Unti88tled-1
Unti88tled-1
عمان اليوم

ندوة «الإتجار بالبشر»: التعامل مع الضحايا يجب أن يكون في بيئة مريحة تشعرهم بالأمان

04 سبتمبر 2018
04 سبتمبر 2018

أوصت ببناء قدرات كوادر الشرطة والادعاء والقضاء والتعاون مع المحامين -

كتب: عامر بن عبدالله الانصاري -

دعت «الندوة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر» التي نظمتها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، الى تدريب فريق من الخبراء والمدربين الوطنيين من الجهات الشريكة بمعرفة الأمم المتحدة لاستخدامهم كخبراء على المستوى الوطني، وكذلك في برامج الأمم المتحدة على المستويين الإقليمي والدولي لتقديم نموذج سلطنة عمان.

وأوصت الندوة أمس في ختام أعمالها التي استمرت يومين بالمعاونة والتأكيد على أهمية بناء قدرات الكوادر العاملة لدى الجهات الوطنية بغية إنشاء وتفعيل الإدارات وفرق العمل المتخصصة في قضايا الاتجار بالبشر «شرطة عمان السلطانية - الادعاء العام - القضاء - وزارة القوى العاملة - ومراكز الإيواء»، والمساندة في تصميم وتنفيذ مبادرة وطنية للتوعية والوقاية وذلك بغية التعريف بالظاهرة وكيفية التعامل معها «الخط الساخن - برامج توعوية».

كما أوصت ببناء قدرات في جهات الإعلام حول جرائم الإتجار بالبشر وذلك استنادا على الدليل التدريبي الخاص بالأمم المتحدة لتفعيل دورهم كشريك فاعل في مواجهة هذه الظاهرة، والمعاونة في تنسيق وتفعيل فريق التدخل السريع وذلك تماشيا مع نظام الاحالة الوطني لضحايا الإتجار بالبشر بالتعاون والشراكة مع كافة الجهات الوطنية المعنية وبإشراف أعضاء اللجنة الوطنية، وذلك وفقا لآليات عمل اللجنة والطريقة التي تراها مناسبة، على أن يأخذ بعين الاعتبار الاطلاع على تجارب الدول الشريكة وتبادل الخبرات.

كما أوصت الندوة على المعاونة في تنسيق الجهود الوطنية في مجال التعاون الدولي حول قضايا الاتجار بالبشر، والعمل على التوقيع على مشروع مذكرة التعاون بين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وجمعية المحامين العمانية لتفعيل دور محامي الدفاع لتقديم المعاونة والحماية القانونية لضحايا الاتجار.

مرحلة التحقيق

وكانت الندوة، في يومها الختامي، التي رعى حفل ختامها سعادة المدعي العام حسين بن علي الهلالي، قد استعرضت عدة أوراق عمل، وعقدت جلستان نقاشيتان سنحت للحضور طرح تساؤلاتهم ووجهات نظرهم.

وقدم الدكتور القاضي حاتم علي علي الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي كلمة اللجنة فريق العمل للندوة قال فيها:"نتمنى في نهاية الندوة وفعالياتها أن نكون قد استطعنا من خلال الحوارات أن نقف معا على توصيات ناجحة لترقية وتطوير المنظومة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، والتي بالفعل بذلت فيها السلطنة جهودا كبيرة تمثلت في انشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وتفضل سعادة المدعي العام بإنشاء الادارة المتخصصة في قضايا الاتجار بالبشر، وكذلك شرطة عمان السلطانية بإنشاء قسم خاص بتلك القضايا، ونتمنى ان تكون هذه جميعها نماذج تستطيع بإذن الله في الفترة القادمة أن نقدمها من خلال خبرائنا وأن يكون خبراؤنا هم الحاضرون معنا في هذه الندوة، كما نتمنى أن نقف العام القادم ونحن نقدم النموذج العماني في منظومة الإحالة الوطنية أو في فريق التدخل السريع الذي يعمل على مدار الساعة".

وبدأت الندوة يومها الثاني والأخير بورقة قدمها ناصر بن عبدالله الريامي مساعد المدعي العام وعضو فريق خبراء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بعنوان "مرحلة التحقيق والاحالة – دور النيابة العامة"، وتناول فيها عدة مسائل منها خصوصية التحقيق في قضايا الإتجار بالبشر، واستراتيجية مقابلة الضحايا، ونمط الأسئلة التي ينبغي توجيهها، مؤكدا "أن التعامل مع قضايا الاتجار بالبشر لا ينسحب عليه ما يتبع في عموم القضايا، انما تستوجب معاملة خاصة لأنها ذات طبيعة خاصة، كما أن التحقيق في تلك القضايا تستلزم الوقوف على مؤشرات التعرف على ضحايا الاتجار بالبشر". وأوضح أن ما يجب مراعاته قبل البدء في مقابلة ضحايا الاتجار بالبشر عدة أمور منها مراعاة أن الضحية تعرضت للكثير من الأذى، كما أنها تعاني من الخوف، وعدم الثقة بالجهات الأمنية.

ومن ناحية المكان أشار الريامي إلى أنه يجب أن يتسم مكان المقابلة بالسرية التامة وأن يكون ذا مقاعد مريحة مع توفر المأكولات والمشروبات، كما يجب ان يكون خارج مكان الشرطة، مع ضرورة تهيئة أماكن خاصة للضحايا الأطفال من الألعاب والأثاث الخاص والألوان الزاهية. وتطرق في ورقته إلى مبادئ عامة لإجراء المقابلة، منها تعريف المحقق بنفسه، والعمل على كسر حاجز الخوف، وإفساح المجال للضحية لسرد شكواه.

وفي سياق حديثه تطرق مساعد المدعي العام إلى صورة من صور الإتجار بالبشر، وهي الممارسات "الشبيهة بالرق"، موضحا بأن هذا المصطلح قانوني، وتندرج تحته صور متعددة، منها عدم دفع الأجر للضحية، وفرض ساعات تفوق المحددة دون أجر إضافي، وحظر التنقل من عمل إلى آخر، وعادة تزويج الأرملة إلى اخ الزوج المتوفي قسرا، وتزويج المرأة دون أن يكون لها حق الرفض.

المحاكمة

بعد ذلك قدم الدكتور أشرف حجازي خبير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ورقة بعنوان "مرحلة المحاكمة – دور العدالة في إثبات إدانة مرتكبي الجريمة وحماية الضحايا"، أوضح فيها أن دور المحكمة كبير ودقيق جدا، ويجب ان يستند إلى عدة أمور منها فحص الأوراق والأدلة، وتقارير الخبراء إن وجدت، وتحديد الفعل المنسوب لكل متهم أو ضحية، وتحديد دور المتهمين والأدلة، وتحديد الشهود أو الأدلة التي تحتاج لمزيد من الايضاح، والمداولة مع أعضاء دائرة التحقيق حول القضية، إضافة إلى رسم خطة لنظر القضية حتى الانتهاء من إعدادها للفصل فيها.

التنسيق الوطني

ومن الأوراق التي تم تقديمها، ورقة بعنوان "دور وأهمية التنسيق الوطني لترقية جهود الدولة"، تحدث فيها كل من الدكتور القاضي حاتم علي الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، و"دونالد بيونشر"خبير اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر. وأشار القاضي حاتم علي الى أن للسلطنة طموحا كبيرا في صنع منظومة متكاملة ونموذج شامل لتقدمه لبقية الدولة للعمل وفقه، مؤكدا أن هذا بحد ذاته حمل كبير يجب من خلاله توحيد كافة الجهود المحلية وغير المحلية، وأنه يتطلب عملا حثيثا بين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وموضحا أنه في هذا المحفل يجب أن نخرج برؤية موحدة تتفق على ملامح هذا الحمل الكبير.

فيما أشار "دونالد  بيونشر" إلى أن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ملتزمة بخطة عمل عملت عليها منذ عامين، وأن مثل هذه الندوات لها أهمية كبيرة، لذلك كان من ضمن الخطة أن يكون هناك تعديل وتحديث في مسار العمل والإجراءات والخطط في كل عام، ومن أهم خطط اللجنة ويأخذ حيزا كبيرا منها عملية التوعية لكافة شرائح المجتمع، وتستهدف عدة جهات أبرزها المطارات، والمجمعات التجارية، وأماكن تجمعات القوى العاملة الوافدة، وهناك تعاونات مع عدد من الجهات، ومنها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لتوعية المصلين خاصة في الأماكن التي تشهد حركة تجارية لاستهداف أكبر عدد من فئة القوى العاملة الوافدة.

الجلسة النقاشية

وتضمن اليوم الختام للندوة، على غرار اليوم الأول، جلستين نقاشيتين، ادارهما الإعلامي موسى الفرعي، حيث طرح فيها الحضور تساؤلاتهم ووجهات نظرهم حول العديد من الأمور، منها مدى استعانة الادعاء العام بالمحللين النفسيين، وكذلك دور السفارات في السلطنة في الحد والسيطرة من جريمة الاتجار بالبشر، وكذلك مدى تأهيل الضحايا.

وتنوعت إجابات المتحدثين، حيث أوضح ناصر الريامي مساعد المدعي العام أن الادعاء العام يستعين بعدد من الخبراء في مجال علم النفس، إلا انه أكد عدم وجود كوادر متخصصة بعلم النفس تعمل في الادعاء، كما أكد الريامي أن الادعاء العام بالتعاون مع الشرطة وكذلك اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر من خلال الخروج من جو العمل التقليدي إلى الأسواق والمهرجانات والمجمعات التجارية بهدف نشر التوعية بالطريقة السليمة للتبليغ عن حالات الاتجار بالبشر، وكذلك التعامل مع الضحايا.

كما أشار الريامي إلى أن هناك تعاونا مع وزارة القوى العاملة، لمحاولة البحث عن فرص عمل لضحايا الاتجار بالبشر بهدف تأهيلهم نفسيا ومعنويا.

كما طلب الريامي من ممثلي السفارات أنهم في حال تلقي شكاوى من رعايا بلدانهم بأنهم ضحايا اتجار بالبشر، ابلاغ الجهات المعنية الأمنية مباشرة، وتلك الجهات بدورها ستقوم بالتحقيق لمعرفة ملابسات الضحية فيما إذا كانت صحيحة أو غير صحيحة.