tunis
tunis
أعمدة

تواصل: ثم لا تعود أنت أبداً !!

18 سبتمبر 2018
18 سبتمبر 2018

تونس المحروقية -

hlaa202020 @ -

المشهد الأول :

تصله رسالة خاصة في حسابه في «انستجرام» من حساب يظهر في واجهته صورة لفتاة جميلة تبدأ حديثها معه بالقول : أنا أتابع حسابك منذ فترة وأشعر أنك لطيف جداً وأنيق أيضاً، هل تقبل صداقتي ؟ يدفعه بعض الغرور الـذي تولد من تعبيراتها التي تدفقت عنه في الرغبة في مواصلة الحديث مع هـذه الجميلة التي اختارته من بين الجميع لتركز في متابعته بل وتتخلى عن حيائها وتطلب صداقته ، يبدآن في الحديث لأيام عبر الرسائل الخاصة في «انستجرام» ثم ينتقلان للواتس أب بتطور علاقتهما ثم للمكالمات المرئية التي يتحرران فيها من كل الحدود والقيود ويخلع معها رداء الدين والأخلاق بـذريعة أن علاقتهما لن تتجاوز حدود الإنترنت والعالم الافتراضي وأنها نزوة عابرة لن يعرف عنها أحد ، يقنع نفسه بذلك حتى تصله منها رسالة: أدفع مبلغاً وقدره » ..» أو سأقوم بنشر الفيديوهات التي تم تصويرها للقاءاتنا عبر فضاء الإنترنت .

إذاً هي لم تكن معجبة به كما صور له غروره بل صائدة محترفة في شبكة نصب متخصصة في اصطياد الشباب والتغرير بهم للحصول على ما تحويه حساباتهم في البنوك .

المشهد الثاني :

تعرفت عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ثم تطور تواصلهما حتى أخبرها أنه قد قرر أن يتزوجها لأنه لم يعد يتخيل حياته من دونها ، طارت فرحاً بالأمر وشعرت بالأمان معه فهو من سيكون شريك الحياة في المستقبل ، طلب منها أن ترسل له صورة لها من النوعية التي لا تضعها في وسائل التواصل الاجتماعي وبدأت ترسل له صورها حتى كان يوم أن ذهبت لحفل زفاف إحدى قريباتها وطلب منها أن ترسل صورتها بكامل زينتها التي ستحضر بها الحفل فعارضت لأنها زينتها تلك لا تشتمل على غطاء رأسها «الحجاب» ، فاتهمها أنه لا تثق به وخاصمها عدة أيام حتى أرسلت له ما أراد فتغزل بها طويلاً ثم راق لها إرسال العديد من الصور لها بنفس الهيئة حتى جاء يوم أن كشف عن وجهه الحقيقي وقال لها : إما أن تأتين معي لشقتي التي استأجرتها لنسهر سهرة بريئة أو أرسل الصور لأسرتك !

المشهد الثالث :

تصله رسالة عبر بريده الإلكتروني تخبره أنه قد تم اختراق هاتفه وجميع ما يتعلق به من تطبيقات تواصل اجتماعي وتم تشغيل الكاميرا الأمامية لهاتفه دون أن يشعر وتم التقاط صور له في أوضاع غير لائقة ولن يسعده الاطلاع عليها ، يخبره أيضاً مرسل ذلك البريد أنه اكتشف رداءة ذوقه في النساء اللاتي يحادثهن ثم ينهي ذلك بقوله : لديك يومان منذ توقيت وصول الرسالة له فإما أن تدفع مبلغاً - حدده في الرسالة - وإما أن أنشر ما صورته من مقاطع وما حصلت عليه من معلومات مريبة من قائمة التطبيقات في هاتفك لقائمة أصدقائك الذين تم الحصول على معلوماتهم من تلك التطبيقات.

قصص كثيرة مرعبة تتداول عن حوادث الابتزاز الالكتروني والتي تستهدف ضحاياها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق إيهام الضحية بالكثير من الحب والاهتمام والرعاية في البداية ليعتقد أنه محور الكون وأن هناك من يهتم به دون غيره وأن كلماته التي يكتبها أو صوره التي ينشرها في وسائل التواصل الاجتماعي قد أتت ثمارها في لفت انتباه الكثيرين ممن يودون التقرب إليه، فيشعر بداية بالنشوة ثم يعتاد الاهتمام حتى يتعلق به ثم يخطئ فيستغل المبتز ذلك في السيطرة عليه والبدء في إملاء الطلبات التي تتمثل أبرزها في الحصول على المال الذي لن يتوقف طلبه مهما دفع أو الاستغلال الجنسي .

في هـذه المنصات يتنوع المستخدمون ليشملوا مختلف شرائح المجتمع التي قد يكون منها الواعي ومنهم من هو دون ذلك لـذا تأتي أهمية التوعية الإعلامية والمجتمعية المتمثلة في مواصلة تقديم الإرشاد في كيفية التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي وتجنب الدخول في تعاملات تقود لابتزاز الكتروني وأيضاً تعريف الضحايا بما يمكن فعله في حال التعرض للابتزاز الإلكتروني والمؤسسات الحكومية التي قد تساعدهم في تقليل حجم الضرر.

وهنا تأتي أهمية التوعية المؤسسية في هـذا الأمر ويحسب للمؤسسات في السلطنة اهتمامها بهـذا الجانب وتنظيم العديد من الحملات التوعوية للحد من تنامي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني من أبرز تلك الحملات التوعوية التي تمت في هـذا الجانب الحملة الوطنية التي جاءت بعنوان « بلغ وسرك في بئر» التي نفذتها هيئة تقنية المعلومات بالتعاون مع العديد من المؤسسات الأمنية والتي دعت فيها ضحايا الابتزاز الإلكتروني إلى اللجوء للمؤسسات المعنية للمساعدة وعدم الاستجابة لطلبات المبتز الذي لن يتوقف عن طلب المزيد مهما قدمت له من مطالب فالمبتز يتعامل مع الضحية وكأنها مغارة علي بابا التي انفتحت بكنوزها وسيواصل الغرف منها حتى يحيلها فارغة تماماً بل وربما مهجورة!

كل هـذه الجهود وحدها دون وجود الوعي الذاتي الذي يحدد للفرد منا تعاملاته في مختلف مناحي الحياة ومنها منصات التواصل الاجتماعي لن يجدي نفعاً ، فتلك المنصات وجدت من أجل أهداف كثيرة يمكن أن يحددها كل فرد لنفسه بما يضمن له الاستفادة من تلك المنصات بما يعود عليه بالنفع والخير ، حتى لا يجد نفسه لسوء استخدامه لهذه المنصات تحت رحمة مبتز يهدده بفيديو أو صور فينغص عليه حياته ويوقف تنفسه من الخوف ويجعله رهين قلقه وقد يدفعه للانتحار لعدم القدرة على مواجهة المجتمع فهو لن يكون بعد نشر تلك الفضائح في نظرهم ذلك المتزن الناضج الذي كان !!