1020654
1020654
المنوعات

«أديامان» التركية.. فسيفساء الأديان والحضارات

23 أكتوبر 2018
23 أكتوبر 2018

أديامان، «الأناضول»: ولاية «أديامان» التركية لا تعتبر فقط مدينة الأساطير كما يصطلح البعض على تسميتها، وإنما تشكّل أيضا نقطة تقاطع بين الحضارات، ما جعل منها فسيفساء للأديان والثقافات. مدينة تقع جنوب شرق تركيا، وفيها من المعالم التاريخية والدينية والسياحية وحتى الثقافية، ما يحبط أي مقاومة لسبر أغوارها، ويدفع نحو الاطّلاع على خفاياها. فضول يرفع من منسوبه ذلك البعد «الميتافيزيقي» لما يتم تداوله عن ولاية تنتشر فيها الأساطير حول اسمها وتاريخها. وإلى جانب قيمتها الدينية والثقافية، تتمتع «أديامان» بمنطقتها الجغرافية الخاصة بها، وبمناظرها الطبيعية التي تجذب الزوار من كل حدب وصوب.

وبقدر الغنى الحضاري والثقافي على سطحها، تزخر الولاية أيضا بثروات تاريخية وأثرية في باطن أرضها، وهذا ما منحها لقبا آخر هو «المدينة الخفيّة». ومن أبرز المعالم الدينية في الولاية، ضريحي النبي عزير -عليه السلام-، والصحابي صفوان بن معطّل -رضي الله عنه-، إضافة إلى أضرحة العديد من علماء الدين والصالحين. وفي هذه الولاية، يمكن أيضا لزائرها أن يظفر بجولة في أعماق التاريخ، من خلال العديد من المساجد التي تعود إلى العهود الأموية، والعباسية، والسلجوقية والعثمانية، علاوة على كنيسة القدّيسين «مور بيتروس» و«مور باولس»، في مشهد يعكس مدى احترام سكان المدينة لمختلف الأديان والثقافات.

و«أديامان» التي تعد من أهم مدن بلاد ما بين النهرين، كانت تعد نقطة التقاء بين حضارات إسلامية ومسيحية، امتدت من العهد اليوناني القديم إلى الإمبراطورية البيزنطية وحتى المجتمعات الإسلامية.

وخلّفت هذه الحضارات آثارا متنوعة وهامة كمثل «جبل نمرود»، و«جسر جندرة»، وقلعتي «غرغر» و«كاهتا»، ومدينة «بيرّي» القديمة.

وبفضل أعمال الحفر والتنقيب الأثرية بالولاية، تم العثور حتى اليوم على أكثر من 30 ألف قطعة أثرية تعود لمختلف الحضارات الماضية.

وإلى جانب تصدرها قائمة الولايات التركية المهمة بجبالها وسهولها وجزرها وأنهارها، إضافة إلى سدودها وثرواتها التاريخية الأثرية، تلفت أديامان الأنظار إليها أيضا بقصصها الأسطورية.

أما عن جذور التسمية، فهناك العديد من الروايات المختلفة في هذا الخصوص، لا سيما وأن القصص الأسطورية تقول إن المدينة غيّرت اسمها لمرات عدة، وكان أبرز أسمائها «يدي يامان».

وبحسب إحدى الروايات، كان هناك رجل يعبد الأصنام، وله 7 أولاد لا يشاركون والدهم الاعتقاد الديني نفسه. وذات يوم، خرج الوالد إلى الصيد كعادته، فحطّم أبناؤه أصنامه، ما دفع بوالدهم إلى قتلهم جميعا، ليتحولوا بعدها في أنظار سكان المنطقة إلى شجعان وأبطال، فأطلقوا عليهم اسم «يدي يامان» (كلمة يدي تعني سبعة باللغة التركية)، ومع مرور الزمن تحول هذا الاسم إلى «أديامان».

وهناك الآن 7 مزارات عند مدخل المدينة، يُعتقد أنها للإخوة السبعة، وتحمل أهمية معنوية حتى الآن بالنسبة لسكان الولاية.

ومن بين الأسماء الأخرى للولاية في الماضي، «حصن منصور». وتقول الرواية: إن المدينة كانت تخضع لسيطرة القائد الأموي منصور بن جونة الذي كان يتحصن في قلعة في مركز المدينة اسمها «حصن منصور»، ومن هنا استمدت المدينة اسمها وحملت هذا الاسم حتى عام 1926 للميلاد.

ومن بين الأساطير الشهيرة في «أديامان»، أسطورة «جسر جندرة». وتقول الروايات الأسطورية: إن الجسر بُنِي بأمر من الإمبراطور الروماني «سيبتيميوس سيفيرو» باسمه واسم زوجته وأولاده في القرن الثاني الميلادي. وعقب وفاة الإمبراطور الروماني، قتل أحد أبنائه أخاه الآخر جراء صراع على العرش، قبل أن يقوم القاتل بهدم جميع المعالم والآثار التي تحمل اسم شقيقه المقتول، ومن بينها العمود الرابع لجسر جندرة، ومنذ ذلك الحين والجسر يقف على 3 أعمدة.

وجسر جندرة كان ثاني أوسع جسر بناه الرومان، ويبلغ طوله 120 مترا، وبعرض 7 أمتار، وقد بُني من 92 صخرة تزن كل واحدة منها 10 أطنان.