986776
986776
إشراقات

النصيحة ركن من أركان الدعوة إلى الله والحفاظ على هذا الدين

20 سبتمبر 2018
20 سبتمبر 2018

استطلاع: سالم بن حمدان الحسيني -

ما الذي يعنيه الحديث الشريف: «الدين النصيحة» .. وهل تكون في الأمور الدينية فحسب؟ أم تشمل كذلك الأمور الدنيوية، وهل هناك شروط معينة يجب أن تتوفر في مقدم النصيحة؟ وهل يشترط في النصيحة زمان أو مكان معين؟ وما الطريقة المثلى في تقديمها؟ وهل يعذر المرء نفسه إذا رأى أنه غير قادر على تقديمها بالشكل المطلوب؟ أم يلتمس لنفسه العذر؟ .. الإجابة على هذه التساؤلات نتعرف عليها من خلال الالتقاء مع مجموعة مختارة من الشباب الذين أبدوا آراء متباينة حول هذا الموضوع. أما وجهة النظر الشرعية فتؤكد أن النصيحة داخلة في الدعوة إلى الله عز وجل، وهي من واجبات القيام بهذا الأمر، لكن يجب أن تكون مبنية على أسس وقواعد معينة بينها القرآن الكريم وسنة نبيه الكريم .. نتبين ذلك من خلال اللقاءات التالية في هذا الاستطلاع:

التقينا بداية مع سالم بن عيد المقبالي ليحدثنا عن رأيه الشخصي في أهمية تقديم النصيحة فيقول: إن حياة المرء لا تستقيم إلا بالنصيحة، ولا يمكن لأي إنسان أن يستغني عن نصح المحب، ويذكر أن أفلاطون قال: من يأبى النصيحة الْيَوْم التي لا تكلف شيئا سوف يضطر في الغد إلى شراء الأسف بأغلى الأثمان، مشيرا إلى أن المبادرة بالنصيحة تعتمد على طبيعة الموقف والشخص موضع النصح، وإن كان ولا بد فهناك مندوحة في الأساليب التي تضمن عدم التعريض بالمنصوح أو جرحه .. حيث إن النصيحة في الأصل تقدم لمن طلبها، هذا أولا. وثانيا: أن تقدم في قالب جميل لا يأنف منه المنصوح، لكن إن حدث وشعر المنصوح بالإزعاج فالأفضل تركه.

أما إذا رأى في نفسه أنه غير قادر على تقديم النصيحة بالشكل الصحيح .. هل سيغامر بتقديمها .. أم يلتمس لنفسه العذر؟ يقول المقبالي: الأصل أن نتوجه بالنصح لكل من نعزه ونقدره ونحترمه، وهو حتما سيتفهم أن هذا من مصلحته، مع مراعاة أننا لسنا أوصياء على أحد ولكل حرية التعبير، وما النصيحة في أصلها إلا هدية تقدم لمن نقدرهم ونحترمهم، لكن إن كانت هذه النصيحة ستضر أكثر مما تنفع فلا خير فيها ولا فيمن أتى بها.

من جهته قال يعرب سعيد علي العمراني - أخصائي اجتماعي بوزارة التربية والتعليم: تعتبر النصيحة علامة من علامات الاهتمام بالصلاح والإصلاح، حيث إن ديننا الإسلامي الحنيف قائم على النصيحة، وهل يقوم هو بذلك إذا رأى تصرفا سلبيا بدر من شخص قال: نعم، لأن ذلك من مسؤوليتي أن أقوم بواجب النصيحة ودور الناصح وتبيين خطأ ذلك الشخص وتقويم سلوكه السلبي وتبصيره بالجانب الإيجابي.

وإذا وجد ردودا سلبية ممن يحاول أن يقدم له النصيحة .. هل يدخل معه في صدام أم كيف يتصرف؟ قال: أتقبل الردود السلبية وأحاول أن أجد قنوات للإقناع لكي أحقق الهدف من النصيحة فلربما الإنسان لا يدرك خطأه بعد التحاور معه، إذا رأى أنه غير قادر على تقديم النصيحة بالشكل الصحيح .. فقال: في هذا الحالة ألتمس لنفسي العذر خوفا من الانعطاف السلبي للموضوع والخشية من تقديم النصح في غير موضعه الصحيح مما ينعكس سلباً على الشخص المنصوح.

كذلك يشاركنا في هذا الاستطلاع ثاني بن سالم القاسمي، فيقول حول هذا الموضوع: إن النصيحة مهمة من المسلم لأخيه المسلم ولكن بشرط أن تكون في السر وليست أمام الملأ؛ حيث يجب على المسلم تقديم النصح والإرشاد لكل مسلم لنيل الأجر والثواب وحب الخير لغيره، وبها تصلح المخطئ بإذن الله تعالى، مشيرا إلى أن النصيحة في رأيه مهمة، وهناك أحاديث نبوية تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم تحث على النصيحة وتقديم النصح، والنصيحة ذكرها الله في مواضع كثيرة في القرآن على لسان أنبيائه الكرام صلوات الله عليهم، كما أن النصيحة كذلك دليل على محبة الناصح للمنصوح وإرادة الخير والصلاح له.

وأضاف: وطبعا كوني فردا في هذا المجتمع يدين بالإسلام فإني أقدم النصيحة لكل شخص أرى منه تصرفا خاطئا وسلبيا؛ لأن النصيحة في هذه الحالة تؤدي إلى صلاح الفرد والمجتمع .. وفي بعض الأحيان أطلب النصيحة مثلي مثل المنصوح .. وأقدم النصح كذلك للشخص الذي يطلب منى النصيحة؛ لأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يدعونا لذلك، وطبعا عندما أنصح المخطئ يكون نصحي بلطف ولين وكلام طيب ولا أعنفه لكي يقبل النصيحة؛ لأن المسلم بطبعه لا يحب الغلظة والشدة ويميل للين واللطف لقبول الأمر، وينبغي ألا يكون كلام الناصح طويلا مملا ينفر منه المنصوح المخطئ .. كذلك على من يقدم النصيحة أن يختار الوقت المناسب للنصيحة. ويجب أن يكون الناصح قدوة حسنة للمنصوح مخلصا نيته في تقديم النصيحة لله تعالى.

وإذا واجه ردودا سلبية حينما يقدم النصيحة، كيف عليه أن يتصرف قال: لا يخلو أي عمل كان من السلبيات والمعوقات فما دمت قد تبنيت أن أكون في دور الناصح فعليّ أن أتقبل كل الردود السلبية وسلبيات المنصوح محاولا تذليل تلك السلبيات بدون الدخول معه في صدام وأحاول مرة تلو أخرى بلا يأس بالكلام الطيب اللين لتخرج النصيحة مغلفة بالكلام المقبول .. فطريق النصيحة والإصلاح لا يتوافق مع جميع الأفراد، فمنهم من يقبل ومنهم من يصد ويبتعد ويصادم لكي لا يسمع النصيحة .. لكن لكون الشخص الناصح خالص النية لوجه الله في النصح والإصلاح فسوف يقبل ولو بعد عدة محاولات بهذه النصيحة بعد أن أعطيه وقتا ومعاودة النصح مرة أخرى. أما إذا رأيت نفسي غير قادر على تقديم النصيحة بالشكل الصحيح فأغامر في تقديمها بأشكال وأساليب أخرى لربما تلقى صداها في قلبه بنية خالصة لله تعالى وأكون سببا في صلاحه وعودته للصواب من مبدأ «الدين النصيحة» .. وأقول: لا أحد معذور من تقديم النصيحة بالطريقة المفيدة التي يستطيع تقديمها للمنصوح.

ويقول يوسف بن سالم الحميدي: حقيقة النصيحة مهمة جدا في حياتنا العامة والخاصة فالنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا لِمَنْ؟، قال: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ومن هذا المنطلق فإن النصيحة واجبة على كل إنسان يرى المخطئ، ويقدم له النصيحة بأسلوب راق، وهي تشمل جميع الجوانب الإيجابية. فعندما يريد الإنسان تقديم النصح لشخص ما لا بد أن يبدأ بالكلام الطيب والمريح للقلب بعيدا عن العصبية والعنف وألا يطيل النصح معه، وأن ينصح بعيدا عن الأمر والنهي ولا يقول له: افعل كذا ولا تفعل كذا ولكن بأسلوب راق، فمثلا يقول له: ما رأيك أن نفعل كذا وكذا؟ فبهذه الطريقة هو يكسب ذلك الشخص ويعطيه الثقة شيئا فشيئا وبعد ذلك هو يأخذ برأيه دائما. أما إذا رأيت في نفسي أنني غير قادر على تقديم النصيحة فألتمس لنفسي العذر وأتريث قليل وأبدأ بالبحث عن الطرق والأساليب المناسبة لتقديم النصح وبعدها أكون قد هيأت نفسي للنصح.

أما محمود بن عبيد البطاشي فيقول: بالتأكيد إن الدين نصيحة، وقالت العرب قديما: «أخوك من صدقك النصيحة»، «والنصيحة في رأيي الشخصي هي واجبة إذا لزمت، ولكن أسلوب وطريقة تقديم النصيحة مهمة أيضاً؛ فهي تلعب دورا كبيرا في مدى تقبل الآخر وفهمه للنصيحة، وكذلك تخير المكان والزمان المناسب، بحيث لا تفضح ولا توبخ ولا تَجهر بالنصيحة، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بتقديم النصح، فالنصيحة في الغالب تكون للأشخاص المقربين وذوي المعرفة بك، لأنه دائما عندما يكون الشخص ذا معرفة بك وبشخصك وبـثقته برجاحة عقلك يكون تقبله أكثر وأكبر، أما الآخرون فيعتمد إذا توفرت الفرصة والمكان والزمان المناسبين للنصح. وكذلك يعتمد على الوعي والإدراك من النــاصح فهو مهم، وبالتأكيد إذا لم يكن بإمكاني تقديم النصيحة، فأفضل أن أترك المجال لمن هو أجدر مني في تقديمها.

وليد القري: تكون بالحكمة والموعظة الحسنة -

كما توجهنا ببعض الأسئلة حول هذا الموضوع لمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية لنستطلع حيالها وجهة النظر الشرعية فكان لقاؤنا مع الشيخ وليد بن سليمان القري أمين فتوى بمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية لنسأله بداية عما يعنيه الحديث الشريف «الدين النصيحة»، وهل يكون ذلك في أمور الدين فحسب فيقول: حديث الدين النصيحة جاء عن طريق تميم بن أوس الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة ثلاثا، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وهذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وجاء من طرق أخرى أيضا، ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بأن الدين بأركان الإسلام وأركان الإيمان ودرجاته التي تمتد من التقوى إلى الإحسان كلها يخبر عنها بأنها هي النصيحة، كما أخبر في حديث آخر بأن الدين المعاملة، وهذا فيه إشارة إلى المكانة العالية والأهمية القصوى للنصيحة للحفاظ على الدين.

وأشار إلى أن النصيحة من حيث أصلها اللغوي تعني «الخلوص» يقال: نصحت العسل، إذا خلصته من الشمع، ففيها معنى الإخلاص والخلاص من الشوائب فتكون صافية نقية طاهرة من شوائب النفس وأدران القلب، ومن الأنواع الأخرى التي قد تكون من آفات النفس وأمراض القلوب. وقال بعض العلماء: إن النصيحة يعبر بها عن جملة، وهي إرادة الخير للمنصوح له، وقال بعضهم: النصيحة كلمة جامع تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا.

وأضاف: وأقول: إن النصيحة ليست فقط للغير، فالنصيحة تبدأ بنفس هذا الإنسان، حيث يجب أن ينصح الإنسان نفسه ثم ينصح غيره كذلك، فالنصيحة واجب لنفس هذا الإنسان ولغيره.. مبينا أنها واجبة لنفسه لأن الإنسان مأمور أن ينقذ نفسه من الهلاك في هذه الحياة الدنيا وينقذها من الهلاك في الآخرة، لقوله تعالى: (ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، ولقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، كما أنه أيضا مأمور بأن ينقذ أخاه المسلم كذلك بأن يمد له يد العون، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فالإنسان يحب لنفسه النجاة والسلامة والعافية في الدنيا والآخرة، وكذلك أيضا المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه من النجاة والسلامة في الدنيا والآخرة.

وأوضح أن أصل النصيحة من حيث الجانب اللغوي قائم على الخلوص من الشوائب فهذا يعني أن النصيحة سواء كانت للنفس أو للغير لابد أن تكون محفوفة بالإخلاص لله عز وجل، وبعيدة عن حظوظ النفس وحظوظ الدنيا، فلابد أن يتوجه الإنسان بالنصح أو لغيره كذلك بنية الإخلاص لله، وإن هذا العمل واجب افترضه الله تعالى عليه ويرجو به الأجر عند الله، فهو يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

وأكد القري قائلا: بما أن النصيحة دعوة سواء كانت للنفس أو للغير، بمعنى دعوة للنفس لطاعة الله وامتثال أمره وعمارة هذا الكون، فهو دعوة للغير أيضا بنفس هذا الأمر استجابة لأمر الله عز وجل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، مؤكدا: إذا كان الأمر كذلك فالنصيحة داخلة في الدعوة إلى الله عز وجل، وهي من واجبات القيام بهذا الأمر فان الدعوة لا بد أن تكون مبنية على أسس وقواعد كما بيّن ذلك الله سبحانه في قوله: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فلا بد أن تحاط النصيحة بعد أن تكون خالصة لله عز وجل بالحكمة، فرب ناصح يرجو من نصيحته الخير يعود ذلك النصح على نفسه وعلى غيره بالشر؛ لأنه لم يحط هذه النصيحة بالحكمة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، إذن فلا بد أن يكون الناصح حكيما عارفا بالأمر الذي ينصح به، سواء لنفسه أو لغيره، فتختلف نصيحة الأب لأبنه، ونصيحة الابن لوالديه، ونصيحة الجار لجاره، ونصيحة الصغير للكبير، فيروى عن الحسن والحسين أنهما قد رأيا رجلا كبيرا في السن يتوضأ فلا يحسن الوضوء فأرادا أن ينصحاه، فطلبا منه أن ينظر في وضوئهما أيهما وضوؤه أفضل وأصح من وضوء الآخر، فبعدما توضيا أمامه وأحسنا الوضوء فهم ذلك الرجل هذا الأسلوب الراقي الذي استخدماه في النصح له، وإرادة الخير له، وفهم المراد، فشكر لهما جميعا ذلك، حيث فهم أنهما يريدان تعليمه أمر الوضوء دون أن يمس ذلك باحترامه وتقديره وكبر سنه؛ لذلك قبله بنفس راضية وقلب مطمئن ولسان شاكر لهما ذلك الأمر، مشيرا إلى أنه لو جاء إليه بطريق آخر لا يحاط بالحكمة لكان الأمر بخلاف ذلك.

وحول ما إذا كانت هناك شروط معينة لا بد أن تتوفر في مقدم النصيحة وهل يشترط في النصيحة زمان أو مكان معيّن أوضح قائلا: الناصح لابد أن يتحرى معرفته بما ينصح به، وأن يكون هذا الأمر الذي ينصح به قائما على العلم والمعرفة، وأن يكون ذلك النصح محاطا بالحكمة، ثم يكون بعد ذلك الأسلوب الذي تقدم به هذه النصيحة، أي تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، مشيرا إلى أن الموعظة الحسنة لا بد أن يصاحبها اللين في الكلام وخفض الجناح وتحيّن الفرص المناسبة من الزمان والمكان، كما قيل: «رب حق حضر أهله ولم يحضر وقته، ورب حق حضر وقته ولم يحضر أهله»، فعلى الناصح أن يتحين الزمان المناسب والمكان المناسب والطريقة المناسبة، وأن يقدم هذه النصيحة في ثوب من اللين والشفقة.. (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، هكذا وصف الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم لذلك تقبلته القلوب، وتعلقت به النفوس حبا وإكراما وإجلالا لمقامه ولتلك الأخلاق السامية العالية التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم وهي أخلاق القرآن، فهكذا يجب أن تقدم النصيحة، ولا تكون دائما النصيحة مباشرة افعل كذا أو لا تفعل كذا، وإنما يختار لها الأنسب والأمثل والأنجع والأصلح في ذلك الوقت، وربما يختار الناصح شخصا آخر مكانه ليقوم بعملية النصح للمنصوح له، لما يراه من تقبل ذلك الشخص للشخص الآخر وهكذا، فلا بد أن تكون النصيحة محفوفة بما تحف به الدعوة لأنها ركن ركين من أركان الدعوة إلى الله تعالى والحفاظ على هذا الدين.