أفكار وآراء

طاقة المستقبل وقارة المستقبل

17 أكتوبر 2018
17 أكتوبر 2018

مصباح قطب -

[email protected] -

ضمن الأخبار التي يتلقاها الكاتب يوميا - شأنه شأن غيره من الصحفيين والكتّاب - هناك الكثير مما لا يتم التوقف عنده ، أو يكتفى معه بإلقاء نظرة عابرة ، أو يتم حفظه إلى حين الحاجة إليه ، وأحيانا ما يحدث أن يتم تجهيز الخبر للنشر إذا انسجم مع مواد اليوم ، المطروحة للنشر،  واستوفى المعايير. وكنت قد اشتركت منذ أشهر في مجموعة أنباء إفريقية نشطة هي APO ، واعتدت أن ألقي نظرة على كل ما يرد منها باحثا عن الأمل في قارة الأمل . أمس الأول جاءني خبر بدايته : ( لندن - المملكة المتحدة - ثم : ينطلق أسبوع النفط لأفريقيا - الحدث العالمي الرائد في مجال النفط والغاز- المقرر إقامته في كيب تاون ، جنوب إفريقيا ، في الفترة من 5 إلى 9 نوفمبر 2018 . وعلى مدى 25 عامًا من النجاح تتواصل الفعاليات من خلال إضافة مجموعة من الجلسات والمبادرات إلى برنامج المؤتمرات المصمم خصيصًا من أجل قيادة المعاملات ، وإبرام الصفقات ، والشراكات الجديدة.) .

قبل أن أستطرد كان أول ما لفتني أننا كثير ما ننسى أنه توجد مثل تلك الفعاليات الاقتصادية المهمة في القارة - وإن كان أثار قدرا ليس كبيرا من الدهشة إطلاق الخبر من لندن - ، وأن ما هو شائع ليس دقيقا وهو أن نيجيريا وليبيا هما البلدان الأفريقيان المعروفان بإنتاجهما الكبير من النفط ، والجزائر من الغاز الطبيعي ، وأخيرا أن مصر ستكون مركزا لإنتاج وتجارة وتسييل وتداول الغاز الطبيعي في المنطقة ، ولا شيء أكثر . والملاحظ ثانيا أن إقامة أسبوع للنفط في أفريقيا يتم منذ مدة طويلة أي في وقت لم يكن فيه هناك تقريبا سوى نيجيريا والجزائر وليبيا بالفعل ، ما يدل على نظرة استشرافية ، كما أن الفاعلية باتت تأتي في خضم تطورات مثيرة  مازالت تتفاعل منذ سنوات في مجال اكتشافات الغاز قرب شواطئ المحيط الأطلسي ، واكتشاف النفط في دول مثل جنوب السودان وغانا ومدغشقر وأوغندا ، واحتدام صراعات أو تقلبات بسبب ذلك . وقد يكون السؤال التالي والطبيعي مباشرة هو: متى وأين يمكن الحديث عن فعالية أفريقية عالمية ومستمرة للطاقة الشمسية -عماد الطاقة مستقبلا - في القارة المشرقة ؟

وكما هو متوقع يشير الخبر إلى حضور شركات بحث واستكشاف وتنمية وشركات جيولوجية وأخرى تقدم خدمات متنوعة لإنتاج النفط ولمنتجيه الخ ، كما يشارك وزراء ومديرون تنفيذيون للشركات المملوكة للدول وشركات عالمية وخاصة مع استضافة جولات ترويجية حصرية وجولات تقديم عروض تسلط الضوء على فرص الحصول على ترخيص وضخ استثمارات للمشغلين والمستثمرين العالميين. وسيضاف إلى الأجندة تقديم دراسات ومناقشات مخصصة حول ثلاثة جوانب رئيسية للمحتوى المحلي للصناعة النفطية هي : تطوير القوى العاملة ، السياسة ، والقطاع الخاص.

عودة مرة أخرى إلى الخبر حيث لم أجد أي إشارة إلى دور لـ «أوابك» أو للدول العربية الكبيرة في مجال النفط ، وقد لفتني أيضا أن المنتدى

سيعرض هذا العام مبادرة مصممة لتعميم دور المرأة في مجال الطاقة ، ووضع خطط لبناء القدرات والمساواة بين الجنسين لضمان وجود المرأة وحضور صوتها في تشكيل سياسة الطاقة في جميع أنحاء أفريقيا وأيضا فإن رعاة المبادرة هم نوبل أنرجى وإكسون موبيل ، وإدارة شؤون المرأة والنوع الاجتماعي والتنمية في الاتحاد الإفريقي. ومن المعلوم ، أن دولا أفريقية عديدة سبقت في مجال إقرار حقوق المرأة وعلى رأسها حصولها على كل المناصب التي يمكن أن يتقلدها الرجال بما فيها القضاء الأعلى أو رئاسة الدولة ناهيك عن الحقوق غير السياسية . صحيح أن الشركات الدولية عابرة النشاط كثيرا ما تقوم بمبادرات تقدمية من هذا النوع لكن يظل المرء يتحسب من فائدتها العملية ، وعليه أرى أن الأهم من الرعاة الأجانب الكبار هو ان يرعى قطاع النفط الأفريقي نفسه ، مع المنظمات الأفريقية المعنية ، مثل هذه العملية ، ليضمن لها المسار السليم والاستدامة وتحقيق الطموحات الوطنية لكل بلد وللقارة ككل . وقد يسال سائل: وأين دور المرأة في قطاع النفط العربي؟ وأجيب إنه بالتأكيد توجد نماذج عربية شديدة التميز في هذا المجال لكن لا أعتقد في وجود تصور شامل لدور المرأة في قطاع الطاقة والسياسات الخاصة به على ضوء ما رأينا في خبر المنتدى الأفريقي ، وهنا أشير إلى اقتراح تقدمت به خلال مؤتمر لمنتدى البحوث الاقتصادية ، تم عقده في بيروت منذ سنوات ، وكان أن تتولى امرأة حامل أو أم لرضيع رئاسة منظمة البيئة العالمية ، ووسط اندهاش الحاضرين ، قلت إن أكثر إنسان لديه مخاوف من التلوث في العالم هي الأم الحامل التي تقرأ وتداوم على قراءة أي أخبار علمية أو حتى تتمحك في العلم ، عن تأثير تلوث البيئة على الجنين وتأثيره على الطفل الصغير ، وعليه ستكون تلك المرأة أكثر يقظة وتشدد في مجال إلزام الدول بالمستهدفات البيئية المتفق عليها في مؤتمرات المناخ العالمية والمعايير البيئية الرشيدة . على هذا المنوال يمكن القول أيضا إن النساء هن من يقدرن أفضل تقدير حزمة أو توليفة الطاقة المطلوبة للبلد - أي بلد - بحيث تكون أقل كلفة بالنسبة إلى دخول المواطنين من جانب وأقل تأثيرا سلبيا على البيئة من جانب آخر . لكن المبادرة الثانية التي سيطلقها المنتدى بدت لي تقليدية تماما بل وأصبحت كـ «الموضة» في المحافل والمؤسسات والدوائر المختلفة عالميا ، أو داخل كل دولة وهي مبادرة خاصة بالشباب . تعرفون وأعرف أنه يوجد اهتمام عالمي بالشباب وقضاياه بالفعل لخطورة هذه المرحلة والإمكانيات الضائعة بسبب إهدار طاقة الشباب أو تهميش دوره ، في الكثير من المجالات ، بيد أن ما لا أود أن أراه أن يبدو ذلك كاكتشاف فبطبائع الأشياء كانت هناك دوما أنشطة وكيانات تهتم بالشباب وببساطة لأنها لا تقوم إلا عليه وإلا مثلا من سيلعب الرياضات الفردية أو الجماعية بكل عنفوانها إذا لم يكن الشباب ؟ ومن سيتولى الأعمال الشاقة في أي جهة سواهم ؟ ومن سيقدم الأفكار الطازجة والطموحة - ولو كانت غير ناضجة أو مكتملة - إلا هم؟  إلى آخر ذلك ، لكن ما أميل إليه وقد قام به المنتدى الأفريقي بالفعل هو تقديم أفكار عملية ومباشرة ومن مثل ذلك أن المنتدى الأفريقي قرر تقديم مبادرة باسم قادة المستقبل الجديد يتم من خلالها تحمل نصف تكلفة تذكرة سفر لأولئك الذين يبدأون العمل في الصناعة النفطية ويرغبون في المشاركة والتواصل مع الخبراء الكبار ومواكبة أحدث اتجاهات الصناعة.

سيناقش المنتدى عبر الميديا وبالبث المباشر، مواضيع مثل التمويل العالمي وعمليات الدمج والاستحواذ في الاستراتيجيات الإفرادية والتمويلية الأفريقية ، والتي يقدمها الخبراء ومن المتوقع حضور 1300 مشارك من أكثر من 70 دولة ما أسماه صناع الحدث في نهاية البيان «الحدث الحقيقي الوحيد للقطاع الهيدروكربوني الأفريقي» !!.

وقد لا أجد ما اختتم به سوى أنه يقام في العديد من الدول العربية ومنها مصر بالطبع مؤتمرات كثيرة لمناقشة قضايا الطاقة ويدعى إليها أجانب وعرب ، لكن الم المح عناية بما يدور في إفريقيا في هذا المجال ، ولعلها فرصة للتذكير بأهمية إقامة نوع جديد من الشراكات مع قارة المستقبل في شأن خطير من شؤون المستقبل ، ألا وهو الطاقة ومزيجها الأنسب واحتمالاتها المثيرة .