assem
assem
أعمدة

نوافذ: أفسحوا الطريق لتعدد الآراء

08 سبتمبر 2018
08 سبتمبر 2018

عاصـم الشـيدي -

[email protected] -

مضى عام ونصف منذ كتبت آخر مقال في هذه الزاوية «نوافذ» بعد قرابة تسع سنوات من الالتزام الأسبوعي بعمود تناول الشأن المحلي في مختلف الاتجاهات. وكنت أعتقد أن هذا التوقف، رغم اختلاف أسبابه، مدة كافية لمراجعة سؤال جوهري «لماذا نكتب؟ وبأي أسلوب نكتب؟ ولمن نكتب؟ ولكن بعد عام ونصف أستطيع القول إن مثل هذه الأسئلة لا يتوقف معها القارئ كثيرا، قد يفقد البعض «وهم قلة» مقالك ويسألون عنه وعنك ولكن لا يهم الكثيرون أنك توقفت من أجل أن تراجع أسئلة جوهرية تؤرقك في منظورك الشخصي، ما يهم الأغلبية أن يقرأوا عن قضايا المجتمع التي يعيشونها يوميا، يقرأوا لمن يستطيع أن يوصلها للمعنيين عبر منبر يفترض أن يكون متابعا ونزيها، وعبر معالجة ومقاربة صحيحة.. وهذه الحقيقة وحدها التي باستطاعتها أن تشكل، مع الوقت، علاقة قوية بين الكاتب الصحفي والقارئ وتصنع ثقة دائمة إن كان ثمة مثل هذه الثقة في الحياة.

بعد عام ونصف لا يبدو المشهد قد تغير كثيرا، رغم أن تطلعات القراء كبرت، ووعيهم بحقيقة ما يكتب زاد كثيرا خاصة في ظل الكثير من غثاء وسائل التواصل الاجتماعي الذي من شأنه مع الوقت أن يصنع وعيا فوضويا مدمرا خاصة إذا لم يواجه بخطاب صحفي واعٍ ومتزن بمساحة حرية عالية.

بعد عام ونصف أستطيع القول إن الكثير قد فاتني مما كان يمكن الكتابة حوله. ثمة قضايا محلية كثيرة وأخرى عربية نتأثر بها كان يمكن أن أكون قد كتبت عنها وأتأملها اليوم وأنا أجلس أمام أرشيف المقالات. العالم يشهد الكثير من التغيرات على مختلف المستويات والكتابة الحقيقية هي التي تستطيع رصد كل ذلك أو بعضه على الأقل وتقديم مقاربة للقارئ حوله ومحاولة تقديم حلول لا نقول إنها ناجحة بالمطلق ولكن تتوسل النجاح على أقل تقدير. كان يمكن أن أكون في ذلك المشهد فيما لو لم أتوقف تحت دعوى المراجعة وبعذر أسئلة الكتابة الجوهرية.

اليوم أعود للكتابة من جديد على أمل أنني تجاوزت تلك الأسئلة وعلى أمل أن يكون صناع القرار قد تجاوزوا أيضا فكرة أن الكتابة، غالبا، قد تخدش مسيرة خططهم، أو أن تعدد الآراء ليس ظاهرة صحية أو في الحقيقة ضرورية، وأن علينا، معشر الكتاب، أن لا نخرج بالكتابة عما يمجد ما يريده صانع القرار.. على أمل أن تكون تلك الأفكار قد تغيرت لصالح فكرة أن اختلاف الآراء يمكن أن تفتح لهم آفاقا مختلفة أو يمكن اعتبارها مجرد رأي من شخص من حقه، وفق القانون، أن يعبر عما في داخله. وما دامت آراء فمن حق الكاتب أن يكتبها وإن جانبها الصواب يرد عليها برأي. في المجمل، وفق أعراف الصحافة، لا يوجد رأي كاذب ولكن هناك أخبار كاذبة. وإذا اتفقنا على هذه القاعدة فعلى قلوبنا أن تتسع لتعدد الآراء.