993999
993999
المنوعات

رحيل المفكر جلال أمين الحاصل على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب

26 سبتمبر 2018
26 سبتمبر 2018

رأى في حوار سابق مع «عمان » أن الديمقراطية خدعة والحل في المستبد العادل -

رحل في وقت متأخر من مساء أمس الأول المفكر والخبير الاقتصادي المصري الدكتور جلال أمين عن عمر ناهز 83 عاما بعد صراع مع المرض.

ونعت وزارة الثقافة المصرية الراحل صاحب كتاب «ماذا حدث للمصريين؟»، وقال الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في بيان إن «الثقافة العربية خسرت واحدا من أهم المفكرين الذين سخَّروا علمهم وأفكارهم لفهم الواقع وتحليله واستخلاص النتائج منه لقراءة المستقبل». والراحل هو ابن الأديب المصري الشهير أحمد أمين صاحب كتاب فجر الإسلام وضحى الإسلام. وكان أمين الذي يعمل أستاذا للاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قد فاز في ديسمبر الماضي بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عن مجال الدراسات الاقتصادية. وخلفّ الراحل أكثر من 30 كتابا

أبرزها «ماذا حدث للمصريين.. تطور المجتمع المصري في نصف قرن 1945-1995» الذي يشرح التغير الاجتماعي والثقافي في حياة المصريين خلال تلك الفترة و«محنة الاقتصاد والثقافة في مصر» و«الدولة الرخوة في مصر» و«التنوير الزائف» و«العولمة والتنمية العربية» و«المثقفون العرب وإسرائيل» و«شخصيات لها تاريخ».

وكان الراحل مهموما بقضايا العدالة الاجتماعية والاستقلال الاقتصادي الذي لا يقل أهمية في رأيه عن الاستقلال السياسي.

وكان جلال أمين قد حضر لمسقط في ديسمبر الماضي لاستلام جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وفي تلك الزيارة أعطى حوارا لكاتب هذه السطور أكد فيه ردا على سؤال ماذا يحدث للعرب اليوم تأسيسا على كتابه ماذا حدث للمصريين: منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي منذ حوالي سبع سنوات أستطيع القول إن أنسب وصف هو «إن الوضع غير مفهوم»، لا ندري بالضبط مغزى ما حدث/‏‏‏ما يحدث. كان لدي دائما استعداد أو ميل لأن أفسر ما يجري، أو أبحث عن تفسير، ولكني أعترف أنه منذ 2011 أصبح الأمر أصعب بكثير، وأحيانا يمر بذهني أن في الأمر مؤامرة، لكن ليس واضحا مَنْ الذي يتآمر ولأي هدف!!

طبعا إضعاف العرب دائما ما كان هدفا مطلوبا لأعدائهم. خاصة أن الولايات المتحدة التي تعودنا أن ننسب إليها الضلوع أو ترتيب مؤامرات ضدنا ليست في أحسن أحوالها وهي نفسها تمر بمرحلة تدهور مركزها السياسي والاقتصادي، أعني مركزها النسبي. كان زمان سهل علينا القول إن أمريكا تبحث عن مجالات استثمار وتصريف السلع لاستثمار أموالها ولكن هذا التفسير لم يعد مقنعا بسهولة لأن قدرة الأمريكان على الاستثمار والتصدير في الخارج أصعب بكثير مما كانت وفي ذلك الحوار دافع جلال أمين عن العقل العربي الذي رأى أنه عقل سليم وليس فيه ما يعيبه إلا ما يراد له من قوى خارجية مشددا على أن العقل العقل العربي لا يعاني من أي خلل، والعرب أذكياء وبرهنوا على ذلك بحضارة عظيمة في وقت ما من التاريخ، مضيف «لا أؤمن بمن يلقي اللوم فيما يحدث للعرب على العقل العربي». واعتبر جلال أمين أن مشكلة العرب تكمن في النظم الديكتاتورية الموجود في بعض البلاد العربية، مشيرا أن حتى تلك النظم جاءات بدافع خارجي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي ذلك الحوار، أيضا، أشار جلال أمين إلى أن التكنولوجيا في العالم هي المشكلة مفسرا كلامه بالقول إن التكنولوجيا ليست شيئا مجردا، هي توجد لخدمة أهداف معينة: إنتاج سلع من نوع معين وأنا ضعيف الثقة أو الميل أو قليل الحب لما فعله الغرب. صحيح إنه هو حداثة ولكن الحداثة معناها هو الشيء الجديد أو الأجدد ولكن ليس الأجدد، بالضرورة، أفضل من الأقدم، بحسب ما قال في الحوار.

ورد في الحوار على ما قاله أدونيس في حوار لمحطة «بي بي سي» حينما قال إن العرب في مرحلة انقراض وليس في مرحلة ثورة بالقول: اعتقد هذا فيه قسوة زائدة.. التطرف له أمر آخر. إنما هل العرب مرضى فعلا لهذه الدرجة التي يقول بها أدونيس؟ لا. أنا لست ميالا لهذا أبدا. أعتقد أن أحد الأسباب أن الذي يضع المسؤولية على العرب بهذا الشكل دائما هم/‏‏‏هو مفتون بالغرب.

وقال جلال أمين أن الديمقراطية خدعة كبيرة، و«أنت لكي تعرف الحقيقة لا تعد الأصوات فقط، لا تحسب، لا تحاول الوصول للحق من خلال تعداد الآراء. أعتقد أن لسيدنا علي بن أبي طالب مقولة «يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال» هذه كلمة جميلة جدا، وهي ضد الديمقراطية بمعنى أن الحق يُكتشف من ذاته، من التجربة العقلية وليس من خلال أن ترى الناس إلى أين تريد أن تذهب وتقول هذا هو الصح. هذه أحد اعتراضاتي على الديمقراطية. أما السبب الثاني فلأنها، أي «الديمقراطية» مشكوك أنها تحققت بالفعل».

وحول خدعة الديمقراطية ضرب جلال أمين مثالا بالغرب «في الغزو الأمريكي والانجليزي للعراق قيل إن معظم الشعب الإنجليزي كان معارضا لتلك الحرب.. ولذلك نحن نرى أن هناك قوة داخل هذه المجتمعات هي التي تؤثر في القرارات. السبب الآخر: الآن الدول الغربية خاضعة لسيطرة الشركات متعددة الجنسيات وهذه أكبر قوة اقتصادية موجودة الآن، وهي التي تغسل أدمغة الناس بوسائل الإعلام وتضع الأهداف التي تريدها وتريد الناس أن يفكروا فيها وللأسف ينجحون في ذلك، ويسمون ذلك ديمقراطية. لاحظ أن الصحف الأكثر توزيعا هي الصحف التي يسيطر عليها رأس المال».

ورأى جلال أمين أن الحل يكمن في «المستبد العادل»، لكنه رأى أيضا أن المستبدل العادل لا يأتي إلا صدفة.