الملف السياسي

عوامل ارتفاع أسعار النفط ستبقى فاعلة للفترة القادمة

08 أكتوبر 2018
08 أكتوبر 2018

د.فالح حسن الحمراني -

كاتب من العراقي يقيم في موسكو -

[email protected] -

وفي الوقت الذي تحققت في الأسبوع قبل الماضي توقعات الخبراء فيما يتعلق بثبات أسعار برميل النفط حول 80 دولارا للبرميل ، بسبب تداعيات انخفاض صادرات إيران ، ولم تتوقف عند ذلك المستوى. وبدأت الأسبوع الماضي بسعر اقترب من 85 واستمر حتى نهايته. وفي تعليقه على تحميل الرئيس الأمريكي رونالد ترامب منظمة الأوبك رفع الأسعار، ألقى الرئيس الروسي بوتين مسؤولية ارتفاع الأسعار بهذه الصورة على سياسة فرض العقوبات التي تنتهجها واشنطن، ولاسيما على إيران والصين وروسيا وغيرها، وزعزعة الاستقرار في بعض البلدان المنتجة للنفط ، وضرب مثلا على ذلك بالوضع الناشب في ليبيا. بوتين قال إن سعر الـ 65 إلى 75 دولارا للبرميل مناسب لبلاده وللمناخ الاستثماري ودعم شركات الطاقة.

وأشارت محللة شركة « فريدم فينانس» للشؤون المالية اناستاسيا سوسنوفا في تصريح لمجلة «نفط روسيا» الإلكترونية، إلى أن سعر النفط الخام من نوع «برنت» يتحرك في اتجاه تصاعدي واضح، ومن المحتمل جدا إن يكون عند مستويات أعلى مثل 85 للبرميل. وقالت إن ما يدفع نحو ذلك المستوى هو آفاق ذروة نمو الاقتصاد العالمي وتوقعات اختلال عروض الخامات في السوق بسبب عدم قدرة العديد من البلدان رفع الإنتاج فضلا عن العقوبات ضد إيران

وتشير المعطيات إلى إن الدينامية المتصاعدة لأسعار النفط لم تؤثر على زيادة مخزونات الخامات في الولايات المتحدة. ونقلت وسائل إعلام عن إدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية، للأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضي فان احتياطي النفط التجاري في أمريكا ارتفع بمقدار 1.9 مليون برميل إلى 396 مليون برميل، على الرغم من توقع المحللين انخفاضها بمقدار 1.28 مليون برميل. وبلغ إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع قبل الماضي 11.1 مليون برميل في اليوم، بزيادة قدرها 100 ألف برميل، في الأسبوع المنتهي في 28 سبتمبر ، وقد انخفض عدد منصات النفط في الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة إلى 863 وحدة.

وبالإضافة إلى عامل انخفاض صادرات النفط الإيرانية لعب قرار بلدان « اوبك» القاضي بعدم زيادة حجم إنتاج « الذهب الأسود» الذي تم تبنيه مؤخرا خلال لقاء وزراء دول «أوبك» في الجزائر، لصالح ارتفاع الأسعار. وإذا أخذنا في الاعتبار طلب الاقتصاد الأمريكي المتنامي المستمر على النفط، فضلا عن ثاني مستهلك رئيسي للطاقة أي الصين، التي استوردت حوالي 9 ملايين برميل يوميا، فان توقعات خبراء شركة «ترافي جروب» وخبراء «بنك أوف أمريكا» بصدد أن سعر النفط من نوع برنت في المدى الزمني المتوسط سيكون في نطاق 90 ـ 100 دولار للبرميل، تبدو واقعية. ولا تستبعد بعض التوقعات إن سعر نوع برنت سيكون في اكتوبر الحالي في نطاق 75ـ 85 دولارا للبرميل.

في حين أن لدى كبير الاقتصاديين في «بنك اونيكرديت» ارتيوم أرخيبوف رأي مختلف ، حيث يقول: انه « استنادا إلى العوامل الأساسية لتسعيرة النفط، نعتقد انه بحلول نهاية العام الحالي فان برنت سيكلف حوالي 74 دولارا للبرميل، لذلك، فان سعر النفط في المستقبل القريب، سوف ينخفض بعض الشيء، ومع ذلك يبقى في مستويات مقبولة جدا بالنسبة لاقتصاد روسيا».

وكما ذكر وزير النفط الروسي الكسندر نوفاك قبل أيام، فان الدول المشاركة في اتفاق «أوبك» ستكون قادرة في هذا العام على تحقيق 100% على تنفيذ الصفقة، مما يعني زيادة في الإنتاج بنحو مليون برميل يرميا. واكد نوفاك « لا احد يهتم بارتفاع أسعار النفط» ووفقا له فإن سعر برنت المتوازن هو 70 ـ 80 دولارا للبرميل. ويجمع الخبراء على أن دول «أوبك» معنية باستقرار أسعار النفط ويشيرون في الوقت نفسه إلى أن المنظمة والدول المنتجة من خارجها المتعاونة معها ، تعتقد إن السعر المقبول هو اكثر من 80 دولارا للبرميل، ومن غير المرجح إن المنظمة ستبذل جهودا كبيرة للحد من نمو الأسعار. ويعرب العديد من الخبراء عن الثقة بان السعر المهم القادم للنفط سيكون 90 دولارا للبرميل، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالات زيادة الطلب والعرض فان سعر البرميل في 2019 سيكون أكثر عدلا.

وعلى خلفية تلك التطورات ذكرت وكالات الأنباء إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن العزيز ناقشا هاتفيا جهود الطرفين بشأن ضمان العروض والاستقرار في سوق النفط. إلى ذلك كان الرئيس دونالد ترامب قد حمل من على منصة الأمم المتحدة مرة أخرى الأوبك مسؤولية الأسعار المرتفعة على النفط. وقال انه غير معجب بذلك، ولا ينبغي أن يعجب أحدا. كما قال الرئيس الأمريكي.

وضمن هذا السياق يلفت الخبراء الروس إلى أن قرار ترامب بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في أوائل مايو الماضي، وما أعقبها من فرض العقوبات ضد طهران كانت السبب الرئيسي لواقع الأسعار الحالية. ويرى أولئك الخبراء أن استقرار حالة السوق يستدعي من واشنطن التراجع عن نهج فرض العقوبات الذي تتبناه في الوقت الحالي. في حين إن المشاركين الآخرين الستة الذين وافقوا على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2015 لا يعتزمون التخلي عنه، وبالتالي لا ينوون اتباع مثال كندا والمكسيك، اللتين وافقتا في النهاية على نسخة جديدة من الاتفاقية التجارية الجديدة بدلا عن الاتفاق في منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ( نافتا) التي عارضها دونالد ترامب. وقد تم الإعلان عن الاتفاقية الجديدة أو المعدلة ، في بيان مشترك اصدره وزير الخارجية الكندي كريستي فريلاند والممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر. علاوة على ذلك ، فإن هذه الأخبار، وفقا لتعريف المحللين الأجانب ، ولدت تفاؤلا إضافيا بين المستثمرين ، مما أثر أيضا على زيادة الأسعار. ومن المرجح أن تمضي أسعار النفط بالصعود في حال قيام إسرائيل بمغامرة عسكرية جديدة بالاعتداء على حرمة الأراضي السورية، بحجة ضرب مواقع إيرانية، حيث من المتوقع أن ترد عليها الدفاع الجوية الجديدة «أس ـ 300 » التي سلمتها روسيا للجيش السوري مؤخرا. على الرغم من هذه الأحداث ستكون قصيرة المدى.