980828
980828
مرايا

قبل آلاف السنين - نقوش فرعونية تكشف ممارسة المصريين القدماء للرياضات المعاصرة

19 سبتمبر 2018
19 سبتمبر 2018

كثيرة هي الجداريات واللوحات والرسوم والنقوش، الموجودة داخل معابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة، وهي التي توثق لنا كيف كان قدماء المصريين شعباً مولعاً بالقوة والرشاقة وخفة الحركة، وحتى أولئك النحاتين الذين أقاموا التماثيل بالمعابد الفرعونية، حرصوا على أن تكون بخواصر نحيفة ومناكب عريضة، وبحسب علماء المصريات، فقد وجد نبلاء الفراعنة، متعة في مشاهدة الرياضة والاشتراك فيها، واعتبروها «طقوسا حقيقية لضمان النشاط والقوة».

وتصور الرسوم والنقوش التي على مقابر قدماء المصريين النبلاء في مدينة منف، وهم يتابعون مباريات قذف الرمح والمصارعة.

وبحسب ما جاء بتقرير وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) فإن هناك صورا على جدران مقابر بني حسن في المنيا، توثق لنا تفاصيل مباريات المصارعة بشكل رائع، حسب قوانين اللعبة تعد أول دليل على إقامة مباريات دولية بين لاعبين من دول عدة في مسابقة واحدة، ففي الصور تجد مصارعا أحمر وآخر أسود، في إشارة إلى تعدد جنسياتهم.

وصورت جدران المقابر مباراة في التحطيب بين جنود مصريين وأجانب، وفوق رؤسهم وذقونهم خوذات صنعت من الجلد، وهم يتبارون في البلاط الملكي أمام الملك، وانتهت المباراة بانتصار الجنود المصريين، بفضل تشجيع الملك لهم.

وبحسب كتب المصريات وما تركه الفراعنة من سجلات وصور على جدران المعابد والمقابر، فإنه كان من المهم أن يكون الملك «مصارعا جبارا يمتلك ذراعين قويتين وخطوات واسعة»، وأن يكون الملك «مدرب خيول وراكب عربات ماهرا ونبالا قويا ومجدفا بارعا».

وعرفت مصر الفرعونية الكثير من الألعاب الرياضية التي اكتسبت شعبية واسعة، بين قدماء المصريين، وكانت هناك ألعاب للنساء والفتيات بجانب ألعاب الرجال والفتيان.

ومن المثير أن قدماء المصريين، كانوا أول شعب عرف وابتكر كرة القدم، قبيل آلاف السنين، لكنها كانت لعبة تلعبها الفتيات، وليس الفتيان.

التحطيب:

ومن أهم الألعاب التي عرفها قدماء المصريين لعبة العصا أو التحطيب التي تمارس بين المصريين حتى اليوم، وهى لعبة قتالية تحولت إلى استعراضية، وقد صور الفراعنة هذه اللعبة على جدران معابدهم، وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود، ويختلف نسبيا شكل وخطوات اللعب الآن عما سبق، كما أن العصا المستخدمة في اللعب في عصور الفراعنة التي وجدت نقوش لها على جدران معابد الأقصر تتكون غالبا من نبات البردي المعجون الذي لا يؤذي الخصم أو المنافس أو يؤدي إلى الموت كما يحدث الآن، ولرياضة التحطيب ارتباط وثيق برياضة الفروسية على وجه التحديد؛ إذ تقوم على التقاء فارس بفارس مما يجعلها تقترب أيضا في مظهرها العام من عوالم المنافسات الرياضية، إذ تمثل الرياضة مصدرا أول لعناصر هذه القصة وعاملا فاعلا في طريق نشأتها ويحتاج الراقص أو لاعب العصا إلى قوة الرد وسرعة المبادرة.

وداخل حلقة التحطيب تجد المكر والمغامرة والعزة والخداع والبطولة في آن واحد. وبالرغم من أن التحطيب هي رقصة تروح عن النفس وتبهج الروح، إلا أنها تؤدي إلى الموت، فقد يفاجأ اللاعب بضربة عصا من منافسه في أي جزء من جسده.

كرة القدم ابتكار مصري:

يقول أثريون وعلماء مصريات إن المصريين القدماء عرفوا الرياضات المختلفة ولعبة كرة القدم منذ آلاف السنين وإن النساء والفتيات الفرعونيات كن يلعبن الكرة في الحريم بمهارة ورشاقة ليشغلن سيدهن الفرعون قبل خمسة آلاف عام.

وبحسب عالم المصريات الدكتور أحمد صالح عبدالله، فقد عثر على بقايا كرات قدم، محفوظة الآن في القاعة 34 بالمتحف المصري، وكانت مصنوعة من ألياف النخيل أو القش، ويخيط فوقها الجلد، ومن خلال المناظر نجد أن الفتيات هن من كن يلعبن بالكرة وليس الفتيان، وفي مقبرتين ببني حسن نجد رسوما ومناظر تصور طرقاً مختلفة للعب كرة القدم، ويصور أحد المناظر، خمس فتيات يلعبن الكرة وفتاة سادسة تحاورهن، وتحاول أن تفاجئ إحدى الفتيات بإلقاء الكرة لها، وإذا فشلت تأخذ دور المحاورة بالكرة، ومنظر آخر يصور فتاتين تعلوان ظهري فتاتين أخريين ويتقاذفان الكرة وهن فوق ظهري زميلاتهن، ومنظر ثالث يصور إحدى الفتيات وهي تلعب بثلاث كرات وتتلقاها بيديها مبسوطتين، وصورة أخرى تلعب بثلاث كرات ويداها متقاطعتان على الصدر.

ونظم قدماء المصريين كذلك نوعا مبكرا من الألعاب الأوليمبية؛ فيها منافسات ألعاب الهوكي وكرة اليد والجمباز وألعاب القوى - الجري للمسافات الطويلة والقفز العالي - وحمل الأثقال وسباق الخيل والسباحة والتجديف والرماية «للقوس والرمح»، وشد الحبل.

أما الكبار فقد اهتموا بالرياضة، ولكنهم كانوا يفضلون الجلوس في الظل أو على الطريق يمارسون ألعابهم التي تعتمد على البراعة والحظ مثل لعبة «الأفعى» ولعبة «الإوزة» ولعبة «الكلب ابن آوى»، والزينت الشبيهة بالنارد وكانوا يلعبون فوق لوحة مقسمة إلى ثلاثين مربعا.

ويقول عالم المصريات الدكتور أحمد صالح عبدالله: إن مصر كانت صاحبة السبق في مجال الرياضة منذ أزمنة بعيدة، كما عرف المصريون القدماء الرياضة بكل أنواعها، وكانوا مبدعين في وضع القوانين المنظمة لكل لعبة؛ حيث عرف المصريون القدماء لعبة المصارعة منذ القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، ويوجد في مقبرة الوزير بتاح حتب من الأسرة الخامسة أقدم منظر للمصارعة، وفي هذا المنظر 12 مصارعا يبدو أنهم صبية من خلال خصلة الشعر الجانبية، وهذا يدل على أن المصريين القدماء عرفوا المصارعة قبل أي شعب على الكرة الأرضية.

وتوجد مناظر المصارعة التي مارسها الفراعنة، في مقابر الدولة الوسطى في أسوان وغرب الأقصر، ودير البرشا وبني حسن في المنيا.

كما صورت مشاهد ممارسة الرياضة في مصر القديمة، في مقابر الدولة الحديثة بمقبرة مري- رع التاني، بتل العمارنة، والمقبرة رقم 19 بجبانة طيبة في غرب الأقصر، وفي معبد الرامسيوم ومعابد مدينة هابو.

أما كتب المصريات، والأبحاث التي توثق نتائج الحفريات في مناطق أثرية عدة بمصر، وهي التي وضعها الأثريون وعلماء المصريات، بمصر، وبلدان أوروبية عدة مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، فتحوي الكثير من التفاصيل الدقيقة حول معرفة قدماء المصريين بالكثير من الألعاب الرياضية التي يمارسها العالم حتى اليوم.