أفكار وآراء

صناديق التحوط «هيدش فندز»

17 أكتوبر 2018
17 أكتوبر 2018

د. عبد القادر ورسمه غالب -

Email: [email protected] -

كلمة «هيدش» تعني الطوق أو السور المعد للحماية. والتحوط المالي، الغرض منه عمل «طوق» لحماية الأصول والاستثمارات والربحية. وفي العادة، يتم إنشاء صناديق التحوط للاستفادة من بعض الفرص المحددة في السوق، عبر استخدام استراتيجيات استثمارية مختلفة. وغالبا يتم تصنيف صندوق التحوط وفقا لنمط الاستثمار، وهناك تنوع كبير في أساليب الاستثمار وخصائص المخاطر لكل منها. ومن الناحية القانونية، يتم إنشاء صناديق التحوط كنوع من الاستثمارات الخاصة المحدودة والمفتوحة لعدد محدد من المستثمرين المعتمدين. وهناك دائما حد أدنى أولي كبير للاستثمارات في صناديق التحوط وتكون هذه الاستثمارات غير سائلة، لأنه يطلب من المستثمرين الاحتفاظ بأموالهم في الصندوق لمدة سنة على الأقل، وهذا الوقت يعرف باسم الفترة المغلقة «كلوسد بيريود».

ومن المتطلبات القانونية لصناديق التحوط، أن تكون متاحة فقط للمستثمرين المعتمدين أو المؤهلين «سفوستوكيتد انفسترز» وهم من لديهم دخل سنوي كبير مستمر لأعوام أو قيمة صافية تتجاوز ملايين الدولارات، إضافة لمعرفتهم بالاستثمار وما يحيط به من مخاطر جمة. ويمكن لصندوق التحوط أن يستثمر بشكل أساسي في الأراضي، العقارات، الأسهم، المشتقات، العملات وغيرها. ومما يميز صناديق التحوط، أن أغلبها يتقاضى نسبة المصروفات ورسوم الأداء، ويعرف هذا بهيكل «اثنين وعشرين»، حيث تخصم (2٪) من رسوم إدارة الأصول ومن ثم تخفيض(20٪) من المكاسب.

تحاول صناديق التحوط تحديد الأوراق المالية ذات القيمة المفرطة والتي لا تقدر قيمتها في حينه، مع الاجتهاد في عدم تعرض المحفظة لمخاطر السوق، وذلك من خلال الجمع بين المراكز الطويلة والقصيرة الأجل. وفي الغالب يتم تنظيم الاستثمار في المحافظ بحيث تكون حذرة ومحايدة وتجمع بين الاستثمار في أسوق المال وفي القطاعات المتعددة والصناعة والعملات من دولار وخلافه. ويتحقق كل هذا، من خلال الاحتفاظ بمراكز أسهم طويلة وقصيرة مع التعرض المتساوي تقريبا لعوامل السوق أو القطاع ذات الصلة، والمعيار الأساسي يكون في العادة هو المعدل الخالي من المخاطر إلى أبعد حد.

ومن الاستراتيجيات التي تتبعها صناديق التحوط، استغلال أوضاع الأسعار في الأوراق المالية القابلة للتحويل للشركات، مثل السندات القابلة للتحويل والأسهم المفضلة القابلة للتحويل. حيث يتم شراء أو بيع هذه الأوراق المالية ومن ثم تغطية جزء أو كل المخاطر المرتبطة بها، وأبسط مثال على ذلك، شراء السندات القابلة للتحويل والتحوط من عنصر حقوق الملكية في مخاطر السندات وذلك بتقصير المخزون المرتبط بها، بالإضافة إلى جمع القسيمة على السندات القابلة للتحويل.

ويمكن للاستراتيجيات القابلة للتحويل كسب المال إذا كان تقلب الأسعار المتوقع من الأصول الأساسية يزيد بسبب خيار مدمج لا يتجزأ أو إذا ارتفع سعر الأصول الأساسية بسرعة. اعتمادا على استراتيجية التحوط، فإنها ستجني المال أيضا إذا تحسنت نوعية الائتمان من المصدر، وهكذا يتم اقتناص الفرص مع تحمل ما يأتي من مخاطر خطيرة. ولهذا تسمع من يقول، أننا حققنا أرباحا لفترة ثم فجأة حصل الانهيار وفقدنا كل شيء. فمن هو المخطئ ومن يتحمل المسؤولية القانونية؟ سؤال هام يحتاج للإجابة قبل البدء.

محافظ الأوراق المالية المتعثرة، مثلا، تقوم بالاستثمار في ديون وحقوق الشركات التي تقع في دائرة الإفلاس أو بالقرب منه. ومعظم المستثمرين في هذه الشركات غير مستعدين لمجابهة الصعوبات القانونية والمفاوضات مع الدائنين وغيرهم من أصحاب المطالبات المشتركة مع الشركات المتعثرة، وفي مثل هذه الحالات يفضل المستثمرون التقليديون نقل تلك المخاطر إلى الآخرين. وهذه من الفرص لصناديق التحوط طويلة الأجل.

صناديق التحوط في أغلب الحالات تكون كبيرة جدا وقوية. وفي أمريكا، مرتع هذه الصناديق، قامت هيئة البورصة والأوراق المالية بمنح المزيد من الاهتمام لهذه الصناديق نظرا لأن الانتهاكات مثل التداول الداخلي والاحتيال وغيره من الجرائم المالية الخطيرة تحدث بشكل كبير ومتكرر. وكل هذا لحماية الأسواق والاقتصاد من الممارسات غير السليمة في هذه النشاطات الهامة. ولكن حركة صناديق التحوط مستمرة بدون توقف وتبحث عن الجديد مع كل يوم جديد. وهناك النجاحات الكبيرة لعدة أسباب وتقابلها الخسائر الكبيرة لعدة أسباب، وكل هذا وذاك وارد في التجارة والاستثمار المؤسسي. ولذا ننصح بالتروي، وأخذ الحذر، وتقييم المخاطر، قبل الولوج في هذا العالم الهائج المتلاطم. وللربح وللخسارة مذاق فلنختر.