saif-al-f
saif-al-f
أعمدة

لقاء الأسبوع :هجرة وعظة.. فلا حزن

13 سبتمبر 2018
13 سبتمبر 2018

سيف بن سالم الفضيلي -

لم تكن الهجرة النبوية الشريفة من بيئة الضيق الى سعة الأفق إلا دليلاً من الأدلة الجازمة بأن الله سبحانه وتعالى جعل من الأسباب ما يفرّج عن المؤمن الكرب والمحن والشدائد؛ وما على المؤمن حينما يرى من المشقة والعنت في بيئته المحيطة به إلا أن يهجر تلك البيئة الظالمة المحبطة المثبطة القاهرة الى بيئة يمكنه أن ينطلق منها نحو آفاق العطاء والمثابرة والجد والاجتهاد وتحقيق الأمنيات المعينة على الخير والصلاح دونما تعكير أو كدر..

إن الهجرة النبوية وما صاحبها من تخطيط سليم وتدبير حكيم وتسديد من الوهّاب الحكيم أخذ فيه النبي بالأسباب ليتخطى كافة الحواجز المعرقلة لهجرته والنيل منه صلى الله عليه وسلم، وهو ما كان مخططا من قبل المشركين بمكة المكرمة في ذلك الوقت ليطفؤوا نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»..

لقد انتقل النبي الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين عبر محطات عدة أراد الله تعالى منها أن تتربى الأمة على أخذ الحيطة والحذر في مختلف شؤون حياتها وان تخطط لها التخطيط المتقن الذي يؤدي الى نتيجة مسددة وموفقة.. فخلصه الله تعالى من كل المكائد التي كيدت له صلى الله عليه وسلم..

لا شك ان وصول النبي عليه الصلاة والسلام الى المدينة المنورة بعد تلك الرحلة الشاقة بداية لانطلاق النور المحمدي الى آفاق الكون الفسيح فعمّ الخير واستقامت الحياة..

علينا أن لا نهمل في حياتنا التخطيط السليم مع التوكل على الله حق التوكل في كل أمورنا وأن لا نتسرع في تحقيق ما نرنو اليه عبر أقصر السبل التي تبعدنا عن التوكل على الله وتتهدم تلك الأماني في لحظة كنا نعتبرها حاسمة.. ولنعلم ان الله تعالى معنا وهذا ما ثبّت به النبي العظيم صاحبه أبوبكر الصديق حينما حكى القرآن الكريم على لسانه «إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»..

اللهم اجعل حياتنا مستقيمة في رضاك نتوكل فيها عليك .. ونسألك تسخير الأسباب لخدمتنا لما فيه خيرنا وصلاحنا في الدين والدنيا والآخرة.. انك سميع مجيب..