992112
992112
المنوعات

البحث عن السفينة «امستلفين»برأس مدركة ومشروع الحلانيات يكشف أقدم السفن الغارقة المكتشفة على مستوى العالم

24 سبتمبر 2018
24 سبتمبر 2018

أيوب البوسعيدي في محاضرته عن «الآثار المغمورة بالمياه»:-

تاريخ عمان البحري موغل في القدم.. وميناء سمهرم تأسس في القرن الأول قبل الميلاد -

كتب - سالم بن حمدان الحسيني -

نظم معهد العلوم الإسلامية بمسقط التابع لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم محاضرة قيمة عن «الآثار المغمورة بالمياه» لطلاب المعهد ألقاها أيوب بن نغموش البوسعيدي مدير الآثار المغمورة بالمياه بوزارة التراث والثقافة تحدث من خلالها عن التراث الثقافي المغمور بالمياه معرفا بداية بالتراث الثقافي المغمور بالمياه بأنه جميع آثار الوجود الإنساني التي تتسم بطابع ثقافي أو تاريخي أو أثري التي ظلت مغمورة بالمياه جزئيا أو كليا، بصورة دورية أو متواصلة، لمدة مائة عام على الأقل. وأوضح أن من أهمية الآثار المغمورة بالمياه دراسة ومعرفة ونشر المكتشفات من الحضارات الإنسانية القديمة وتوثيقها، وكذلك التعرف على مدى ما توصلت إليه هذه الحضارات القديمة من تقدم وازدهار بوصفها تراثا للإنسانية جمعاء. وأشار إلى أن العناية بالآثار المغمورة مجال لحماية ثقافة الأمة من الضياع والنهب والسرقة، كما أن الاهتمام بالآثار المغمورة يعد مصدرا من مصادر الثراء العلمي والاقتصادي للشعوب لكونها من أهم مصادر الجذب السياحي الحديث. ثم تطرق بعد ذلك إلى أنواع وأشكال التراث الثقافي المغمور بالمياه وهي المواقع والهياكل والمباني والمصنوعات والرفات البشرية في سياقها الأثري والطبيعي مثل السفن والطائرات وغيرها من وسائل النقل أو أي جزء منها أو حمولتها أو أي من محتوياتها في سياقها الأثري والطبيعي وكذلك المواد التي تنتمي إلى عصر ما قبل التاريخ.

وعرج البوسعيدي إلى تجربة السلطنة في مجال الآثار المغمورة بالمياه مشيرا الى أن تاريخ عمان البحري يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد خلال ازدهار النشاط التجاري لحضارة ما بين النهرين ووادي النيل. وكان تجار بلاد ما بين النهرين يساهمون في تنمية النشاط التجاري على امتداد الشواطئ الشرقية لشبه الجزيرة العربية، مؤكدا أن السومريين اطلقوا اسم مجان على عمان وهي تعني جبل النحاس التي كان النحاس يصدر منها إلى بلاد السومريين.

وأضاف قائلا: في عهد الممالك العربية في جنوب شبه الجزيرة العربية ظلت الموانئ العمانية تقوم بدورها في التجارة عبر البحار ومن أمثلة تلك الموانئ ميناء سمهرم الذي تأسس في القرن الأول قبل الميلاد على أيدي ملوك شبوة، ومع فجر الإسلام كان العمانيون قد اكتسبوا خبرة جيدة في الملاحة البحرية حيث امتد نفوذهم التجاري إلى سواحل فارس والبصرة وبلاد السند، وفي القرن الثامن عشر برزت مسقط كواحدة من أهم مراكز التجارة في المحيط الهندي حيث توسعت مناطق النفوذ العمانية إلى جوادر في باكستان وشهريار وهرمز وبندر عباس وقشم في إيران، ومن رأس جورادفور في القرن الأفريقي في موزمبيق وصولاً إلى مقديشو وماليندي وممباسا وزنجبار. وكانت سفن الأسطول البحري العماني تصل إلى المدن البعيدة بما في ذلك الصين ولندن ونيويورك وفي عام 1834م أهدى السيد سعيد بن سلطان البارجة ليفربول وعليها 74 مدفعا إلى الملك وليم الرابع كهدية منه للتاج البريطاني، فيما وصل أحمد بن نعمان الكعبي عام 1840م إلى نيويورك على متن السفينة التجارية «سلطانة» مبعوثا إلى الولايات المتحدة.

وتطرق المحاضر الى التعاون التاريخي مع جمهورية الصين الشعبية ذاكرا انه في عام 2008م تم الاتفاق مع جمهورية الصين الشعبية على تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع البحث عن بقايا أسطول (زنج هي) التي غرقت في القرن الخامس عشر الميلادي في المياه الإقليمية العمانية بمحافظة مسندم وأسفرت عملية المسح في هذه المرحلة عن اكتشاف 12هدفا من خلال عمليات المسح بواسطة جهاز السونار، مشيرا الى أنه في عام 2012 م تم استكمال المرحلة الثانية باستخدام أجهزة أكثر دقة لعملية مسح الأهداف التي تم اكتشافها وتحديدها في المرحلة الأولى حيث أظهرت النتائج وجود سفن غارقة عددها أربع سفن إلا أنه إلى الآن لم تحدد إذا كانت السفن تابعه للأسطول أو لغيره وهي في أعماق تتراوح من 120 ـ 170 متراً.

كما تطرق الى التعاون التاريخي مع مملكة هولندا حيث قال: تعاون السلطنة في مجال الآثار المغمورة بالمياه كانت مع المملكة الهولندية بعد توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التراث والثقافة وبين الحكومة الهولندية للبحث عن بقايا حطام سفينة «امستلفين» والتي غرقت قبالة السواحل العمانية في منطقة رأس مدركة في وسط عمان عام 1763م، وكان على متنها 105 أشخاص وقد لقي 75 منهم حتفهم. وأشار الى أن مشروع الحلانيات يعد الأول من نوعه على مستوى منطقة غرب المحيط الهندي بما في ذلك دول مجلس التعاون حيث تم اكتشاف أقدم السفن الغارقة المكتشفة على مستوى العالم.

واستعرض أيوب البوسعيدي تجربة السلطنة في الآثار المغمورة بالمياه من خلال مشروع البحث عن بقايا أسطول البحار الصيني المسلم «زنج هي» التي غرقت في القرن الخامس عشر الميلادي في المياه الإقليمية العمانية بمحافظة مسندم (شمال السلطنة)، ومشروع المسح والتنقيب عن بقايا حطام سفن أسطول الملاح البرتغالي فاسكو دي جاما، كما تابع الحضور الفيلم الوثائقي الذي أنتجته وزارة التراث والثقافة حول هذه المسوحات والتنقيبات، وقد تطرق المشروع لأكثر من مراحل، المرحلة الأولى وهي جمع البيانات والمعلومات، والمرحلة الثانية كانت أهم معثوراتها جرس شبه مكتمل والذي يعتبر أقدم جرس أثري في العالم، وتليها المرحلة الثالثة وهي بالتعاون مع البحرية السلطانية العمانية وكان من أهم نتائجها الحصول على (12) عملة ذهبية عليها اسم الملك البرتغالي امانويل الأول، وقرص اصطرلاب، وعشر ملاعق نحاسية، و(19) مدفعا صغيرا ومجموعة بنادق وقذائف مختلفة الأحجام، وقدَّم البوسعيدي نبذة تعريفية حول البرنامج وأهميته وبداية العمل الفعلي به منذ 2012م في مواقع متعددة منها مسندم، رأس مدركة، مرباط، جزر الحلانيات. وذكر أنّ هنالك مسمى آخر لهذه الآثار وهو (الكنوز المغمورة)، واسترسل في ذكر الصعوبات التي واجهت الفريق أثناء عمليات البحث، ومنها على سبيل المثال عمليات البحث التي جرت في مسندم؛ حيث كانت المياه عميقة جدا وكان من الصعب الوصول إلى الآثار، مشيرا إلى أن البرنامج يعتمد على جمع البيانات من صور ووثائق تدل على تاريخ هذه الآثار، وأن من كل عملية بحث يخرج بأهداف وحقائق ونتائج تساعدهم في عمليات البحث الجديدة.

من جانبه أوضح عبدالله بن حميد الجابري الباحث في التاريخ – معلم في معهد العلوم الإسلامية بمسقط أن الهدف من إقامة هذه المحاضرة هو غرس أهمية الحفاظ على التراث العماني في نفوس النشء واستشعارهم بعظمة الإمبراطورية العمانية المترامية الأطراف حيث إن الأسطول العماني كان ثاني أكبر أسطول في المحيط الهندي بعد الأسطول البريطاني، وتأتي كذلك في الإطار التعليمي للمناهج حيث إن مادة التاريخ تتحدث عن الغزو البرتغالي لعمان وكيف استطاع العمانيون كسب المعارك الدائرة بينهم لصالحهم، وكذلك توضيح الآثار المترتبة على هذا الغزو، وأشار إلى أن الهدف من هذه المحاضرة أيضا إعلام الطلاب بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم خصوصا حينما يكونوا في موضع المسؤولية عن الحضارة العمانية وأيضا تجاه التراث الوطني المادي وغير المادي سواء كان التاريخ المستكشف المطمور أو التاريخ المدون في الوثائق والمستندات أو التاريخ الثقافي المتمثل في التاريخ غير المادي.