المنوعات

مغامرة جديرة بالقراءة وإبداع يخشى التشويه الرواية المشتركة ..

04 سبتمبر 2018
04 سبتمبر 2018

هل سهل العصر الرقمي التشاركية في كتابة رواية رفيعة المستوى السردي بين الكتاب؟

دمشـــــق: بسام جميدة -

فكرة التشاركية في الكتابة الروائية ليست جديدة، ولكنها كانت نادرة، وفي عصر انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بات الأمر أسهل بكثير، لكي يتبادل كاتبان، أو كاتب وكاتبة الآراء حول مايكتبان بكل يسر، مما يتمخض عنهما عمل متقن إلى حد ما، وينبض بذات النبض السردي المطلوب، كنتاج أدبي.

وهل يمكن أن تنجب التشاركية رواية بمواصفات جينية تحمل أدبا رفيع المستوى على غرار مانقرأه لكبار كتاب الرواية في العالم.

وكيف يرى البعض فكرة أن يتشارك كاتبان كتابة رواية واحدة، ومدى نجاح الفكرة، أو فشلها، من حيث تطابق الأسلوب السردي، أو الحبكة الفنية، وسير الأحداث وما يهم الموضوع الفني للرواية، خصوصا وأن هناك عدة تجارب سابقة في هذا المجال..؟

وهل راودت أحدهم الفكرة من قبل، ويقبل لو عرض عليه أحدهم ذلك..؟ تعالوا نتابع:

البداية كانت مع الكاتب والناقد المصري عبد الجواد خفاجي:»النمط الشعبي للأدب يقبل مصطلح «التأليف المشترك»؛ ذلك لأن الأدب الشعبي عمل جماعي مملوك للجميع، وإن كان أساسه عملا لفرد مجهول تحول مع الزمن إلى ملكية عامة يرى كل جيل نفسه مدفوعاً تحت تأثير تمايزات الذوق، وبفعل تغيرات ثقافية حضارية إلى اجتياز الرؤية السابقة؛ فيتدخل في النص بالطرح والإضافة، الأمر الذي يشكل عبر الزمن نصا مشتركا لعدة مؤلفين، رغم هذا يبدو منسجماً فنيا ورؤيويا وأسلوبيا؛ لأن الذائقة الشعبية تمارس فعلها بعفوية وانسجام، غير أن العمل الجماعي يعكس ذوقا جمعيا يخلو من الهجنة والتنافر، شأنه شأن العمل الروائي الفردي الذي يأتي من خلال ذوق فرد وأسلوبه ورؤيته.

وكيفما كان الحال فإن وجود الشيء أمر مختلف عن القبول به، فقد يحتاج القبول به في الرواية تحديداً إلى نوع من التواطؤ من قِبل المتلقي، لا لشيء إلا لأن العمل الروائي المشترك نفسه ينطوي على تواطؤ فني بين المؤلفين. ولولا هذا التواطؤ ما تم انجاز الرواية في الأساس.

فالعمل الروائي عمل فني نوعي لا يقبل المشاركة إلا على سبيل التواطؤ الذي يوهم بأن الأسلوب واحد لكلا الكاتبين وهذا مستحيل على المستوى البلاغي، فالأسلوب هو بصمة الكاتب التي يستحيل تكراراها أو تشابهها تشابها يزيل الفوارق بينها وبين بصمة أخرى، خاصة أن عوامل كثيرة متشابكة ومركبة ومعقدة تتحكم في الأسلوب الروائي.

العمل السردي الروائي ينبني من خلال سارد (راوٍ) له وضعية محددة، وقد تنبني الرواية على مجموعة متنوعة من الساردين (الرواة)، ووضعيات الساردين في الرواية تتنوع بين السارد التقليدي العليم ووضعيات أخرى غير تقليدية، والدخول إلى مشاركة في كتابة الرواية اتفاقاً مسبقاً بين الكاتبين على وضعيات الساردين.. هذا الاتفاق المسبق في حد ذاته عمل ضد الفن الذي يأبى التجهيز المسبق الذي يقف ضد تلقائية الفن وعفويته ويحوله إلى عملية آلية ميكانيكية بلا روح. العمل السردي ـ بالضرورة ـ وليد عالم سردي أثير يتميز به كاتب عن كاتب، ويميز به، يتنوع ما بين الريف والحضر والبادية، أو ما بين شرقي أوغربي أو متنوع بينهما، أو ما بين عوالم الطفولة والكهولة والشباب.

تمايزات العالم الروائي كثيرة ويستحيل تطابقها بين كاتبين على نحو أكيد، كعالم أثير أو عوالم أثيرة تفرض صيغها الحكائية والأحداث ذات الخصوصية البيئية، وطبيعة الشخوص والمستوى الحضاري وغير ذلك المستوى الوجداني الذي يجعل الروائي مشدودا لها، ويمارس ـ من خلال الارتباط بها ـ فعلا سرديا له خصوصيته، ويعكس رؤية أو رؤى خاصة.

لذلك أقول إن الكتابة الروائية المشتركة تنطوي على نوع من التواطؤ الذي يتيح لأحد الكاتبين استضافة كاتب آخر على سبيل الاستئناس لا على سبيل المشاركة الحقيقية، وقد يكون للمشاركة دوافع براجماتية غير فنية كان من نتيجتها وضع اسمين لمؤلفين على غلاف الرواية، على عكس ما يشي به المنجز الفني داخل الغلاف، إلا إذا تقاسم الكاتبان فصول الرواية بحيث ينفرد كل كاتب بعدد من الفصول، وفي هذه الحالة نحن أمام قضيبين مفترضين تسير فوقهما قاطرة واحدة مزعومة، وأساس الزعم هو استحالة الانسجام المفضي إلى توافق بين القضيبين، يسمح بمرور القاطرة دون أن تنقلب.

التواطؤ يحدث من قِبل المتلقي أيضاً عندما يقبل التنافر على أنه نوع من التجانس والانسجام، ويقبل الاختلاف على أنه نوع من الاتفاق، ولعل مثل هذا التواطؤ لن يكون بمستوى واحد عند جميع المتلقين، وقد ينتهي إلى الرفض والاحتكام إلى الذوق الذي يعي ما يتذوق جيدا، وربما لذلك فإن مثل هذه التجارب المشتركة لم يُقيض لها النجاح، أو الذيوع».

مغامرة كبيرة

أما الباحث في السرد خالد المعمري فتحدث في جوهر القضية قائلا: «هي بالفعل مغامرة كبيرة. في الكتابة السردية يختلف أسلوب الكتابة من كاتب إلى آخر، وإن تشابه كاتبان في الأسلوب هذا يجعلنا نتساءل إلى أي مدى يمكن التقارب في العملية السردية بينهما؟ وإذا قسنا الموضوع على صعيد الكتابة للمؤلف فأحيانا نجد الكاتب نفسه يتفاوت فنيا من رواية لأخرى، وفي نفس الرواية تخفت أحيانا مهارة من فصل لآخر، فكيف يتقارب مؤلفان في صياغة نصهما الفني تحت مظلة واحدة؟ هذا تساؤل أطرحه دون أحكم بفشل أصحاب هذه الفكرة، فربما أستطاع كاتبان تذويب الفارق الفني بينهما وأوجدا نصا روائيا عميقا في فكرته، قويا في بنائه».

ويتابع المعمري «عموما لا يمكنني الحكم بنجاح أو فشل هذا العمل إلا بعد القراءة له، في النهاية هو نص فني يخضع لأحكام فنية بعيدا عن المؤلف، فيمكن النظر إلى الرواية من زاوية نقدية فنية خالصة وبعد ذلك نستطيع إلى أي مدى استطاع المؤلفان النجاح في عملهم.

وسألت المعمري، لو وقعت بيديك رواية كتبها روائيان، هل تتقبل الفكرة وتقرأها، أو لك رأي آخر بها..أجاب: «بالطبع سأقرؤها، أريد أن أتعرف على ما هو جديد فيها، وإلى أي حد يمكن أن تنفتح الرواية وتتسع لتضم كاتبين يبثان أفكارهما وأسلوبهما في سطورها، وهو ما عليه عالم السينما من خلال اشتراك أكثر من كاتب في كتابة سيناريو درامي، وقد نجح بعضهم في ذلك.

وما يدور في ذهني الآن هل يا ترى عندما أقرأ مثل هذا العمل الأدبي سأستطيع التفريق بين أسلوب كل كاتب منهما كما كنت تعودت عليه في الكتابة الفردية؟ هذا أحد التساؤلات الذي ينبغي التفكير فيه».

الإبداع في التفرد

من جانبه يقول الروائي السوداني أمير تاج السر أوضح: «في رأيي الشخصي، أن الإبداع الحقيقي، يأتي في تفرد أحدهم بالكتابة، أي أن يكتب فكرته ورؤيته الخاصة، وبأدواته الشخصية اللتين ربما استغرق زمنا طويلا في تكوينهما، ويخاطب بهما قراء، هم أيضا يعرفونه، وقضى وقتا طويلا أيضا، من أجل أن ينغرس بإبداعه وسطهم. هذا الكاتب الخبير ببيئته، ومفرداتها الذي قدم تلك البيئة، سنجده في الغالب مترددا وقليل اللمعان، إن شارك في كتابة فصل أو فصول رواية، ونجد من شاركه الكتابة، أيضا يعانون من العتمة التي لا علاقة للنص بها، ولكن لتجمهر الأدوات المختلفة في النص، وحتى الذي ابتكر فكرة النص وابتدأ الكتابة، قد يحس بالارتباك نفسه، وهو يكتب فكرته داخل نص متعدد الأصوات.

لو أردنا كتابة رواية عن الريف المصري مثلا، سنجد عشرات وربما مئات الكتاب المصريين، عالجوا تلك الفكرة من قبل، وفي نصوص جيدة مبهرة، استمتع بها القراء، وفي الوقت نفسه وجدت قبولا لدى النقاد، في زمن قلت فيه الكتابة النقدية، سنجد أعمالا لتوفيق الحكيم، ويحيى حقي، ونجد أيضا ليوسف أبو رية ووحيد الطويلة، وغيرهم كثيرين، لكن إن وضعنا فكرة واحدة، مثل فكرة رواية «يوميات نائب في الأرياف»، لتوفيق الحكيم، إحدى أجمل الأعمال الكتابية المعاصرة، وطلبنا من كل هؤلاء المجيدين أن يكتبوها، بحيث يشارك الكاتب بفصل واحد أو اثنين، سنحصل على كتاب، ونحصل على حكاية قد تكون محكمة في الحبكة والتفاصيل لكنها ليست لامعة ولن تجد القبول الذي يكفي ليجعلها محط أنظار ونقاش، مثل «يوميات نائب في الأرياف» التي كتبها توفيق الحكيم.

أيضا لو نظرنا لقضية الحرب، التي تطال دولا عربية عديدة هذه الأيام، ونظرنا إلى تداعياتها من تمزق وتشريد ودمار، لما كان عامرا في الماضي، سنجد أبجديات النصوص التي تتحدث عن ذلك واحدة، الدمار في طرابلس الغرب، هو الدمار في الفلوجة، في العراق، في حلب في سوريا، في أي مكان آخر، فيه سياط من لهب، والإنسان الذي مات أو تشرد أو جاع، أو اكتهل فجأة من جراء الموت اليومي، الذي يعانيه، هو الإنسان في كل مكان، وحتى أدوات الموت واحدة لا تتغير، والذي يلقي القنبلة الحارقة هنا، هو شبيه بالذي يلقيها هناك وهكذا.

أي كاتب متمرس من هذه البلدان، يمكنه التقاط هذه الأبجديات وكتابتها في نص روائي، مطعم بخياله، أو حتى غير مطعم، لا يهم. أي كاتب سيكتب التفاصيلنفسها مع اختلاف في المكان فقط، لكن إن طلبنا من خمسة كتاب ينتمون لخمس دول تعاني من تلك المأساة، أن يكتبوا، سنحصل على نص فيه تباين كثير، فيه انفعال هنا وبرود هناك، فيه دم غزير هنا، ودم متجمد هناك. سيكتب كل فرد حصته بأدواته هو، ويعالج بتلك الأدوات، خامات الكارثة. وأيضا هنا ثمة تساؤل عميق: لماذا لا يكتب كل واحد نصه الدامي وحده، وبأدواته الفنية وحدها؟»

أشجع التشاركية وأتساءل

من جانبه قال الروائي السوري محمد الحفري: «الرواية التشاركية أو المشتركة، كما يروق لنا أن نطلق عليها نادرة وقليلة جداً وقد لا يعلق منها في ذاكرتنا سوى القليل، وعندما تذكر تتبادر إلى أذهاننا فوراً، رواية «عالم بلا خرائط» لجبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف. ولا أدري السبب في ذلك بالتحديد علماً أن هناك أمثلة في مصر وباقي الدول العربية وكان أخرها حسب علمي رواية «سنلتقي ذات مساء في يافا» التي صدرت في العام 2016م عن الهيئة السورية الكتاب للصحفي عمر جمعة، والكاتبة عبير القتال وهي رواية جميلة كتبت عنها في الصحافة المحلية فيها تعالق بين صوت الكاتبين ولا يوجد أي تبارز أو تنافر في صوتيهما. وقبل أن أجيب على سؤالك صديقي المحترم دعني أسأل معك ففي ذلك كما أرى إحاطة أكبر للموضوع فكيف تكتب مثل هذه الأعمال؟ وهل المقياس يكون بعدد الكلمات مثلاً؟ أم بالوقت الذي يقضيه كل كاتب؟ هل يكون من خلال تقسيم النص وتقطيع الأفكار وتوزيعها بين الشريكين أو أكثر؟ وأسئلة كثيرة يثيرها هذا الموضوع قد يكون أبرزها السؤال التالي هل كتابة نص تشاركي هو أمر سهل أم صعب؟

أنا شخصياً مع الرواية التشاركية ومن المنظرين لها كما كنت من قبل من المنظرين ً، وعموماً أنا مع التجريب وأردد دائماً النص الجميل هو المعيار فقط ، أعطني نصاً جميلاً وسأشهد لكتابتك بالجمال ، ويمكن أن يتشارك كاتب أو عدد مفتوح من الكتاب في إنتاج نص روائي كما يحدث عند كتابة السيناريو مثلاً ومدى النجاح والفشل يتوقف على الكتاب أنفسهم واتفاقهم على الحكاية بداية ثم الحبكة وسير الأحداث والطرائق السردية، وما من شك أن الفروق الفردية ستبرز، فكما نعلم نحن أن هناك كاتبا جيدا وكاتبا وسطا وقد يكون بينهما كاتب في بداية الطريق، لكنني أؤكد لك أن هذه المشكلة العويصة ستحل إذا توافرت المحبة بين أطراف العمل وزالت الأنانية وذاب الفرد مع الجماعة وهي لا تحل بغير ذلك. المؤكد أن عملاً كهذا يحتاج إلى الكثير من الحب والإخلاص والتفاني في الكتابة والأهم الاستعداد للتضحية ليغدو العمل بروح واحدة وجميلة. وجواباً على سؤالك بأن الفكرة قد راودتني أقول نعم، وقد تشاركت مع عدد من الأصدقاء وكتبنا في مجال السيناريو عدداً من اللوحات التي تم تصويرها، كما تشاركت مع صديق تربطني به علاقة وثيقة في كتابة رواية لن أبوح باسمها الآن لأنها تشارك في مسابقة خاصة بهذا الفن.

قلت بداية أنني مع جميع التجارب، وشخصياَ سأقبل التشاركية حتى لو عرض عليّ الأمر من قبل هاو أو مبتدئ في هذا المجال. وطبعاَ قبولي مقترن بشرط الفكرة الجميلة والحماسة للعمل والأهم المحبة والتوافق».

ولادة مشوهة

الصحفي عبد الحليم حفينة - المحرر بقسم الثقافة في بوابة روز اليوسف الإلكترونية يقول: «أعتقد أنه من المقبول في كتاب فكري - يناقش قضايا اجتماعية أو سياسية إلخ- أن يكون هناك أكثر من مؤلف، وربما قد يثري هذا التشارك العمل، فكل كاتب يقدم فكرته المستقلة في نطاق الفكرة الأساسية للكتاب، أما الكتابة الروائية فهي عمل إبداعي أشبه بمن ينحت تمثالًا له وحدة فنية واحدة، والوحدة المتمثلة في بناء عمل روائي تعتمد بشكلٍ أساسي على تكوين الكاتب، خلفياته المعرفية، خبراته الحياتية، نظرته للعالم، وفلسفته الخاصة لفهم الحياة، هذا التكوين ينطبع بالضرورة على الشخصيات والأفكار والرسائل المراد تمريرها، كل هذا المفترض أن يقدمه كاتب واحد حتى لا نصبح أمام عمل مفكك غير مترابط في بنائه وأفكاره. ولأن الأدب شأن أي منتج إنساني إبداعي يثريه التراكم، يمكن أن نلقي نظرة على الإنتاج الأدبي في آخر قرنين، لنرى هل هناك أعمالًا مميزة كتبها أديبان.. الحقيقة لا يوجد رواية بهذا الشكل حازت على المكانة التي تحتلها رواية الأديب الواحد، أعتقد أن هذه الفكرة غير قابلة للتطبيق في الظروف العادية، وإن خرجت للنور ستكون مشوهة إلى حد بعيد».

إغراء للقراءة، وتجربتنا متميزة

الكاتب والإعلامي سهيل الديب من سوريا له تجربة تشاركية قال:»حين استشهد الأديب علي العبدالله وكان صديقا حميما وجدت وراءه أنا وصديقي الروائي محمد الحفري مخطوط رواية لا تتجاوز العشرين صفحة كان قد اخبرنا عنها، لكن هذه العشرين صفحة حرضتنا على متابعة ما بدأه الشهيد وخاصة أنه أجاد بها أيما إجادة، كنا نستعرض أفكار الرواية معا، ويتابع كل منا بأسلوبه تفاصيلها ومآلاتها وحبكتها ونهايتها وخرجت في نهاية الأمر عملا جميلا ومميزا.

باعتقادي الشراكة الأدبية في هذا المجال قد تعطي قيمة اكبر لأي رواية ولاسيما إننا نقدم فيها عصارة فكرين أو أكثر أحيانا إضافة الى الاستزادة من الآخر والاستشارة الفكرية والفنية، وأحيانا الصراع على نشر فكرة أو طرح فكرة جانبا، أما الأسلوب أو السرد، فكثيرا ما يكون متشابها بين الأصدقاء أو بين امرأة ورجل، ولا بأس من بعض الاختلاف في الأسلوب، شريطة ألا يظهرا متنافرين متضادين، وكأن لكل منهما روايته وأفكاره المناقضة لشريكه.

باختصار يغريني أن أقرأ لكاتبين معا فهما يغنيان النص أكثر، ودعني أقل أن هذه المنافسة الضمنية قد تغني أي نص ولا سيما أن كلا منهما أو منهم سيحاول جاهدا استعراض عضلاته الفكرية وشحذ همته لتقديم أفضل ما عنده».

الفكرة تراودني

الكاتبة شمسة العنزي من الكويت أجابت قائلة: «الفكرة بحد ذاتها جميلة جدا. ولا يوجد مانع من تنفيذ فكرتها. أما نجاحها وفشلها أتصور يعتمد على تمكن كلا الكاتبين من أدواته. وأن يكون في انسجام بالطرح وليس كل يغني على ليلاه. بمعنى أن تكون الفكرة واضحة وأن تكون هناك رسالة يقدمانها وليس لمجرد الكتابة وتنفيذ فكرة بلا هدف ولا رسالة.

لست روائية أو على الأقل الى هذه اللحظة. ربما مستقبلا.وتراودني الفكرة حقيقة لو كان الوقت والظروف تسمح لما لا، خاصة لو وجدت كاتب أو كاتبة مقاربة لفكري وانسجم مع أسلوبهم في السرد.

بشكل عام الفكرة رائعة لو كانت هادفة وذات رسالة وأسلوب سهل وممتع لا يدعو للملل أو التشتت أثناء القراءة.وفِي لحظات كثيرة راودتني الفكرة، خاصة بعد قراءة رواية (غواية الماء) للأديبة السورية ابتسام تيريسي، كتبت عن ثلاثة أشخاص من ثلاث دول عربية كلّ يكتب جزءا منها والأحداث التي يعيشها ببلده على ما أذكر بطريقة تبادل الرسائل».

لايقبل القسمة على أثنين

أما الكاتب إبراهيم صموئيل من سوريا كتب عن التجربة يقول: في ما يتعلق بالنتاج الأدبي من قصة وشعر ورواية فأمر التشارك بين كاتبين أو أكثر غير وارد، لأنه مخالف لطبيعة الأدب، ويخرج بالنص المكتوب عن جنسه ونوعه إلى جنس ونوع آخر من الكتابة، كما أرى أن العمل الأدبي فردي بامتياز، مزاجي وشخصي، بل وأناني بامتياز أيضا.

يصعب على المبدع فيه القبول بالتداخل أو الاقتسام أو الاستكمال، فهو عالمه ومشاعره ورؤاه ولغته وصوره وذائقته الأشد خصوصية من بصمة يده.

من هنا، يمكن أن نفهم لماذا لم تشق تجربتا التشارك الروائي، سواء بين حسين والحكيم، أو منيف وجبرا دربا تعبيريا عربيا للكتابة الإبداعية المشتركة، ولا تمكننا من تكريس تقليد جديد في حياتنا الثقافية العربية، الأمر الذي جعل التجربتين تنتهيان إلى فراغ كما جاءتا من فراغ.

أيا يكن، فعندي أن تقييد الكاتب لعالمه ولغته ورؤيته وإحساسه وخياله بما لدى كاتب آخر لا ينتج إبداعا أدبيا مهما بلغت درجة الانسجام بين الكاتبين، إضافة إلى أن الأدب بالذات - دون غيره من صنوف الكتابة والسرد- لا يقبل القسمة على اثنين أساسا، وإن جرب هذا فلا يثمر ولا يستمر.

قائمة أعمال مشتركة

■ «القصر المسحور» طه حسين وتوفيق الحكيم.

■ «في مقام العشق» و«العالم على جسدي» يوسف نبيل وزينب محمد.

■ «عالم بلا خرائط» لعبدالرحمن منيف، وجبرا إبراهيم جبرا.

■ «ألواح من ذاكرة النسيان»، عامر الدبك وبهيجة مصري إدلبي.

■ «المستطرف الليلكي» خطيب بدلة وإياد محفوظ.

■ «في رثاء عامودا» عبد اللطيف الحسيني وغسان جانكير

■ «ربيع المطلقات» لنزار دندش ونضال الأميوني.

■ «يوميات آدم وحواء» لنزار دندش ونرمين الخنسا.

■ «ملك اللوتو» لجهاد بزي وبشير عزام.

■ رواية «أنا الآخر» للاماراتي محمد سيف الأفخم واللبنانية سونيا بوماد.

■ رواية صينية «حواشي الماء»، ألفها عدد من الكتاب في القرن الرابع.

■ «الحصـــان الأخضر» لكل من، منير أمير وعبدالله حبة وعبدالله حسن وعبدالله جـــــــــــواد .