546
546
عمان اليوم

العلاقة المتينة بين المعلم والطالب وولي الأمر تعزز نجاح المسيرة التربوية

31 أغسطس 2018
31 أغسطس 2018

وقفات ورؤى تربوية مع بداية العام الدراسي الجديد -

استطلاع: سالم الحسيني -

يتهيأ الطلبة غدا للعودة إلى مدارسهم من جديد، يأخذهم الشوق نحو مقاعد الدراسة، يحمل كل واحد منهم أهدافا جديدة وأمنيات عديدة، وأمنيات متعددة، حول هذا الموضوع كانت لنا لقاءات عابرة مع عدد من المعلمين في الحقل التربوي حيث أكد جميعهم على ضرورة تكريس الجهود لبناء جيل يحمل أمانة العلم وتبليغ هذه الرسالة السامية والدفع بها نحو سلم الرفعة والمجد، مؤكدين حرصهم على ضرورة تحصيل المعرفة وتحقيق الإنجازات والارتقاء بهذا البلد إلى آفاق التميز والإبداع. مبينين من خلال هذا اللقاء الطرق المثلى في التعاون البناء بين الطالب والمعلم وبناء علاقة حميمة بين المعلم والطالب وولي الأمر حتى تظل المسيرة التربوية تفرز أجيالا يعوّل عليها لبناء هذا الوطن العزيز لأنهم الركيزة الأساسية في العملية التعليمية ولا بد من بذل الجهود من أجل الارتقاء بمستوياتهم السلوكية والتحصيلية.

يحدثنا بداية عبدالله بن علي الجهوري معلم لغة عربية بمعهد العلوم الإسلامية فيقول: كل عام وأنتم بخير بمناسبة انطلاقة العام الدراسي الجديد، الذي نسأل الله أن يكلل عملكم فيه بالنجاح ويجعله عاما مليئا بتحصيل المعرفة وتحقيق الإنجازات والارتقاء بهذا البلد إلى آفاق التميز والإبداع. وهنا استثمر هذه السانحة للتنبيه على أهمية حرص الطالب على الانطلاق بمهاراته وقدراته وإعادة الحسابات مع بداية العام والتخطيط لجعل هذا العام أفضل من الذي قبله والتركيز على أهداف بعينها مع محاولة كتابة الوسائل المعينة على تحقيق هذه الأهداف ومتابعتها. كذلك يجدر بالطالب أن يعي أن قدراته المعرفية تتجاوز ما يقدم في الغرف الصفية، فمن المهم جدا ألا يعتمد التلميذ على المهارات المقدمة في الصف بل أن يتخذ مما قُدم في الفصل دليلا يسترشد به في تحصيل المعرفة وتعزيز المهارات، فالمعلم لا يقدم المعرفة بقدر ما يقدم طرقا مبتكرة ووسائل تعين التلميذ على تطوير نفسه.

وحول ضرورة توجيه الطالب ليكون ايجابيا في المدرسة مشاركا في جميع الأنشطة المدرسية فأوضح قائلا: الكثير من المهارات والمعارف لا يكتسبها الطالب في غرف الصف المغلقة بل أثناء تفاعله مع مكونات العملية التعليمية المختلفة ولعل أهمها الأنشطة المدرسية التي يمارس من خلالها الطالب مهاراته وهواياته ويطبق أثناء ممارستها ما تعلمه في قاعات الدرس، فعلى الطالب الحرص كل الحرص على الاشتراك في الأنشطة المدرسية ليتسنى له اكتشاف نقاط القوة في شخصيته وينميها، وحتى يكتسب الخصال التي تسعفه في القيام بدوره المنوط به كمواطن صالح يخدم هذا البلد وسلطانه. ويعتقد الكثير من الطلبة وبعض أولياء الأمور أن الأنشطة مضيعة للوقت لكنها في الحقيقة بجانب كونها نافذة للترويح عن النفس وممارسة أدوار اجتماعية تشاركية، تقدم للطالب - على سبيل المثال - فرصة تنمية روح البحث العلمي، أو تطوير مهارات الكتابة الإبداعية، أو ممارسة المهارات القيادية وغيرها، ولا يفوتني التنويه بأهمية المشاركة في المسابقات بأنواعها وعلى مختلف المستويات حتى يتاح للطالب معرفة مستواه الحقيقي أثناء الاحتكاك بأقرانه.

أما عن الطرق المثلى في التعاون البناء بين الطالب والمعلم؟ وكيف يبني كل من الطرفين تلك العلاقة؟ وما أثر ذلك على المسيرة التربوية؟ فأشار الجهوري إلى أن البيئة التعليمية المثالية قائمة على مبدأ الشراكة بين المعلم والتلميذ فكلاهما يحتاج الآخر لتحقيق النجاح في مهمته، ولا بد من اجتهاد المعلم في تقديم ما يرتقي بالطالب مع مراعاة خصائصه الفردية وكذلك على الطالب أيضا أن يسخّر كل طاقاته للإفادة من الخبرات والمعارف والإرشادات التي يزوده بها المعلم، ولا بد أن تقوم العلاقة على الاحترام المتبادل والإيمان المشترك بضرورة الاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة.

وعن طريق تقديم النصيحة سواء كان من قبل المعلم او الطالب بأسلوب تربوي بغرض تقويم سلوك سلبي بدر من أحد الطلبة فأوضح قائلا: صحيح، كانت العرب تقول " أخوك من صدقك النصيحة" ولا شيء أثمن من نصيحة تقدم في السر أو ضمنا دون إشارة أو تصريح كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم. والطالب لاسيما الذين هم في مرحلة المراهقة يأنفون من نصيحة العلن ويجب التحلي بالأناة والرفق إبان التعاطي معه ويراعى بيان أن سلوكه مرفوض وغير مقبول مع مراعاة ترك مساحة للطالب للعودة إلى جادة الصواب.

وحول توعية الطلبة بأهمية المحافظة على النظافة واتباع الأنظمة والقوانين المدرسية والمحافظة على مرافقها المختلفة قال: لله الحمد إن المحافظة على المرافق المدرسية وأدواتها أصبحت السمة الغالبة، وإن قلة ممن يعتدون عليها لا يدركون حجم الضرر الذي يلحقونه بأنفسهم وبأصدقائهم وزملائهم وذلك بحرمانهم من بيئة تعليمية مثالية وُفرت لهم بالأساس، فهم لا يختلفون عن أولئك الذين يخربون بيوتهم بأيديهم. وهنا أقول لابد من دراسة دوافع هذا السلوك دراسة علمية تسعفنا في معالجة هذه النقطة التي نأمل أن تنتهي عما قريب. وعلى أولياء الأمور التعاون مع المؤسسات التعليمية في إرشاد أولادهم وحثهم على المحافظة على المرافق والأدوات.

أما عن تأثير السهر على التحصيل الدراسي الذي اعتاده بعض الطلبة أثناء الإجازة الصيفية فأوضح: إن نوم الطالب متأخرا يعرضه للكثير من المشاكل التي تتعلق بصحته أولا، فحسَب الدراسات العلمية إن النوم المبكر له آثاره المباشرة على صحة القلب والحالة المزاجية ناهيك عن المشاكل التي تتعلق بالقدرة على الاستيعاب والتركيز في الغرف الدراسية وانعكاسها على علاقته بباقي مكونات العملية التعليمية. فالطالب الذي لا ينام مبكرا لا يستيقظ مبكرا وبالتالي يتأخر عن المدرسة ويكون عرضة لنسيان بعض الأدوات المدرسية وكذلك صعوبة في الفهم والاستيعاب.

وعن أهمية المحافظة على الصلاة وتلاوة القرآن الكريم ومراجعة ما حفظه الطالب من آيات الكتاب العزيز على مستوى الطالب ، فأكد الجهوري أن المحافظة على الصلاة جزء مهم في حياتنا تتعلق بالامتثال للأمر الإلهي كما أنها إحدى أدوات المساعدة على الانضباط والمواعيد، وكذلك حفظ القرآن الكريم يشكل اللبنة الأولى في تحرير طاقات التذكر والفهم والتفكر وهي بلا شك تعزز الطاقة الروحية التي يمدنا بها الدين فلا نحيا إلا بها.

من جانبه أشار بدر بن حمدان الحسيني - معلم أول لمادة اللغة العربية بمدرسة محمد بن شيخان السالمي- فاستهل حديثه معنا بتهنئة الطلبة بالعام الدراسي الجديد مقدما بعض الارشادات حيث قال: بداية يطيب لي تهنئة طلبة العلم بالعام الدراسي الجديد وأوصيهم وأولياء الأمور بما هم أهل له من الجد والاجتهاد والمثابرة لتحقيق ما يصبون لتحقيقه من آمال وتطلعات، ومن هنا يجب على الطالب أن يضع نصب عينيه على التفوق العلمي والإسهام الإيجابي والمشاركة الفعالة في الأنشطة المدرسية لما لها من آثار إيجابية جمة في بناء شخصيته، وتوسيع مداركه.

وتطرق إلى الطرق المثلى للتعاون بين المعلم والطالب مؤكدا أن حُسن الأداء من طرف المعلم وحُسن التلقي من طرف الطالب يكون بناؤهما بالسعي الدؤوب من كلا الجانبين لتطوير العملية التعلمية مما ينعكس على المسيرة التربوية والتعليمية بشكل عام فالنصح والإرشاد وبث الوعي أمور لا يمكن الاستغناء عنها فهي من الأركان الأساسية في الميدان التربوي للنهوض بالمستوى الفكري والثقافي والذي تظهر نتائجه على السلوكيات الفردية للطلبة.

وحول ضرورة المحافظة على النظام ومرافق المدرسة والوسائل التعليمية فيقول: وجدت هذه الأشياء من أجل الطالب؛ فإفسادها أو تعطيلها يفضي إلى تعطيل مصلحة الطالب وبالتالي يجني ثمار هذا السلوك الخطأ ومن هنا يجب على كل فرد في المجتمع المدرسي أن يحارب هذه الممارسات الخاطئة وتقويمها، وبيّن في هذا الجانب أن السهر من أكثر الممارسات الخاطئة التي تهدد الجسم وتوهن الذهن وتُضعف الذاكرة؛ مما ينتج عنه التأخر الدراسي، أما النوم المبكر والاستيقاظ المبكر فيبني الجسد بناء صحيا ويُوقد الذهن ويحمي الذاكرة من الوهن؛ لذا ينبغي على أولياء الأمور الحرص على متابعة هذا الأمر لدى أبنائهم، وبيّن أن إرشاد الطلبة بضرورة المحافظة على الصلاة أمر في غاية الأهمية فهي عماد النجاح في الحياة فمن حافظ على صلاته في وقتها تيسرت له الصعاب وانقادت له الحياة وانساق له الخير ومن جعل القرآن الكريم نور قلبه وربيع دربه رافقته السعادة وغشاه الأمل.

كذلك تشاركنا الحديث حول هذا الموضوع رسمية بنت نظر عاشور الفضة مديرة مدرسة القرآن الكريم بصلالة مستهلة حديثها بهمسة لولي الامر قائلة له: عزيزي ولي الأمر إن أبناءكم أمانة في أعناقكم وأنتم أهل الأمانة وصيانتها أوصيكم بالمحافظة على متابعة أبنائكم في الحفظ والمراجعة والحضور والتواصل مع المدرسة أولا بأول. مبينة أن توجيه الطالب وتحفيزه على المواصلة للحفظ وذلك بعمل مجموعات تتنافس فيما بينها وتقسيم المجموعات بينهم لتفعيل النشاط وتنوعه وتكريم الطالب المتميز في الأنشطة ورفع مستوى الطالب المتوسط ودمجه مع الطالب المجيد لرفع مستواه أمور يجب أن يأخذها المعلم في الحسبان، وكذلك متابعة الطالب داخل الحصة وخارجها وبث روح التنافس بين الطلبة لا يجب أن يغفل عنه المربون.

وأضافت: لابد من توجيه الطالب وتوعيته بأهمية المحافظة على الخلق القويم والسير بمنهج القرآن واتباعه لأن ذلك له أهمية في صنع جيل واع ومثابر فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الدين النصيحة" وكذلك حري بولي الأمر تنبيه ابنه للمحافظة على المرافق العامة واتباع القوانين التي وضعتها المدرسة والتخلق بخلق المؤمن وإشعاره بأهمية المسؤولية. وكذلك توجيهه بضرورة المحافظة على الوقت لأنه من أهم الامور التي يجب على الطالب المحافظة عليها فالنوم المبكر يعين الطالب على تجديد نشاطه والقيام بأعماله اليومية، قال تعالى: (وجعلنا نومكم سباتا) اي راحة لأبدانكم ليتهيأ من خلالها لساعات طويلة من العمل في النهار والاستيقاظ بهمة ونشاط والمحافظة على صحة الجسم. وكذلك ضرورة توجيهه للمحافظة على الصلاة فهي من أعظم الأعمال بعد الإيمان بالله، مؤكدة ان ذلك يعين كذلك على الحفظ والمراجعة من خلال القيام بأداء الصلوات وتلاوة ما تم حفظه ومراجعته فذلك يعين على التثبيت لما تم حفظه والخشوع عند أداء الصلاة وهذه الطريقة من الأمور المعينة على الحفظ.