lama
lama
أعمدة

ذات: ماذا خلف أسواري؟ «2»

03 أكتوبر 2018
03 أكتوبر 2018

لما مصطفى دعدوش -

ماذا خلف أسواري 2 ؟

تأخذنا الحياة في رحلةٍ خاصةٍ ندور فيها معها في أماكنها وظروفها في علاقة وثيقة بكل ما فيها من تفاصيل وأشياء وأحداث

نكون فيها بأشكالٍ وأمزجةٍ وطبائع مختلفة ،ثم يحدث أن نميل لأن نخطف أنفسنا قليلاً من العالم المحيط الملتصق بنا

لنستدير ونتوجه بشغفٍ إلى أسوارنا وندخل أعماقنا مع أصواتٍ خافتةٍ تنادينا من الداخل فتزيدنا إثارةً ورغبةً في معرفته

و اكتشافه خصوصاً عندما يترافق هذا المسير بوعيٍ و إدراكٍ عالٍ يتبعه عزم و ثبات .

تجولنا في نفوسنا وتعمدنا التغلغل فيها لنرى سحبها وأمطارها و شمسها و دفأها وعواصف رعدها ، فما أجمل ذاك الضوء الذي

تلقيه هنا و هناك في مواطن روعةٍ وجمالٍ فيك ، و ما أجمل أن تبصر هنا نوراً خافتاً لأحلامٍ وذكرياتٍ جميلةٍ طالما

داعبت مخيلتك .وها هنا هموماً مرت و راح زمانها لتذكر كم كنت قوياً في تحديها ، وفي جانب آخر آثار ضعف لك في

مكان ما فعزمت على محوها بقوة أجبرتها بها على الانسحاب الآن.

ستسلط ضوءك هناك و سيتوجه معك ولكن في اتجاهاتٍ ما دريت عنها شيئاً ، ولا خبرت بها حساً .

و ستجد نفسك تتبع هذا الضوء كالطفل يتبع أمه مطواعاً بشغف الحلوى و حلواك هي الوصول إليك .

ستمشي و تركض وتقف و تتكلم وقد يغلبك الضحك وقد يفاجؤك البكاء فتستسلم له وتجد نفسك في فضفضة ذاتية سريّة

للغاية ما سمعها حتى ملائكتك الحراس .

بوحٌ وقلبٌ وشجنٌ وفرحٌ وانتماء ،مشاعر كثيرة قديمة و جديدة ، و أغاني تطرق سمعك لتذكرك بماضٍ و ذكريات ,

و أصواتٍ وأصوات، ثم يبدأ هنا مشوار الإدراك .

نعم : إنّه أنت ها هي صورتك تبدأ بالاتضاح ، و سيلٌ أسئلةٍ عارمٍ قادمٌ إليك يطلب منك الصدق في الجواب .

أنّك هنا لا تملك إلا الحقيقة و إن لم يكن فيها الصواب .

سترضي من ؟ لا داعي لتجمل ولا كذب ولا رياء ، فأنت و نفسك تعرف ما كان و ما جرى و كل ذاك الحوار.

ضحكةٌ جميلةُ تعالت في سمعك و أذنك،إنها نشوة المعرفة تجعلك في عالمٍ آخر في وعيٍ آخر و تصرفٍ آخر لتأخذك

إلى واقعٍ طالما أردته أن يكون .

إنّ إدراكك الآن هو نتيجة سعيك الماضي تجاهه و لذلك وجدته أمامك و قربك و لولاه ما فتحت الأسوار , و لوجدتها

فولاذًاً قاسياً مالك إليه من وسيلة . إنّ مفتاحك للوصول إليك هو أنت، فعندما شعرت بأهميّة الوصول فتح لك باب

الدخول , وعندما وعيت بحسّك و جوارحك حقيقة الأشياء و الأحداث فقد جعلت بيدك عزيمة التغيير بإرادتك أنت .

ووصولك لحقيقة ما في نفسك أو في إطارك مع ما هو حولك ما هو إلا نتيجة إصرارك و رغبتك في المعرفة .

و هو نتاج وعيك الحالي تجاهه ,فلن تفتح لك أبواب الحكمة والمعرفة ، ويتنور قلبك بنور البصيرة ما لم تكن واعيا

مدركاً مترفعاً عن المادة والمظاهر ومتقرباً من الروح وجاهزا بنور بصيرتك .

ستسألني و كيف ذلك ؟

سأجيبك ببساطة : بالإدراك و الوعي و التواصل الحقيقي مع النفس بالصدق و الشفافية ستصل إلى عمييق داخلك و ستدرك ما فيها من أسرار و ستفتح لك الأسوار .