أفكار وآراء

ارتفاع الاستثمارات الصينية المباشرة

22 سبتمبر 2018
22 سبتمبر 2018

«عمان»: يشهد هيكل الاستثمارات الصينية المباشرة بالخارج تحسنا اتسم بتراجع الإنفاق وزيادة في تنوع مقاصد تلك الاستثمارات، بحسب ما ذكرته بيانات رسمية.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن بيانات وزارة التجارة الصينية أن حجم الاستثمارات الصينية المباشرة بالخارج بلغ 1ر74 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى أغسطس، بارتفاع بواقع 8ر7 بالمائة على أساس سنوي.

وأوضحت الوزارة أن هيكل الاستثمارات قد تحسن في القطاع الصناعي، حيث وصلت نسبة الإنفاق في قطاعات خدمات التأجير والأعمال، والتصنيع، والتعدين، وتجارة الجملة، وتجارة التجزئة إلى4ر33 بالمائة و6ر16 بالمائة و3ر10 بالمائة و3ر9 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الصينية المباشرة بالخارج على الترتيب.

ولم يتم تسجيل مشاريع استثمارية جديدة في قطاعات العقارات والرياضة والترفيه، والتي كانت تجتذب قدرا غير معقول من أموال البلاد.

وقال وانج جيان جون، المسؤول بدائرة الاستثمارات الخارجية في لجنة الدولة للتنمية والإصلاح إن هيكل المستثمرين الصينيين قد تحسن أيضا.

وأوضح وانج أن الكيانات الخاصة مثلت 70 بالمائة من إجمالي المستثمرين المتجهين للاستثمار بالخارج على مدار العامين الماضيين، مشيرا إلى أن مقاصد تلك الاستثمارات باتت أكثر توازنا وتنوعا أيضا.

ولفت تقرير صادر عن المجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، إلى أن الدول على طول الحزام والطريق اجتذبت 12 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الصينية المباشرة المتجهة للخارج خلال العام الماضي، فيما أشارت بيانات لوزارة التجارة إلى أنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، ارتفع حجم الاستثمارات الصينية المباشرة المتجهة للخارج في هذه الدول بواقع 12 بالمائة على أساس سنوي لتصل إلى 6ر9 مليار دولار.

وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد رجحت أن يشهد النمو الاقتصادي العالمي تراجعاً بسبب تضرر التجارة العالمية من السياسات الحمائية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقالت كبيرة الاقتصاديين في المنظمة لورانس بون للصحفيين «إذا سارت الأمور كما هي، ربما نواجه مخاطر إبطاء النمو»، وذلك بعد نشر المنظمة تقريراً بعنوان «ارتياب شديد يلقي بظله على النمو العالمي».

وتابعت أن النمو حاليا في «مستوى عالٍ جدا»، لكن المخاطر الراهنة وخصوصا الحمائية قد تقلص النمو. وظل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي «متيناً» في النصف الأول للعام 2018 بنسبة حوالي 3.75 بالمائة، على ما قالت المنظمة لكنها أشارت إلى «هناك إشارات بأن النمو ربما بلغ الذروة». وذكرت المنظمة ومقرها باريس أنها تتوقع أن يستقر النمو عند 3.7 بالمائة في 2018 و2019 ما يشكّل انخفاضا بمعدل 0.1 و0.2 بالمائة على التوالي مقارنة بتوقعاتها السابقة في مايو الماضي.

وأقر رئيس الوزراء الصيني لي كيكيانغ بصراحة الأربعاء بأن الاقتصاد الثاني في العالم يواجه «صعوبات متزايدة» في الحفاظ على نمو ثابت وسط العاصفة التجارية العنيفة التي يواجهها. لكنه أكد رغم ذلك ثقته في قدرة بلاده على «التغلب على المصاعب».

وحذرت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني بأن التصعيد الجديد بين أمريكا والصين قد يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي الصيني بمقدار 0.3 إلى 0.5 نقطة مئوية العام المقبل. وتوقع مكتب «أوكسفورد إيكونوميكس» من جهته تراجعا بمقدار 0.2 نقطة مئوية، مع ارتفاع الوطأة في حال رفعت واشنطن مثلما توعدت به الرسوم الجمركية إلى 25% في الأول من يناير، ما سيؤدي إلى تراجع إضافي لنسبة النمو بمقدار 0.4 نقطة مئوية.

وتوقع صندوق النقد الدولي منذ أبريل تباطؤ النمو إلى 6.6% عام 2018 ثم 6.4% عام 2019، بالمقارنة مع 6.9% عام 2017.

لكن في حال نفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم مشددة على مجمل المنتجات الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة، فإن النمو الصيني قد يتدنى إلى 5.8% العام المقبل، بحسب أرقام المحلل لدى «أوكسفورد إيكونوميكس» لويس كويجس.

وشدد على أنه في الوضع الراهن «تبقى آفاق التهدئة ضعيفة على المدى القريب» إذ يبدو البيت الأبيض واثقا من «الفوز» في هذه الحرب.

يبقى أن الصين تستفيد من التراجع الكبير في سعر اليوان الذي فقد 8.5% من قيمته مقابل الدولار منذ أبريل، ما يعتبر مكسبا للمصدرين الصينيين إذ يعزز قدرة منتجاتهم على المنافسة.

ومن المتوقع أن تواصل السلطات الصينية تليين سياستها المالية والضريبية بعدما ضاعفت التخفيضات الضريبية والرسوم على التصدير، وزادت الإنفاق العام على مشاريع البنى التحتية. وقال كويجز إن «بكين ستتخذ تدابير إضافية لدعم الطلب الداخلي» ما سيبطل برأيه «حوالي نصف» المفاعيل الاقتصادية للحرب التجارية.

غير أن لي كيكيانغ لفت الأربعاء خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه الصين إلى أن هذا لا يعني أن بكين ستعتمد خطط إنعاش اقتصادي واسعة النطاق.

وهذا يعني أن الصين لن تعمد كما في 2008 إلى ضخ كميات هائلة من السيولة في الاقتصاد لتحريك النشاط، في وقت باتت تعاني من ديون طائلة تتخطى 250% من إجمالي الناتج الداخلي.

وتردد السلطات الصينية في الخطاب الرسمي أن «الحرب التجارية لن ترغمها على الإذعان للضغوط الأمريكية، بل على العكس، فهي ستواجه التحديات وستصبح أقوى، مدعومة بمتانة اقتصادها». وذكر لي كيكيانغ أنه «خلال السنوات الأربعين الأخيرة، تغلب الاقتصاد الصيني على كل العقبات» وتخطى الأزمات.