oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

حرب أكتوبر .. ودروس نحتاج إلى استلهامها

06 أكتوبر 2018
06 أكتوبر 2018

في الوقت الذي تحتفل فيه جمهورية مصر العربية الشقيقة والجمهورية العربية السورية الشقيقة بالذكرى الخامسة والأربعين لحرب السادس من أكتوبر المجيدة، فإنه من المؤكد أن بونا شاسعا بين الأوضاع العربية الآن، وبين أوضاع العرب قبيل حرب السادس من أكتوبر، وأثنائها وبعدها.

وإذا كان أكثر من جيل عربي ولد ويعيش الآن، منذ تلك الحرب المجيدة، فإنه من الأهمية بمكان الإشارة باختصار شديد إلى أن تلك الحرب التي تم خلالها عبور القوات المسلحة المصرية لأكبر مانع مائي، هو قناة السويس، والسيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، برغم كل الاستحكامات العسكرية الإسرائيلية، الممثلة في خط بارليف، وكذلك التحذيرات الأمريكية والسوفييتية في ذلك الوقت من استحالة التغلب على نقاط خط بارليف الحصينة، ستظل حربا فاصلة في التاريخ المصري والعربي الحديث، ليس فقط لأنه تم خلالها إسقاط كل نظريات التثبيط والتحذير والتيئيس التي ترددت، فضلا عن الانتصار على الجيش الإسرائيلي، الذي طالما تغنت إسرائيل بأنه جيش لا يقهر، ولكن أيضا لأن دروسا عديدة، عسكرية وسياسية واقتصادية، ونفسية وإعلامية، أنتجتها تلك الحرب المجيدة ، ومن المهم و الضروري التوقف أمامها والعمل على استثمارها، خاصة في ظل حالة التدهور العربي التي تعيشها المنطقة على امتداد السنوات الأخيرة، وعلى نحو أثار شهية العديد من الأطراف للتدخل ولمحاولة التأثير في المصالح العربية ، بل والإضرار بأكثر من شعب عربي، يدفع الثمن غاليا الآن من حاضر أبنائه ومستقبلهم.

ومع الوضع في الاعتبار أن الكثير من الدروس العسكرية المستفادة من حرب أكتوبر المجيدة، تمت وتتم دراستها، حتى الآن في عدد من كليات الحرب والمعاهد العسكرية في العالم، فإن من أهم الدروس التي صاحبتها، على الصعيد السياسي، هو درس التضامن العربي القوي والحقيقي، كسلاح وكركيزة عربية تحفظ المصالح العربية الجماعية، وتؤثر بشكل فعال وملموس في مواقف مختلف القوى الإقليمية والدولية، وبما يصون مصالح العرب ككل في النهاية. وفي هذا الإطار يذكر الكثيرون كيف نجحت مصر والرئيس الراحل أنور السادات في استعادة التقارب والتضامن والثقة بين الأشقاء العرب، وذلك عبر التأكيد على مبادئ الاحترام المتبادل والالتقاء على المصالح العربية الجماعية والمشتركة، والالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة، وهو ما انتقلت آثاره من المستوى السياسي إلى المستويات الاقتصادية والإعلامية والعسكرية الأخرى، بأشكال ووسائل أظهرت بحق أن العرب، إذا تضامنوا معا بشكل حقيقي، يمكنهم عمل الكثير لصالحهم، وعلى مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها.

وفي ظل الظروف العربية الراهنة، والتي تثير الكثير من الأسى والقلق أيضا، فإن مرور الذكرى الخامسة والأربعين لحرب أكتوبر ، تحمل معها أطيافا وذكريات تؤكد قدرة العرب على العمل وتحقيق ما يعود عليهم، جماعيا وفرديا، بالخير، فقط إذا توفرت الإرادة السياسية، والإخلاص والثقة المتبادلة، والالتزام بالمصالح المختلفة للدول الشقيقة، والبعد عن محاولة التدخل أو اللعب فيها بأي شكل من الأشكال، وما أحوجنا إلى العمل الجاد لاستعادة ذلك كله الآن، واليوم قبل الغد، فالعرب قادرون، فقط إذا خلصت النوايا وتم الترفع عن الحسابات الآنية والضيقة.