--------------
--------------
المنوعات

غسان الشهابي يناقش الصحافة الالكترونية في النادي الثقافي ويدعو «للإعلام المندمج»

05 سبتمبر 2018
05 سبتمبر 2018

أكد أن مستقبل الصحافة الورقية مجهول.. والانفاق على الإعلان في انحدار كبير -

كتبت: خلود الفزارية -

أقام النادي الثقافي مساء أمس الأول محاضرة بعنوان «الإعلام الالكتروني ومستقبل الصحافة الورقية» قدمها الإعلامي البحريني غسان الشهابي، وأدار الأمسية المكرم حاتم الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، بحضور معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وعدد من المهتمين بالمشهد الإعلامي.

وابتدأت الأمسية بكلمة للمكرم حاتم الطائي حول تعددية الإعلام وأهميته، والتطورات التي لحقته، ثم تطرق إلى نبذة موجزة عن السيرة الذاتية لضيف الأمسية.

وتناول الشهابي تجربته التي تصل إلى 30 عاماً في الصحافة، تطرق من خلالها إلى أهم التحديات التي تواجه الصحافة الورقية على المستوى الإقليمي، وعرض التجارب العالمية في هذا الصدد، وتأثير الإنترنت والإعلام الاجتماعي حالياً على الصحافة بشكل عام، والصحافة الورقية بشكل خاص، كما تطرق إلى العديد من التجارب والشهادات الحيّة لمتخذي القرار في الصحف اليومية في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال رؤيتهم لمستقبل الصناعة التي يقومون عليها.

وأشار الشهابي أن التحديات التي واجهت الصحافة الورقية تنقسم إلى التحديات الاقتصادية، وتحدي وسائل الإعلام الجديدة في القرن العشرين، والتحدي الأهم الذي جاء على دفعتين وهي الإنترنت وتفعيل قنوات التواصل الاجتماعي، مستشهدا بمقولة لريتشارد ديفيد رئيس شركة InfiNet: «لا أعتقد أنّه سبق لدُور النَّشر أنْ واجهت، أو ستواجه في المستقبل، فرصاً للرِّبح كهذه التي أمامنا اليوم، وفي نفس الوقت، فإنني لا أعتقد بأنّه سبق لها أنْ واجهت، أو ستواجه في المستقبل، خطراً يهدِّد وجودها كهذا الذي تواجهه اليوم»، مبينا أنه يعني التحدي الأكبر وهو الإعلام الإلكتروني.

ويرى الشهابي أنه ومع الثورة الكبيرة للإعلام الإلكتروني فإن مستقبل الصحافة الورقية يبقى مجهولا ولا يمكن أن نتوقع ما سيؤول إليه، ولكن هناك بعض الاحتمالات التي طرحها عدد من الإعلاميين وهي إما بمسايرة الصحافة المطبوعة للصحافة الإلكترونية، بحيث تكون فيه الغَلَبَة للصّحافة المطبوعة، وخصوصاً في بعض الدول التي تنتشر فيها الأمِّية الرّقمية، والفقر، بحيث يكون شراء الصّحيفة المطبوعة أسهل وأرخص ثمناً، أو بأن تتماشى الصَّحيفتان معاً (المطبوعة والإلكترونية)، مع استفادة الأولى من الثانية في التحرير، والتوزيع، والانتشار، والاتصال بالمعلومات، وغيرها، أو ربما تتراجع الصحافة المطبوعة بشكل كبير، ويزداد الاعتماد على الصحافة الإلكترونية، نظراً لانتشار التكنولوجيا بشتّى أنواعها في تلك الدول.

وقدم الشهابي مخططا لتوزيع الصُّحف المطبوعة في العالم ما بين العامين 2012 و2016، و عدد النّسخ الورقية الموزّعة في الولايات المتحدة 1940 – 2016، بالإضافة إلى تطور النفاذ إلى الإنترنت في السلطنة، موضحا أن الصحف المطبوعة تراجعت في سائر العالم ما عدا قارة آسيا، ومؤكدا أن استخدام السلطنة للإنترنت قفز قفزة كبيرة منذ بداية ظهوره وحتى العام الفائت، أي أن التوجه العالمي والمحلي بات إلكترونيا بشكل أكبر.

بعدها تطرق المحاضر إلى آراء الإعلاميين الخليجيين، مستشهدا بمقولة المدير السابق لاتّحاد الصحافة الخليجية: «إنّ الصحافة الورقية تعيش أزمة حقيقية بعد الأزمة المالية العالمية، حيث باتت مهدَّدَة بين ناري الصّحافة الإلكترونية المنافِسة، والفشل في القدرة على الصمود والاستمرار».

وجاء ذلك في اجتماع سابق تم عقده لمناقشة أزمة غزو الإعلام الإلكتروني والمخاوف على مستقبل الإعلام الورقي، ضمن أعمال ندوة «انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الصحافة الخليجية» في عام 2009، وكان من ضمن المناقشات التي تمت خلالها مرور الصُّحف المطبوعة في الدُّول العربيّـة بأزمة ماليّـة مضاعَفة خلال السّنوات العشر المقبلة (أي حتى 2019 على الأقل)، فضلاً عن خسارة أكثر من %50 من القرّاء، وعزوف المعلنين الذين سيفضِّلون الإعلان عبر الإنترنت والهواتف النقّالة، حيث قد تبلغ عائدات الإعلام الرَّقمي عالمياً 50 مليار دولار في عام 2020.

وناقش الشهابي أحد ملفات مجلة «الفيصل» في أغسطس 2017 التي تناولت أهـمِّـيّـة الصّحافة المطبوعة، وطبيعة الإدارة وإدراك المتغيّرات، والإدارة المالية للمؤسسات الصحافية، بالإضافة إلى عوائد الإعلانات والاشتراكات، كما تطرق إلى أوضاع الصحافة الورقية في البحرين حيث أشار إلى أن أكبر الصحف لا تزيد نسخها المطبوعة عن 7 آلاف يومياً، وأن المبيعات ما بين 50% -60% من المطبوع، فضلا عن تراجع في منافذ البيع من 500 إلى أعلى قليلاً من 300، وغياب حملات الاشتراكات منذ أكثر من 5 سنوات لعدم الجدوى، ضمن سياسة الترشيد تبعاً لانخفاض أسعار النفط، وتراجع الاشتراكات الرسمية والعامة، مع اتساع جيل الشباب وتوجههم إلى تطبيقات وأدوات جديدة في المشهد العام.

وبين الشهابي أن الإنفاق الإعلاني في المنطقة تراجع كثيراً مع تراجع أسعار النفط بعد أن وصل إلى 15 مليار دولار سنوياً في 2015، إضافة إلى انسحاب شريحة كبيرة من الشباب من الاعتماد على الصُّحف المطبوعة وحتى المنشورة في المواقع الإلكترونية، إلى الاعتماد على الإعلام الاجتماعي، مع انخفاض الإنفاق الإعلاني في جانب المطبوعات في السنوات العشر الماضية بنسبة تتراوح ما بين 30% إلى 35% كل ذلك أدى إلى تراجع الإعلام المطبوع وتجاهله، والاتجاه إلى الإعلام الإلكتروني.

وفي محاولة لإيجاد حل لإنعاش الإعلام المطبوع أو البقاء به أشار الشهابي إلى مصطلح فريد يجب أن يؤخذ على محمل الجد وهو «الإعلام المندمج» حيث أكد بأن نظرية «الإعلام المندمج»، تقوم على إدماج الوسائط في نقطة واحدة وسيطة نظراً لظهور تكنولوجيات الاتصالات الجديدة. وعند الحديث عن «الإعلام المندمج» عادة ما يذهب الحديث إلى عملية متكاملة من الإنتاج، والتوزيع، واستخدام وسائل الإعلام الرقمية في المستقبل لإنتاج محتويات تتعلق بتقديم الخدمات من خلال قنوات مختلفة مثل الهواتف النقالة والتلفزيون الرقمي، مبينا أن الحديث عن هذه النظرية يثار بشكل موسع، وقد كان هنري جينكينز الأكثر تأطيراً للنظرية عبر كتابه الشهير «الثقافة المندمجة: حيث يصطدم الإعلام القديم والجديد» الصادر في العام 2006، وفي رأيه لوصف النَّظرية أنها «تدفُّـق المحتوى عبر وسائل الإعلام المتعدِّدة، يشير إلى أن جمهور وسائل الإعلام في الوقت الحاضر يؤدّي دوراً حاسماً في خلق المحتوى وتوزيعه، وبالتّالي لابد من فحص الاندماج من حيث التغيّرات الاجتماعيّة، وكذلك التكنولوجيّة داخل المجتمع». كما أن فيليب ماير عبر كتابه الصَّادر في العام 2004، وعنوانه «الصَّحيفة المتلاشية يرى بإنقاذ الصّحافة في عصر المعلوماتية»، إذ يشير إلى أنَّ الرُّبع الأول من عام 2043 هو آخر عهد الجمهور بالصّحافة الورقيّة، حيث ستـتلاشى الأخبار المطبوعة في الولايات المتّحدة، فيرمي آخر قارئ منهك النُّسخة الأخيرة من الصَّحافة المطبوعة على جانب الطَّريق، وهذا رأيه الخاص.

واختتم الإعلامي البحريني غسان الشهابي ورقته بأن الإعلام الإلكتروني هو المؤثر في الوقت الراهن، وهو مختلف عن بقية وسائل الإعلام التي لم تؤثر في بعضها، إلا أنه أثر تأثيرا مباشرا في الإعلام الورقي وانتقل به إلى منصاته الإلكترونية ويبقى مستقبله مجهولا في ظل التوسع الرقمي.

وفي نهاية المحاضرة فتح باب النقاش للحضور من المتخصصين والمهتمين للمداخلة في مجالات الصحافة المطبوعة والإلكترونية، والتحديات التي تواجه العمل الإعلامي.