أفكار وآراء

مشاريع طاقة الرياح في السلطنة

29 سبتمبر 2018
29 سبتمبر 2018

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

يحتفل العالم في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر من كل عام بيوم الطاقة العالمي. واليوم هناك الكثير من الدول التي وقعت على وثيقة إعلان هذا اليوم الذي يسلط من خلاله الضوء على أهمية مصادر الطاقة التي تدخل في عملية التنمية. وتبدي السلطنة اهتماما كبيرا بمشاريع الطاقة المتجددة ومنها طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وتستقبل الموانئ العمانية بين فترة وأخرى ومنها ميناء الدقم الأجهزة والمعدات المعنية بمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وهناك مشاريع مشتركة بين السلطنة ودول المنطقة والعالم في هذا الشأن. ويعد مشروع محطة «ظُفار لطاقة الرياح» ثمرة اتفاقية تطوير مشتركة تم التوقيع عليها في عام 2014 بين كلٍ من شركة «مصدر» بدولة الإمارات العربية المتحدة وشركة «كهرباء المناطق الريفية» بالسلطنة، حيث أسندت بموجبها الأعمال الهندسية والتوريد والإنشاءات لائتلاف من شركات عالمية لبناء هذه المحطة التي ستكون أول وأكبر محطة لتوليد الطاقة من الرياح في منطقة الخليج العربي. ومن المقرر أن توفّر المحطة الكهرباء النظيفة لـقرابة الـ 16 ألف منزل وأن تحدّ من انبعاثات ما مقداره 110 آلاف طن سنوياً من غاز ثاني اكسيد الكربون.

فالسلطنة – كما هو معروف عنها- تهتم بهذه المشاريع ولديها المقومات والقدرات في مجال الطاقة المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية بالإضافة إلى طاقة الرياح. وتعمل على استقطاب المزيد من الخبرات للاستفادة من مشاريع الطاقة المتجددة المتطورة في جميع أنحاء العالم. ولا شك أن وجود محطة لطاقة الرياح في محافظة ظفار سوف يسهم في دعم خطط التنويع الاقتصادي التي تتبناها السلطنة في تلك المحافظة، وتعمل على تنويع مصادر الطاقة النظيفة في ضوء الزيادة السكانية التي تجاوزت 4 ملايين نسمة. وهذه المشاريع من المؤمل أن تلبي احتياجات تلك المناطق والمساهمة في تعزيز المشاريع التنموية والاقتصادية في جميع المحافظات العمانية.

ومن هذا المنطلق تشارك الجهات المعنية في السلطنة في عدد من الفعاليات والمؤتمرات التي تهم مشاريع الطاقة المتجددة في العالم، بالإضافة إلى تأهيل العمانيين وخاصة طلبة المرحلة الجامعية في التخصصات التي تعني بتلك المشاريع، وإيجاد المؤسسات التجارية التي تساهم في توفير مصادر الطاقة لتوفير المزيد من خدمات المياه والكهرباء لمختلف المشاريع التي تهم المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية. ويؤكد المسؤولون في الهيئة العامة للكهرباء والمياه (ديم) أنّ السلطنة أنهت دراستها للاستراتيجية الوطنية للطاقة، حيث تم اعتماد قرار بأن تسهم الطاقة المتجددة بما نسبته 10% من إجمالي الطاقة المستخدمة في إنتاج الكهرباء بحلول عام 2025م والتي تقدر بحوالي 3 جيجاوات، وسوف يتم إعادة تقييم هذه الدراسة عام 2020، في الوقت الذي تُبذل فيه الجهود لطرح أولى مشاريع الطاقة الشمسية التي قد تصل سعتها إلى 500 ميجاوات قريبا. كما تعطي السلطنة اهتماما مماثلا لمشاريع طاقة الرياح التي تمثل جانبا واعدا في مستقبل الطاقة المتجددة في السلطنة من خلال بعض دراسات الجدوى التي قامت بها في هذا الشأن. وهذه الجهود مستمرة في قائمة المشاريع التي تهم الطاقة المتجددة بهدف حجز المواقع المناسبة لمحطات إنتاج الكهرباء بطاقة الرياح والتي من المقدر أن تتراوح سعاتها من 100 إلى200 ميجاوات، بجانب مشروع طاقة الرياح في محافظة ظفار، والذي تبلغ سعته 50 ميجاواط. وهناك مشاريع أخرى يتبناها القطاع الخاص العُماني في مجال الطاقة المتجددة، منها المشروع الذي تبلغ سعته الإنتاجية 1000 ميغاوات، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى له وجار تنفيذ المرحلة الثانية، ألا وهو مشروع توليد البخار بالطاقة الشمسية، والذي يعد أحد أكبر محطات في العالم في هذا المجال.

وهذه المشاريع التي يطلق عليها «صديق البيئة» لها دور كبير في تعزيز الطاقة المتجددة، وفي مواجهة ظاهرة التغير المناخي، وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية، الأمر الذي يتطلب استثمار المزيد من الأموال وخاصة في مجال الابتكار وفي سبل تحفيز نشر استخدامات هذه الطاقة المتجددة. فالعالم يشهد اليوم تغييرات جذرية في قطاع الطاقة المتجددة حيث يتجه العديد من دول العالم إلى تبني هذه المشاريع ووضع الاستراتيجيات للإسراع من وتيرة نشر حلول الطاقة المتجددة، لدعم المشاريع والخطط الاقتصادية للدول وتعزيز أمن الطاقة وفرص الوصول إليها.

إن تبني مشاريع الطاقة المتجددة سواء الطاقة الشمسية أو الرياح ستعمل على إيجاد نقلة جذرية في المشاريع الأخرى وبتكلفة أقل، بالإضافة إلى أنها سوف تساهم في تفادي انبعاث آلاف الأطنان من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا. والسلطنة بمشاريعها في هذا القطاع وما تتمتع به من إمكانيات، فإن تلك المشاريع سوف تساهم لدى اكتمالها في تعزيز المكانة الريادية لها في مجال الطاقة النظيفة بالمنطقة. كما أن دور هذه المشاريع سوف لا تقتصر أهميتها على كونها نموذجاً متطوراً لتوليد الطاقة في المنطقة فحسب، بل ستعمل على تسليط الضوء على الجدوى التجارية من استخدام أحدث التقنيات في الاستفادة من تلك المشاريع، ودعم جهود تبادل المعرفة والخبرات في مجال الطاقة المتجددة بين السلطنة ومختلف الدول الأخرى.

ومن هذا المنطلق خصص العالم يوما للطاقة بهدف دعم السياسات والحلول الرامية لرفع كفاءة توليد واستخدام تلك الطاقات في مختلف الحقول التي تحتاج إليها. فالكل أصبح اليوم يتجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، والتركيز على استخدام الطاقة النظيفة. فهذه المشاريع بالرغم من أهميتها الكبيرة فإنها تساهم أيضا في الحد من آثار تغير المناخ الأمر الذي يترك نتائج إيجابية على البيئة والأجيال المستقبلية. فاعتماد العالم على منتجات الطاقة المتجددة والنظيفة سوف يتزايد عاما بعد عام بجانب الاستمرار في الاعتماد على الطاقات التقليدية كالنفط والغاز والفحم وغيرها.

لقد اتخذت السلطنة خطوات إيجابية للاستفادة من هذا القطاع لتعزيز بنيتها التحتية، حيث تؤكد الدراسات التي أغدتها في هذا الجانب أهمية وضرورة الاهتمام بهذه الأنواع من الطاقة، باعتبارها مجالا واعدا وقادرا على الإسهام بشكل متزايد في توفير مصادر الطاقة النظيفة، وتجديد الموارد الطبيعية التي تتمتع بها البلاد، بجانب أنها ستعمل على توفير مزيد من فرص العمل للشباب العماني في مختلف المحافظات العمانية وتساهم في عملية التنويع الاقتصادي.

إن زيادة استهلاك الطاقة في البلاد من قبل الجميع، يتطلب اتخاذ خطوات إيجابية للاستفادة من مكنونات الطاقة المتجددة، واستغلال الموقع الجغرافي للسلطنة وتضاريسها المتنوعة في تأسيس المزيد من مشاريع الطاقة النظيفة وهي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي يمكن لهما المساهمة في توسيع البنية الأساسية في البلاد، بجانب تجديد الموارد الطبيعية التي تتمتع بها الدول، الأمر الذي يعطي للأجيال المقبلة فرصة أكبر لاستثمار طاقاتهم في الاعتماد على هذا النوع من الطاقة، وتنمية المشاريع التي يمكن من خلالها توفير مزيد من فرص العمل للشباب العماني في مختلف المحافظات العمانية. فزيادة استهلاك الطاقة سوف يمثل تحديا كبيرا للاقتصاد العماني في المستقبل إذا لم يتم توفير مصادر كافية لتلبية طلب المؤسسات والشركات المزمع إنشاؤها في المناطق الصناعية والحرة التي تقيمها السلطنة في مختلف المحافظات العمانية. وهذه المشاريع بلا شك ستكون رافدا مهما لتوسيع نطاق الصناعات الجديدة التي تحتاج إلى الطاقة، الأمر الذي يتطلب الإسراع في العمل على تطوير الأطر والقوانين اللازمة، وتوفير كل الإمكانيات واتخاذ الإجراءات للحد من الصعوبات والتحديات التي ربما تواجه مثل هذه المشاريع.

[email protected]