أنا لم أخسرك!

خمدت براكين أحزاني

فطالت أظافر حنين قلبي إليك

وأمددتُ قلبي بدماء قلبك

ورفعت ستائر الألم عني

وأزحت غمامات الهمَّ عني

ونفضت غبار الحزن

ورتبت حقيبة سفر مشاعري إليك

فوضعت فيها صورتك

وعطرك وثوبك وعقالك

وكتاب الله ليحفظك لي

ثم طعنتني

أنا

برحيلك المفاجئ

فقرضت أظافر قلبي لحظة حنينه إليك

وغيرت فصيلة دمي

وأنزلت ستائر الألم

وجمعّت سحب الهموم

وتراكمت علي أغبرة الحزن

وتبعثرت حقيبة السفر

وتاهت المشاعر

فلم أعد أدري أين

صورتك وأغراضك

ولم يبق لي سوى كتاب الله

يحفظني في غيابك

وورقة في جيب الحقيبة

مدون عليها عبارتي الأخيرة إليك:

يا سيدي:

يا أيها الرجل الذي كان فوق كل الكلمات

وكل الحروف

وكل الجمل والعبارات

ها أنت رحلت وحدك تاركا في نفسي

مساحة كبيرة من الخراب والدمار

بعد أن سحبت كل بُسط السعادة من تحت

قلبي وعيني ومشاعري وحروفي

وها أنا اليوم أعلنها لك بصراحة

وعلى الملأ

أنا لم أخسرك!

- إليه حيثما كان:

لو كنت تدري ما ألقاه من ألم

لكنت أول من آسى ومن صفحا!