994783
994783
عمان اليوم

تغيير مناهج الحلقة الأولى أدّى إلى صعوبة إيصال المعلومة للطلاب وغرس حب العلم لديهم

06 أكتوبر 2018
06 أكتوبر 2018

تلاميذ الصف الأول بحاجة لتعلّم أساسيات نطق وكتابة الحروف -

مكتب نزوى - مريم بنت علي السيابية ودعاء بنت يعقوب الراشدية -

يعدُّ التعليم حجر الأساس لتقدم الدول وتطورها، فقد تنافست الدول منذ الأزل على المراكز الأولى للمعرفة والعلم، والعلم لا يقتصر على معرفة القراءة والكتابة فحسب، بل يتعداه لجميع الخبرات التي تفيد المجتمع. فكما قال جلالته في خطابه السامي سنة 1986م: إننا نعيش عصر العلم ونشهد تقدمه المتلاحق في جميع المجالات، وإن ذلك ليزيدنا يقينا بأن العلم والعمل الجاد هما معا وسيلتنا لمواجهة تحديات هذا العصر وبناء نهضة قوية ومزدهرة على أساس من قيمنا الإسلامية والحضارية. لذلك حظي المنهج الابتدائي بمدارس السلطنة بالكثير من التطورات والتغيرات في العقد الحالي، تغيرا امتد من المصطلحات والمفاهيم ليطال منهجا بأكمله. وقد كان لوزارة التربية والتعليم دور بارز في تحسين المستوى التحصيلي للطلبة وزيادة قدراتهم الفكرية والعقلية، وتأهيلهم للمراحل المتقدمة من خلال تغيير خطتها التعليمية، واستبدال المناهج الدراسية في بعض المواد لطلاب الحلقة الأولى من الصف1-4. ولكن مواقع التواصل الاجتماعي اكتظت بآراء واقتراحات وشكاوى في بعض الأحيان من بعض أولياء الأمور، المعلمين والمعلمات، والطلبة ذاتهم مع بداية العام الدراسي الجديد، تفاعلا مع تغيير مناهج الحلقة الأولى الذي واجه بعض المعلمين والمعلمات صعوبة في إيصال المعلومة للطالب وغرس حب العلم لديهم.

تحديات المنهج الدراسي الجديد

التحديات التي سببها المنهج الدراسي الجديد تتمثل في أن كثيرا من طلاب الحلقة الأولى لم يكن لهم نصيب بالالتحاق بمراكز رياض الأطفال أو مدارس تعليم القرآن وبالأخص طلاب الصف الأول الابتدائي، فهم يحتاجون لدروس تأسيسية في القراءة والكتابة وأساسيات النطق وغيرها، فمثلت المناهج الدراسية اليوم نقلة كبيرة للطالب، مما جعله يواجه صعوبة في تقبل هذا المنهج الدراسي المعقد الذي بدت منهاجيته لا تتناسب مع طلاب بهذا السن الصغير. وفي هذا الصدد قالت نورة بنت ناصر العبرية أم لطالب في المرحلة الابتدائية: لقد شهد منهج طلاب الابتدائي العديد من التغيرات، ولقد زاد تعقيدا وصعوبة، فواجهت الكثير من الصعوبات في مادة اللغة العربية، بسبب أنه لا يتم تعليمهم من الصفر إنما يتوقع من الطفل أن يكون ملما بمهارات القراءة والكتابة مسبقا، مما جعل ابني يواجه صعوبة في قراءة الدروس، والإملاء، فأدى ذلك إلى عدم تقبله للمادة التعليمية بحب وإيجابية، فمن وجهة نظري يحتاج الطفل في الصف الأول لتعلم الحروف وأساسيات نطق وكتابة الحروف، وعدم حشو المنهج بالكثير من المعلومات نظرا لصغر سنهم .

من جهتها قالت مريم الراشدية: إن هذه المشاكل في المناهج الدراسية تواجهنا منذ السنوات الماضية، ولم نجد لها أي تغيير. إن القدرات العقلية تتباين من طفل لآخر، فيجب عند صياغة المنهج الدراسي مراعاة تلك الفروق الفردية بين الأشخاص، وان كل طالب جاء من بيئة مختلفة، منهم من تلقى تعليما أوليا في الروضات والمدارس الخاصة، ومنهم من لم يتلق ذلك التعليم.

تطور مهارات الطالب الذهنية

وعن تغيير المناهج ذكرت هند السعيد معلمة بمدرسة المرتفعات في ولاية ازكي: إن التغيير الذي حدث مؤخرا في المناهج الدراسية لا يعتبر تغيرا لأنه جاء بنفس المنهج ولكن بطريقة ووجهات نظر أخرى. ان هذا التغيير في حد ذاته يعتبر جيدا بحيث انه لا يجعل الطالب يتبع وتيرة واحدة في مراحله التعليمية، لكن بالنسبة لمناهج الصفوف الأولى ازدادت صعوبة ولا أجد أنه يتماشى مع قدرات طلاب في الخمس او الست سنوات من أعمارهم. كما أن مهارات الطالب الذهنية تطورت نوعا ما لكن صعوبة المادة ومحتوياتها وقفت حاجزا في بعض الأوقات. وذكر الطالب مجاهد بن محمد الصباحي طالب في الصف الرابع قائلا: أحب المدرسة كثيرا والمشاريع التي أكلف بها مفيدة وممتعة دائما، حيث أستعين في بعض الأحيان بإخواني لمساعدتي في مذاكرة دروسي وحل واجباتي المدرسية، ولكن بصورة عامة لا أواجه صعوبة في دراستي ماعدا مادة الرياضيات أجدها دسمة قليلا. كما أن مادتي اللغة العربية والدراسات تحتوي على الكثير من المشاريع التي تحتاج إلى أدوات عديدة.

كما علقت رانيا بنت ابراهيم حجازي معلمة مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية قائلة: إن التغيير الذي حدث في المنهج كان تغيرا إيجابيا، فقد أصبح أكثر تشويقا وتنوعا. كما أن المستوى التحصيلي للطلاب في الصف الأول ارتفع مقارنة بالأعوام السابقة بسبب التغيير في المنهج الدراسي ونتمنى ان يتم تغيير منهج الصف الثاني أيضا ليقل العبء على الطالب. ان مسألة تعليم الطفل لا تقتصر على المعلمة في المدرسة فقط وإنما يجب على ولي الأمر أن يساهم فيها وأن لا يضع المسؤولية على عاتق المعلم فقط، فيجب عليه متابعة مستوى طفله في دروسه ومذاكرة ما تعلمه في المدرسة لتترسخ المعلومة في ذهنه، وقد لاحظت أثناء تعليمي بأن أغلب أولياء الأمور يتذمرون بسبب الواجبات المدرسية، ويطالبون المعلمة بعدم تكليف الطالب بها، والذي أراه من وجهة نظري أنه تصرف خاطئ، فالواجب المنزلي يساعد بشكل كبير في تثبيت المعلومة لدى الطالب، فالوقت الذي يمضيه في البيت يجب أن يقضي جزءا منه لتأكيد المعلومة بالواجبات.

ومن جانبه أوضح عبدالحميد الراشدي مشرف مجال ثان قائلا: ان المنهج الجديد يحتاج الى استراتيجيات وآليات جديدة من قبل المعلم لإيصال المادة العلمية للطالب بشكل جيد وهذا ما نفقده حاليا بسبب التطبيق السريع للمنهج الجديد كما يعتمد المنهج الجديد على الاستقصاء والبحث وهذه المهارة يحتاج الطالب للتدريب عليها ونحن نعاني من نقص في الوقت المتاح.

ضعف المصادر والتكاليف المادية

مع هذه المناهج التي يستصعبها الكثيرون يصعب على الأم التي لديها أكثر من طفل ملتحق بالمدرسة، تقسيم وقتها لمساعدتهم في تحضير ومراجعة الدروس، مما جعل الكثير من الأسر تتجه للاستعانة بالدروس الخصوصية، مما ساهم في زيادة التكاليف المادية على الأسر. وعلقت هدى بنت علي الذهلية أستاذة مجال ثان في مدرسة جواهر الأدب قائلة: يتراوح التغيير بين الأسوأ والأحسن في كل منهج، ففي المنهج المطور قلّ دور المعلم بسبب اعتماده على التعلّم الذاتي من قبل الطالب والبحث والاستقصاء، فمع التطورات الحاصلة في وقتنا الحالي وتطور التكنولوجيا يعدُّ المنهج الحديث مناسب جدا ولكن تكمن المشكلة في ضعف المصادر مثل شبكة الإنترنت أو الكتب والمكتبات العامة، فيتوقع من الطالب أن يناقش ويبحث عن المعلومة بنفسه. فمثلا يتطلب من الطالب ان ينزل لمصادر التعلّم ليبحث ولكن بسبب ضيق الوقت وازدحام المناهج لا نستطيع توفير حصة للبحث والنقاش.

وأضافت هدى الذهلية قائلة: لقد لاحظنا في الفترة الأخيرة انتشار الدروس الخصوصية بين طلاب الحلقة الأولى بعدما كانت تقتصر على طلاب الدبلوم العام، الثانوية العامة، والسبب وراء ذلك انه كان يوجد تقصير في عملية التمهيد والتهيئة للمنهج الجديد فالمدرس لم يكن يعلم بوجود منهج جديد فوقع اللوم على المدرس لعدم إيصال المعلومة بالطريقة المناسبة ربما، بينما من المفترض على الطالب أن يبحث عن المعلومة والمعلم يقتصر دوره على التوجيه وإعطاء رؤوس أقلام . لقد حاولت وزارة التربية التعليم تلافي الأمر ومنعه من التفاقم من خلال حلقات العمل المكثفة للمعلمين. لكن اختلف المنهج الجديد عن القديم فالأول يعتمد على مهارات حل المشكلات والتحليل والتفسير بشكل كبير، والتركيز على المهارات العقلية المتقدمة باعتبار ان الطالب مؤهل مسبقا. وذكرت المعلمة هند السعيد في موضوع التكاليف الدراسية بأن معظم الأدوات اليوم توفرها الحكومة داخل المدرسة ، أما لو أعطيت الطالب اليوم فرصة للإبداع وعمل المشاريع ويتطلب أدوات خارجية فهذا يعني أننا اصبحنا نصعب الأمور على أولياء أمورهم ماديا مما يجعلنا نقتل الابتكار والإبداع لدى الطالب، لكن هذا الابتكار سيكون من قبل المعلمة في محاولة توفير أشياء بسيطة من البيئة تخدم المشاريع الدراسية.

الإرهاق النفسي والجسدي

إن تعقيد المناهج، وضيق الوقت، مع المتطلبات والواجبات المنزلية سببت ضغطا كبيرا على الأم في متابعة طفلها ومساعدته في حل واجباته مما جعلها تعاني من عدم قدرتها على استكمال أعمالها المنزلية الأخرى، كما أن كثرة الواجبات المدرسية تشتت الطالب وترهقه عقليا وجسديا، فطفل في السابعة من عمره لا يستطيع أن يستوعب ذلك الكم من المعلومات في يوم واحد. بدورها ذكرت فاطمة بنت سالم الراشدية بأن التغيير في مادة العلوم والرياضيات، ساهم في تعليم الطفل التعاون والنشاط داخل غرفة الصف كما زاد من قدراته الذهنية، ومن وجهة نظري إن مادتي العلوم والرياضيات عملية جدا وتعتمد على الكيف وليس الكم وحشو الكلام. ولكن المشكلة تتمثل في عدد الساعات الدراسية التي تفوق طاقة تحمل الطفل في هذا السن فيعود الطالب من المدرسة مرهقا ومحملا بالكثير من الواجبات المدرسية مما قد يكون سببا في ابتعاده عن حياته الاجتماعية أو اللعب مع أقرانه. فاختلاط الطفل مع أصدقائه في الحي أو عائلته في المنزل يشحنه بالطاقة والإيجابية ويجعله اكثر إنتاجا وإقبالا على التعلم. وأوضحت شمساء بنت حمد : أحبذ لو يصاحب التعليم النظري تطبيق عملي، كما في الدول المتقدمة لكي تترسخ الفكرة في ذهن الطالب، ومما يشجعه أكثر للمشاركة والتفاعل في الصف وبذلك يفهم أكثر ما تعلمه، وأن لا يقتصر المنهج على المادة النظرية التي ينساها اغلب الطلاب بعد الانتهاء من الاختبارات النهائية مثل تعليمهم الحرف اليدوية وتشغيل عقولهم في الجانب الإبداعي وتنمية المواهب لديهم. وأضافت هند السعيد : إن حماس الطالب داخل القاعة الدراسية ليس له علاقة بنوعية المنهج بل يرتبط ذلك بشرح المعلمة للمادة التعليمية بحيث يفضل أن تكون مشوقة وممتعة، من خلال التنويع في استخدام الاستراتيجيات التعليمية المناسبة، وأتمنى أن يعتمد المنهج الدراسي على المضمون وليس الكم، وأن يكون مغزاه مباشرا، ويعطي الطالب فرصة للابتكار ووقتا كافيا للبحث والتقصي.