oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الاستيطان يلتهم الأرض في القدس والضفة الغربية

31 أغسطس 2018
31 أغسطس 2018

أن المحادثات التي أجراها جون بولتون مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي في إسرائيل قبل عدة أيام ، تعد على جانب كبير من الأهمية ، ليس فقط فيما يتصل بالقضية الفلسطينية ، ومحاولات واشنطن بلورة ما يعرف “ بصفقة القرن “ ، التي لم يحدد بعد تاريخ للإعلان عنها ، ولكن أيضا فيما يتصل بالتطورات في المنطقة ، خاصة وأن لقاءات بولتون ووزير الدفاع الإسرائيلي افيجدور ليبرمان ، شكلت الجزء الأكبر من الزيارة . يضاف إلى ذلك أنه من المؤكد أنه ليس من المصادفة أن يتحدث الرئيس ترامب ، بالتزامن مع انتهاء زيارة بولتون لإسرائيل ، عن أنه تمت إزالة قضية القدس عن مائدة المفاوضات ، وهو يقصد بالطبع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ، باعتبار أن القدس هى إحدى أهم قضايا مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل إلى حل شامل ودائم وعادل كما هو مأمول . وفي حين انتقدت منظمة التحرير الفلسطينية هذا الموقف من جانب الرئيس الأمريكي ، فإن بولتون ألقى بكرة استئناف المحادثات بين الفلسطينيين والولايات المتحدة في ملعب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، في محاولة لإظهاره بأنه هو من يعرقل المحادثات ، في حين ان المواقف الأمريكية والإسرائيلية هى التي تدفع عباس إلى مواقفه التي اتخذها مؤخرا ومنها وقف الاتصالات مع واشنطن .

على صعيد آخر فإن حكومة بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل ، تسعى جاهدة ، من خلال بلدية الاحتلال في القدس ودائرة أراضي إسرائيل ، إلى تكثيف عمليات الاستيطان ، وإنشاء نحو عشرين ألف وحدة استيطانية في مستوطنات القدس والضفة الغربية المحتلة ، بما في ذلك إنشاء أحياء جديدة في المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بالقدس ، وزيادة أعداد الوحدات في بعضها ، وإقامة مناطق صناعية وتجارية ، وتجديد البنية الأساسية في القدس الشرقية المحتلة ، وإعادة تخطيطها في إطار استكمال عملية التهويد المنظم لها ، وزيادة ربطها ضمن القدس الموحدة وبشكل يصعب معه عملية إعادة فصلها مرة أخرى في النهاية ، وذلك تحقيقا للأهداف الإسرائيلية المعروفة .

وفي الوقت الذي أصبحت فيه قضية الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية المحتلة قضية تهم المجتمع الدولي كله ، وليس فقط الفلسطينيين وإسرائيل ، باعتبار أن السلام الشامل والعادل والدائم في الأراضي الفلسطينية هو وحده الذي يحقق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ، وأن عرقلته او تأجيله ، أو القضاء على فرص تحقيقه عبر تكثيف الاستيطان الآن يضر بالأمن والاستقرار في المنطقة ويعرضها للخطر ، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج ، فإن مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة السياسات الإسرائيلية الاستيطانية ، والرامية إلى طمس الهوية الفلسطينية للقدس الشرقية وللأراضي الفلسطينية المحتلة ، لا تقل عن مسؤولية الفلسطينيين والعرب في مواجهة هذه السياسات بكل الوسائل الممكنة ، سياسيا واقتصاديا وقانونيا وإعلاميا ، وهو ما ينبغي أن تسهم فيه جامعة الدول العربية والمنظمات والهيئات العربية والإسلامية المعنية ، ولكن ذلك كله يتوقف في النهاية على مدى تماسك ووحدة الموقف بين الفصائل والقوى الفلسطينية ، التي لا تزال تتناحر حتى الآن .